syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
أحلا من باريس ....وكل الدنيا ... بقلم : وسيم أحمد

في إحدى قرى مدينة طرطوس وعلى مسافة 30 كيلو متر تقبع قريتي البسيطة الجميلة على سفح جبل يرتفع نحو 800 متر عن سطح الأرض, هي ببساطة مؤلفة من عائلتين وخمسا وعشرين بيتا, تتناوب البيوت بين القديم الحجري والحديث من البلوك


تبتعد قريتي عن الطريق الفرعي نحو كيلو متر ويبتعد الطريق الفرعي عن أتوستراد طرطوس اللاذقية نحو 18 كيلو متر , تغزو نباتات الحبق والقرنفل والعطرة واجهات البيوت البسيطة تحت مظلة من العنب البلدي أو تحت سنديانة كبيرة  أو تحت شجرة جوز لتركب أجواء عفوية أبطالها هم أهل البيت والذين يتسامرون بالحديث عن نوادر ح وطرافته في مغامراته مع الضباع والأفاعي ,,,,من وحي خياله طبعا,,أو في الحديث عن المحصول المنتظر من ألاف أشجار التفاح والزيتون........

 

هم عزيزي القارئ من البساطة بحيث تعني لهم دمشق هذا السفر البعيد المتحضر المتمدن . تحد قريتنا من الجهات الاربعة أحراش السنديان والبلوط ,,,,,تتخللها مئات شجيرات التين والبطم والديس البري .... في الليل لا يتحرك إلا ضوء الطائرة في السماء بين ألاف النجوم المترامية الحالمة الهانئة بينما يخرق صمت الليل أحيانا عواء قطعان ابن أوى والتي تذكرك بين الفينة والأخرى بأنك لست الساكن الوحيد في هذت البقعة الحالمة,,,,,

انها من الروعة بحيث انك لا تتمنى النوم أبدا وعندما تنام فإن بضعة ساعات تكفيك لتستيقظ وتراقب الندى الذي غطى كل شيء وبلل صحن الموالح المنسي على طربيزة السهرة ,,,,تقبع أمامه كاسة المته متعبة من المص والشروقة........

 

جميع الناس في قريتي يعلمون أبناءهم قول ,,السلام عليكم ,,,أو الله يعطيك العافية ,,,وان كان هناك قطيعة فمرحبا هي أقل الإيمان , من المستحيل أن تستيقظ يوما إلا و أن تشرب حليبا طازجا من , بقرة جيراننا, وان لم يكن حليبا فلبن رائب وإن لم يكن كذلك فهو زبدة بلدية مملحة مع رغيفين من خبز التنور الطازج,,,,,,أنت تعيش بين أناس لا يتعلمون إلا لغة الصدق والمحبة ,,,,لا يأكلون إلا ما هو طازج وطري ونظيف لن يفهموا عليك إن حدثتهم بلغة الفيس بوك أو التويتر ,,,فهم لا يحلمون بأكثر من بيع المحصول وثمرة البندورة وحبة التين الرطبة ..... والكلمة الطيبة لهم تعني الكثيير الكثير ,,والكرم لديهم شيء بديهي ....

ان استضافوك جادت سفرتهم بكل ما هو بلدي وموسمي دون أي تكليف أو خجل ,,,,وإذا مرض أحدهم فهي الفرصة لدكان البقالة لكي يطلب طلبية محرزة من مجمع الشوكولا الذي يحملة جميع الزائرين ......

 

ذلك الدكان الذي مازال حتى اليوم يجني ربحه البسيط من كيس الديربي وقطعة السويس رول ...التي تنتجها معامل بسيطة لا أدري كيف تربح ؟؟؟؟

عندما تصادف عجوزا فأنه سيقدم لك فورا بضعة من ثمار الجوز أو الزعرور أو وفي أحسن الأحوال سكر نبات ,,,,, لم أسمع يوما في ضيعتنا بمرض السكري ,,,أو القلب ,,,أو السرطان .....

 

لا يدخنون إلا الدخان العربي الذي قصف عمر جدي عن عمر يناهز 98 عاما ,,,, قصص الكبار رائعة أكثرها عن جهادهم مع الشيخ صالح العلي ضد المستعمر الفرنسي, عندما أجلس مع أحدهم يروي لي قصة حبه مع زوجته المرحومة والتي دفنها في فناء المنزل ليقول لها كل صباح,,,,, صباح الخير أم فلان.......

لا أعلم إن قرأ يوما روميو وجولييت ولكننني متأكد من قصة رائعة تضاهيها غزلا ووفاء,,,,روى لي يوما أنه قطع أربعة أيام ليراها وانها خشبت عليه من العودة وحيدا فرافقته الليل بطوله وعادت في الصباح على الحصان وحيدة ..........

