إن مهارات الذكاء العاطفي ليست النقيض لمهارات الذكاء الإدراكي أو لمهارات معدل الذكاء ، ولكنها تتداخل وتتفاعل و تبدأ بالتشكل عند الطفل منذ هذه المرحلة الأولى بفضل تفاعل الأم وتجاوبها معه.
فالتفاؤل مثلاً تبدأ جذوره بالتكون في نفس الطفل عندما يدرك أن العطاء في هذه الحياة يُقابل بالعطاء فهو عندما يبتسم لأمه وترد عليه بابتسامة مماثلة تصله الرسائل التالية: (عندما تعطي الحياة تعطيك) و (الحياة حلوة) و(أنا إنسان محبوب) وعندما يتلقى الطفل هذه الرسائل بشكل متكرر من خلال التفاعل العاطفي مع من يحيط به ينمو عنده الشعور بالتفاؤل والإقبال على الحياة، ويحمل هذا الشعور معه طوال حياته. أما عندما لا يجد الطفل من يبادله الحب والاهتمام ويرد على ابتساماته ومحاولاته للتواصل والتفاعل مع الآخرين ستصله الرسائل التالية: (الحياة لا تستحق العطاء لأنني أعطي ولا أجد عطاء مقابلاً) و(أنا شخص غير محبوب) و(ليس هناك شيء جميل في هذه الحياة) وعندما يتلقى الطفل هذه الرسائل بشكل متكرر من خلال فشله في التفاعل العاطفي مع من يحيط به ينمو عنده الشعور بالتشاؤم والإحباط والانسحاب من الحياة، وسيحمل هذا الشعور معه طوال حياته.
إن الطفل يحتاج إلى كثير من الحب والحنان والاهتمام في هذه المرحلة الحساسة وبما أن هذه المشاعر لا يمكن تأمينها في بيت يملؤه الشقاق والخصام نستطيع أن ندرك الآن أهمية تحقيق علاقة زوجية قائمة على المودة والرحمة، ليس من أجل سعادة الزوجين فقط وإنما لتأمين جو عاطفي يخرج أطفالاً أسوياء.
ساعة اللعب على الأرض :أريد أن أشير في نهاية هذا الموضوع إلى أمر لا ينتبه إليه معظم الآباء والأمهات، إذا إنهم في غمرة أشغالهم لا يقضون أوقاتً كافية في ملاعبة أطفالهم والتفاعل معهم فيحاولون التعويض عن ذلك بحشد ما يستطيعون من الألعاب والدمى في غرفة الطفل، ويبذلون جهدهم في اختيار الألعاب التي تنمي ذكاء الطفل وشخصيته، وكل ذلك جيد ومفيد، لكن أبحاث عالم النفس الأمريكي غرينسبان أثبتت أن أكثر ما ينمي شخصية الطفل وقدراته الاجتماعية والعاطفية والمعرفية هو اللعب معه مباشرة على الأرض، وهو ينصح الآباء والأمهات أن يخصصوا ساعة يومية لأطفالهم يسميها (ساعة اللعب على الأرض) يقوم خلالها الأب أو الأم بالزحف على الأرض والركض خلف الطفل والتدحرج معه والاختباء منه، ويحاول في أثناء ذلك أن يتحدث إلى الطفل ويحاوره ويمارس معه كل أنواع التفاعل العاطفي. إن ساعة من هذا التفاعل الحقيقي مع الطفل أفضل بكثير من ترك الطفل وحده ساعات وساعات أمام لعبة جامدة لتطوير الشخصية والذكاء!!
المراجع :
أ- لغة الذكاء العاطفي : جان سيغال ـ دار الكتاب العربي .بيروت ـ لبنان 2009.
ب- كيف تنشئ طفلاً يتمتع بذكاء عاطفي : لورانس إ. شابيرو ، ف .د مكتبة جرير ـ 2007.
المقالة منشورة بعنوان بالحب.. نمّي دماغ طفلك للكاتب د. ياسر العيتي وهذا الرابط http://www.balagh.com/woman/tefl/of1fa4zq.htm لمن يحب أن يتأكد
مقالتك رائعة ولقد امتعتني وزادتني خبرة ولكن ربما اغفلت ذكر اسم المرحلة التي تتكلم عنها فالطفل يمر بمراحل كثيرة اما ان كانت سهوة فلك منا كل الصفح وشكرا لك
مقال مميز جدا شوقتني أن أتزوج وأنجب حتى أطبقه :)
والله يا معلم فالج لا تعالج.............فأنا عربي...مع انو أوائل العلماء عرب...بس الأب والأم دائما بقولو اللهم اني أسألك نفسي...نفسي نفسي...!!!
تأكيداً لتعليق علي النجمي الكلام المذكور أعلاه هو نقل حرفي من كتاب الذكاء العاطفي في الأسرة للدكتور ياسر العيتي من الصفحات 61-62-63 تحديداً والكتاب من منشورات دار الفكر