- رؤى منذ متى ونحن جالسين هكذا
- اتعني اليوم فقط !
- ماذا تعنين
- اقصد اننا منذ مدة ونحن على هذه الشاكلة نقضي ايام العُطل جالسين هكذا مجردين من كل شيء سوى الصمت الذي يشاركنا كل شيء
- اتعلمين لقد تعبت !
- تعبت !
- انت لم تعودي كما كنت لقد تغيرتي كثيرا منذ تزوجنا وانا بحث عن تلك الفتاة التي تشتعل حباً وشوقاً وفكراً ولكن عبثا احاول
- وانت الم تتغير!
- اني اعمل معظم اليوم
- اتريد ان تفتعل خلافاً بيننا.. , لأنك تفعل هذا كثيراً مؤخراً حتى صرت اعتقد انك اعتدت على هذا !
- لا انما اقصد ان افتح حواراً بين جلستنا هذه !
- تفتح حورا بإلقاء اللائمة علي ووضعي في دائرة اتهام ! اهكذا غدت الامور لديك كسب انتصار على حسابي , اعذرني لا اريد ان اكمل هذا النقاش
- لماذا تتهربين دوما من هذا ! الا ترين ما اراه الان ان ما بيننا الان ليس سوى اثنين يجمعمها سقف واحد لا اكثر
- وهذا لم يعد يعني لك شيئاً ايضا بعد كل ما خضناه سوياً
- لا لم اقصد هذا انما يا رؤى علاقتنا لم تعد علاقة انها مجرد فتات نجمعه من هنا وهناك انظري الينا انظري
- منذ متى لم تنظر الي ؟
- ماذا تعنين
- اعني انظر جيدا الى وجهي انظر جيداً واخبرني ماذا ترى ؟
- ارى اجمل فتاة على الاطلاق
- لا ما قصدت هذا , اقصد انظر الى وجهي واخبرني بالتفصيل ماذا ترى ؟
- ارى لون كِحلَةَ عينيك الرائعة
- وكيف جاءت هذه !
- ماذا تعنين ؟
- اسمع يا أنس انا اهرع كل يوم من عملي واخلع كل تعبي لكي أُعد لك طعاما تأكله عند عودتك من عملك وارمي كل همومي التي واجهتني في عملي المتعب
والتي قد تواجهها انت ايضا بعيدا لكي استقبلك بابتسامة استطيع ان اخبرك بها كم انا ممتنة لعملك وما تقوم به وكم انا سعيدة لأنك تتعب حقا لكي يبقى هذا المنزل يجمعنا معا
واكثر من هذا احاول بمساحيق تجميل سخيفة ان اجمل وجهي التعب والذي استيقظ منذ الصباح كما تستيقظ انت وواجه الكثير كما تواجه انت
لكم من المرات كنت شديدة الارهاق وحاولت جاهدة ان لا اريك هذا ولكم من المرات يكاد المرض ان يقعدني دون حراك واكابر نفسي واقوم لاعد لك الطعام واقف على المرآة لكي اضع لك العطر الذي تهواه والكحلة التي لم اعد اهواها لمجرد انك تحب لونها على وجهي
كل هذا يا زوجي العزيز لأجلك لاني اقدر وجودك واعمل جاهدة على ان اقدم ما استطيع لاجلنا وتأتي انت بالنهاية لتخبرني ان كل هذا فتات
انت لا تعلم كم ادفع من اعصابي لضبط اولادنا , نعم لا تستغرب فهذا يحتاج الكثير منذ رفعت انت يدك عن التدخل في هذه الامور لأنك تحتاج لان تعمل عملا ثان بعد ان مرضت عبير بذاك المرض
- توقفي يا رؤى ما قصدت هذا انما اردت ان ...
- دعني اكمل اتعلم اني البارحة بكيت على صدرك ولم تشعر انت على الاطلاق من شدة تعبك ! الا تدرك ان هذا يحز في نفسي
الا تدرك ان قلبي ينفطر كلما مددت يدك الى يدي واشعر كم خشنة هي بسبب عملك المتعب يوميا
الا ترى عينيَّ كلما دخلت الى المنزل وانت شديد الارهاق الا تظن انني اريد ان نكون اكثر سعادة
- عزيزتي توقفي فان عينيك تدمع
- دعهما وشانهما الان كل ما اريده منك ان لا تقلل ابدا ما بيننا وان تقدره حق قدره وان تنظر جيدا الى ما اقدمه
اخبرني .. منذ متى لم تقل لي كلمة تعبر لي بها عن حبك !