 

تترقرق الدموع لتسيل في أخاديد حفرتها 102 عاما على وجهه لتتلاشى في لحيته الخفيفة البيضاء,,,يتناول غطاء رأسه, ليمسح عينيه ويقول رحمها الله ......خلال سبعة أجيال في قريتنا لم نسمع يوما بحادثة طلاق أو دعارة أو خيانه ,,,,فالفرح فرح الجميع والهم هم الجميع وكل صاحب دار مسؤول عن داره ,,,لا أدري كيف وأين تعلم الناس كل هذا الحب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

الشتاء في قريتنا جفاف ورق التين ,,,ورياح خريفية تحمل أوراق الخريف البانوراميه ,,,,الملونة والتي تشابه معاطف سكان القرية والتي لا تتغير إلا مرة واحدة كل عشر سنوات على الاقل ....... لا يزال الحب والدفء يتجاوران حول موقدة الحطب التي لا تعرف إلا السعير لتدفأ الأقدام المبللة ,,,المتجمدة .....عند انقطاع الكهرباء يكسر سكون الليل صاعقة شديدة وكأنها تقول لك ,,,,,الله أكبر ,,,,,ينطق الجميع ...

حبات البلوط تفرقع على سطح المدفأة ورائحة الحطب تنتشر في كل مكان ........ليلا ونهارا ......تغيب شمس الشتاء باكرا وتغيب معها أيام السمر العذبة ...... ننام في دفء وسكينة وسلام,,,,نرعى الحب في صدورنا لنخرجه مع نسائم الصيف وليالي السمر الفكاهية ,,,,التي لا يمكن أن تنسى عفويتها وبساطتها ......

 

ان ما عشته في قريتنا من محبة وسلام يضاهي كل الدنيا جمالا ,,,فالسعادة من منظوري طمأنينة القلب والروح....فمرحبا بكم في قريتي ,,,مع كل حبي ومودتي وصدقي.........ا

2011-02-23
التعليقات
Bassel
2011-02-25 19:37:14
أسم الضيعه?
حلو كتير شكراً للكاتب بس اذا بيتكرم و يقلنا أسم الضيعه

سوريا
سليمان غانم
2011-02-25 03:52:36
انت مجرم
انت مجرم يا اخ وسيم لقد قضيت علينا بهذا الوصف الرائع للضيعة و تركتنا في حيرة وحنين الى ضيعنا البعيدة التي نفتقدها كثيرا هنا في الغربة ولكن مع الجراح التي سببتها لنا فهنيئا لك يضيعتك على امل اللقاء القريب في ضيعناو تحية الى ضيع الساحل السوري

إيطاليا
خالد مترجم
2011-02-24 08:31:20
خطأ مطبعي...عذرا
وردت كلمة التشبس خطأً و الصحيح التشبث للأمانة اللغوية مع الشكر للسيد الكاتب

سوريا
حسام الشام
2011-02-23 23:40:06
صدقت ..
دمت بخير أنت وكل ضيع سوريا ومدنها وكل ناسها .. تحياتي ..

سوريا
خالد مترجم
2011-02-23 22:11:48
بنت العروبة هيئي لي كفني.إني عائد لأموت في وطني
سيدي الكريم، أقول لك أسرتني كلماتك الساحرة، كلمات تعج بخلجات حقيقية مجبولة بهوا الطبيعة و نقاءها تنساب رقاقة كنهر تفجر من ثدي السماء.جرتني أيقوناتك للأيام الخوالي و أخذتني برحلة بديعة بين اللاذقية و جبلة وبانياس وطرطوس تلك المدن التي أعرفها و ضيعها حق المعرفة.موطني.مسقط رأسي.حياتي و مماتي...لم تسعفني نفسي الجبارة من منع العبرات تنهرق من مقلتي تثلم خدي وتثقب الكبيود الملعون.لم أعد أقوى التشبس هنا.فجرت مكنونا دفينا لطالما حسبته.أعيش الآن بين الناطحات أطير من بلد لأخر.والله سأعود نهائيا يا وطني.

سوريا
وسيم أحمد
2011-02-23 21:54:54
وكما وعدتكم في مقالتي السابقة
أصدقائي وأحبائي القراء. في مقالتي السابقة تحدثت عن مدينة دمشق مسقط رأسي و مربا الطفولة..في حين أنني أنتمي لقرية بلاط ناحية القمصية, أزورها دائما لاعيش أغاني فيروز فيها...ان رسالتي البسيطة للجميع أن وطننا رائع من شماله إلى جنوبه والحب مدرستنا نحن السوريين لنتذكر جميعا أن سوريا غنية بحب أهلها قبل أي شيء مادي...لنبحث عن الحب في صدور أهلنا في الساحل والداخل ..ان الحنين الذي حركته في قلوبكم بسيط جدا أترك لكم باقي المهمة لتروا روعته....شكرا من القلب سيريانيوز وعقبال المية

فرنسا
رورو
2011-02-23 15:46:50
ضيعة = المدينة الفاضلة
شكلها ضيعتك المدينة الفاضلة... هي اكتشفوالمدينة الفاضلة... بس طلعت ضيعة ضايعة من الضيعات السورية..

سوريا
عربي مغترب
2011-02-23 13:26:37
الى اهالي هذه القرية
معك حق لا يوجد أجمل من الطبيعة والعيش فيها متعة هنا في فرنسا اسكن في منطقة ومدينة صغيرة كلها بساتين للعنب ومعروفة بصناعة الخردل في العالم كله DIJON اعلا بك هنا واتمنى ان ازورضيعتك انشاء الله قريبا اليك عنواني لتعطيني اسمك تحياتي لكم ولأهل هذه القرية الجميلة

فرنسا
محمد يوسف
2011-02-23 12:57:39
أحلى ضيعة
الله عليك أخ وسيم بالفعل شهيتني كون من ضيعتك الرائعة الي حالها حال كل الضيع السورية البسيطة بناسها و بلبسها وبأكلها بتعرف أخي وسيم عمري 32 سنة بس بتمنى لو كنت عايش من 50 سنة لحتى عيش بالصدق الحقيقي والأمان الحقيقي لأنو هاد الزمن للأسف صاير كلو كذب بكذب بس الشي الحلو انو لسه ضيعنا متمسكة بكل شي قديم ،شكراً الك لهالوصف الدقيق لهالضيعة الحلوة الي بتمنى اني زورها بيوم من الأيام.تحياتي.

روسيا الاتحادية
Dr. y
2011-02-23 12:53:42
يا الله ما أروع هذا الوصف
لقد جعلت لعابي يسيل يا سيد وسيم فقد سئمت ضجيج البلدوزرات التي تحفر محاضر الابنية وصفير الميكروباصات الذي يكاد يصم آذاني ودخان السيارات الذي سيودي برئتيّ والخضار والفواكه المفعمة بالهرمونات والتي لا أعرف بأي ماء تسقى واللحوم التي لا أعرف مصادرها. فبالله عليك هل عندك بيت للبيع؟؟ أعتقد أنك لن تجيبني لانكم لا تريدون هؤلاء الغرباء الاتين من المدن أن يعكروا صفوكم بنمط حياتهم المعقد والدليل أنك لم تذكر إسم قريتك على الاطلاق أليس كذلك؟ والله معك كل الحق. شكرا على هذه المساهمة الرائعة.

سوريا
مواطن
2011-02-23 11:20:34
إلى الكاتب
روح الله يوفقك يا رب، بصراحة المقال بجنن وبحنن القلب الله يخليكم لبعض أنت وكل أهل هالضيعه

سوريا
مواطنة
2011-02-23 09:43:37
بكيتني من عابكرة الصبح
شبك يازلمة واالله حرقتو لقلبي وخليت الحنين يطفطف بفرد مرة الي شي سة ونص ما نزلت عالبلد ياااااااااه شو قلبي على نار. صباحو وسيم

سوريا
rouzana
2011-02-23 09:06:54
يا سلااااااااااااام
بجد أبكتني مساهمتك ورق قلبي وحنيت إلى عيشة بلا مكر وخداع . ياريت قلبنا يرجع صافي بصفاء طبيعة قريتك . نحن تعودنا على التكنولوجيا ولن نعود للوراء ولكن ياريت يرجع قلبنا لطبيعته البشرية .

سوريا
سوري مثقف كتير
2011-02-23 07:29:21
روحتني سلطة يا وسيم
بتعرف يا وسيم اذا لساتك عايش بهالضيعة ولساتا الامور هيك فبقلك نيالك انت عايش بالجنة انا عايش برا سوريا كلا ولما قريت هالمقال ما بتعرف شو صار فيي بس اللي بقلك ياه انو التكنولوجيا والمدنية المفرطة اخدت منا اغلى الاشياء وما زالت مستمرة الناس صارت عم تركذ ورا المظاهر ونسيت انو راحة البال والرضا والمحبة هنن السعادة بهالحياة وشو بدو يحكي الواح ليحكي الواح وعفكرة في بهالساحل مئات القرى متل ضيعتكن بس اعتقادي انو العيشة فيها تغيرت كتير مع تحياتي الك ولكلماتك الرائعة

سوريا
3d.max
2011-02-23 05:50:03
صدقت يا اخ وسيم
اه منك يا وسيم ذكرتني بالذي احاول نسيانه فان الشوق و الحنين الى قريتي يهلكني ز شكرا لك اخ وسيم على هذا الوصف الرائع الجميل للناس و لقريتك التي اظن اني اعرفها

سوريا