- ولكني احبك وانت تعلمين هذا
- لست انا من تغيرت يا انس انما انت الذي لم تعد ترى ! لم تعد تتحدث ! لم تعد تقوم بأي شيء مذ مرضت ابنتنا وانت تجلس ساعات دون كلام دون حوار
البارحة جاء ابننا اليك ليطلب منك ان تشاركه بلعبة من العابه التي صنعها بنفسه اتعلم ماذا اجبته !
- ...
- قلت له اذهب الى والدتك ! متى اخر مرة اخذته الى الملعب او الحديقة ! اخبرني هيا اجب
من مُقصر هنا يا أنس ؟
- في هذه معك حق !
- لا اريد ان اطيل الحديث ولكن انا دائما في موقع الاتهام وانت دائما في موقف المُقَصر بحقه وتطالب دوما بحصتك من هذه العلاقة دون ان تنظر تماما لما تقدمه انت من اجلها
اسمعني يا انس لست اقلل من اهمية عملك من اجل هذا المنزل ولكن اين انا واولادك من كل هذا ! ولست اقول لك اني اقوم بالكثير لأني اتجمل لأجل رؤيتك او لأني اجعد شعري او الفه حينا اخرى
انما اقول لك انظر لما يقدمه غيرك بالمقارنة مع ما تقدمه انت !
- ....
- احيانا كثيرة اريد ان اصرخ واقول لك " أين انت , أين تذهب وانت جالس معي في نفس الغرفة ساعات من الصمت يا أنس وانت لا تعي ذلك وانا لا اريد ان اقطع عليك خلوتك لأني اعلم جيدا انك تفكر بحالنا ولكن حالنا لا تحتاج التفكير فحسب ... حالنا تحتاجك أنت معنا ! ... كما انت تحتاجنا
- كل ما في الامر اني اشتقت اليك يا رؤى كثيراً .. ومنذ مدة لم اشعر انني قريب منك !
- أولا تعتقد اني كذلك . اني مشتاقة لأيامنا الاولى لفترة خطبتنا لشهر عسلنا ولكن تغيرت الوقائع وقد تأقلمت معها ولكن يبدو انك مازلت ترفض الاعتراف بها
- انت تشعرينني وكأنني ....
- لا تكمل ما قصدت ان اشعرك بذنب او ان احملك هما اخر كل ما في الامر اني اريدك بقربي , انت بعيد جدا وانا احاول جاهدة الوصول اليك ولكن عبثاً
منذ يومين اخبرتك اني اريد ان اذهب لشراء حذاء ما ولا ارغب بالذهاب مع احدى صديقاتي , لم اكن ارغب بذلك على الاطلاق كنت فقط اريد الخروج معك ولكنك اجبتني لا عليك سأقوم بإيصالك اينما تريدين !
- ..
- ..
-........
- أنس
- نعم
- اظن انك لم تعد تُحبني
- لماذا تقولين هذا
- انت تعلم لماذا لأنك اخبرتني يوما ان من يبدأ بالشك بحب الاخر له فهذا سبب بكونه يشعر بنفس الامر ويبحث عن اي هفوة ليؤكد هذا الامر لنفسه
- انت مخطئة فانا مازلت احبك كما كنت منذ اول يوم رأيتك فيه انما الامور تغيرت يا رؤى وانت تعلمين هذا
- ما الذي تغير تحديدا نوعية مشاعرك ام كمها !
- الظروف يا رؤى الظروف !
- واين من كان يقول " معك كل شيء يهون "
- اتحاسبيني على كلامي ؟
- لا انا احاسبك على وعودك لقد وعدتي وانت ملزم بهذا أنسيت ؟ ما كنت لأخطو معك خطوة لولا ثقتك ب " نحن "
- نعم ولكن الامور تغيرت !!
- نعم واصبحت تقدم الفتات وتتوقع ان تحصل على اكثر من هذا !
- اتحاولين ان توقعي ما بدأت به عليَّ
- لا احاول ان اريك الامور كما هي الان
- أحبك ! .. توقفي لا تتحدثي .. أحبك حقاً .. انت تعملين كم عانينا .. حتى إلتقينا .. كنا دوما نتخوف من هذا .. ليس الامر أني مللت .. انما لا أردي يا رؤى شيء في نفسي .. تغير .. بدأت اشعر ان الحياة تهرب من بين أيدينا .. اشعر اني لم اوفيك حقك.. اتذكرين .. اتذكرين احلامنا كم كانت كبيرة
- وهي كذلك اليوم ! .. بل هي اجمل اليوم .. انظر الى عبير ! لم نرفض ما حدث .. ناضلنا .. سرنا .. اعطينها كل شيء ..
-رؤى وسأعطيها المزيد .. لكن ما كنت ارسمه في مخيلتي مختلف جداً عما هو الان بين يدي ! كنت أريد ان اسعدك اكثر .. ان اخذك وادور معك العالم وان نقطن ببيت اكبر !
- ومن قال لك ان ما رسم هو الاجمل !
- كيف ترين كل شيء بإيجابية هكذا
- لأنك معي ! .. الا يكفي هذا ! الا يكفيك انت هذا !
- اما زلتي مغرمة بي !
- عزيزي .. اي حمقاء تجري من منزلها لتخط سواد الكحل .. لرجل لا تحبه ! ثق جيداً انني احبك اليوم اكثر من ذي قبل ! .. اتعلم لماذا .. لأنك كما انت .. تتفهم كل شيء .. لا تتطلب .. لا تتنمر .. عندما مرضت عبير .. كنت انت كل شيء ! لا اوفيك حقك مهما فعلت ..كنت تعي صعوبة الامر علي .. كنت تدرك هوله .. لم تتململ . .لم تحدث احداً عن الامر .. صمتك يا حبيبي ملئني حباً تجاهك ! فبعض الحمقى يلقون الملامة على زوجاتهن ! اما انت فلا ! .. قلت حينها " هذه ابنتنا .. هذه نحن .. هذه جزء منا .. لنقبلها كما هي الاول .. وهللت بها .. وقلت أهلا بك الى هذه الحياة .. هنيئاً لك عقبتك الاولى "
- انها نحن يا رؤى .. انها نحن
- ولهذا احبك .. اخاف على نفسي ان اصاب نفسك شيء من الملل ! او انك بدأت تشعر ان ما بيننا ليس كاف !
- عزيزتي ليس الملل .. انما .. الحقيقة ! انا اشعر انني مقصر معك .. لم اوفك حقك .. لقد فعلت كل شيء من أجلي .. ولم اقدم لك كثيراً .. اشهر انني لم اقدم بما فيه الكفاية !
- اصمت ! يكفيني انك هنا ! تعمل عملين .. وتعود مرهقاً .. ومن ثم تقول تريد ان تقدم المزيد
- ولكن كان من الممكن ان تكونين في مكان آخر !
- اي مكان هذا سيدفئني غير قربك ! لماذا تتحدث هكذا .. منذ متى تعتريك هذه النزوة
- اي نزوة
- نزوة فقدان الثقة ! .. انسيت عندما قلت .. حسبك الدنيا بين يدي !
- ولكن اي هيا الان ..
- مازالت يا زوجي العزيز .. ما زالت !
- :)
- :)
- احبك !
- دع عنك هذه الافكار .. فرؤيتك .. وانت تدخل من باب منزلنا .. تحمل بضع خضار .. وارغفة الخبز ... تعدل الحياة لدي بأكملها ..ويكفيني ما تفعله مع عبير .. ومع إبننا ! .. انت أب رائع .. انا آسفة لما قلت من ذي قبل .. انا اعرف انك تعود متعب جداً جدا من العمل .. وتجاهد نفسك لتعلم إبننا الحساب .. وتحاول ان ترفع من معنويات عبير بالرسم والعزف .. انا اسفة !
- توقفي منذ متى تعاهدنا على ان لا نعتذر .. انا اسف لأنني حاولت ان ألومك على هذا !
- كيف تمنعني عن الاعتذار وتأتيه ! عليك اني تعي جيداً يا أنس .. نحن النساء لا نبحث عن بيوت او قصور .. صحيح تحلم معظمنا بأن يقطنُّ في بيوت اكبر من بيوت أبائهن .. وصحيح اننا نتمنى تلك الاحلام ذات الفرسان .. والالوان الوردية .. وصحيح اننا نصاب احيانا بأوهام فكرية .. ولكن يا عزيزي نحن ندرك دوماً ..ان المنزل يقام برجله .. لا بذاته . فالقصور بأسياد واهية .. هي ككهوف مستباحة فانية .. والبيوت الصغيرة برجال مثلك يا أنس .. هي ككقصور تمتد بلاداً وتملىء الدنيا أماناً دون وجس .. وشيء في أنفسنا دوماً يا زوجي .. يجعل صدر رجل صادق محق .. كرابية بستان مليئة بعبير ورد وضياء شمس مشع .. وازيدك .. عطف حنان على ولديك .. يعدل لدي الدنيا وما فيها .. و تصادق راحتيَّ مع كفيك .. يغنني عن قصور و أزياء لو وضعت أمامي عوضاً عنها ما رضيت
- كم أنت جميلة يا رؤى .. يكفيني انك سعيدة ..
- يكفيني انك هنا
- احبك !
- احبك !
- أحقاً جريت اليوم لكي تضعي الكحلة
- لا يا أنس .. انها كحلة البارحة :)
تحياتي للكاتب. ديالوج واقعي جداً وجميل جداً, ويومض شمعات أمل جميلة من خضم معاناة يومية واقعية. قليل من الحوار..قليل من التواصل..وسيغير الكثير, ويرجع الكثير لنصابه,ولمساره,الذي تاهوا عنه.. قليل من الكلام مع مسحة ظريفة من كحلة الأمس !!شكرا للكاتب , أمتعتنا.
والله للصراحة غلبتني أنا بالعادة بقرأ أول سطرين ان دخلو مشطي تمام وان لا فبطلع من الحكي كلو . فعلا طريقة رائعة بالسرد ومعالجة مشكلة اجتماعية بطريقة سلسلة ولغة قريبة من كل الناس . وتعليقا على قول (ريم فارس ) صحيح أن هذه الحوارات لا تجري بين جميع الأزواج ولكن عندما يطبقها الرجل أو القارئ على نفسه سنرتقي بأنفسنا وبأجيالنا القادمة سعيا لبناء أسرة واعية متفهمة شكرا لك أخي الكاتب ...متابع
ياالله ما أجمل هذين الزوجين!
في الحقيقة,احببتُ هذه القصة كثيراً.... وطبعاً هي قصة معظم الازواج.... ولكن هذا الحوار لا يقوم بالضرورة بينهم جميعهم .... يجب ان يحاول الازواج ان يتحاورا كلما شعروا بضرورة التعبير عما بنفوسهم. الزواج يحتاج للتجديد" بهذه النقاشات " كل يوم.في أيام الخطوبة, يقوم الرجل"بدراسة" خطيبته..وعند الزواج يتوقف عن ذلك ظناً منه انه انتهى من دراستها مسبقاً...ولكن الحب والزواج يحتاج الى متابعة دراسة الطرف الاخر... حتى الوصول إلى الدكتوراه أو أكثر!
جميلة هي المشاعر الصادقة عندما تتصارح .. تحياتي ..
أخي محمد جزاك الله كل خير على هذه العمل الأنيق و المفعم بالحياة بكل قسوتها, حلاوتها, ازدواجيتها و روعتها... لقد أختصرت بكلمات قصتك أطول المحاضرات و اختزلت أجمل الأقوال المأثورة بصدق و بساطة كلماتك.. مرة أخرى شكرا لك أيها المبدع !!!
حوار جميل وممتع وفيه كثير من التفاهم والود والمحافظة على الثوابت وعدم الجنوح الى افتعال المشاكل بل الى احتوائها وتسفيهها وتصغيرها ما امكن وفي الحقيقة هكذا يجب ان يكون الازواج آمل ان يتعلم الكثيرون من هذا الحوار ومشكور لان من الواضح انك تعبت لتصنع هذا الحوار الجميل
الأخ محمود قصتك رائعة ما أجمل الحب عندما يكون مسؤولية و تشارك أتمنى أن يكون عنوان قصتك الحب الحقيقي وليس فتات علاقة لن محتوى القصة هوأجمل وأقوى بكثير من عنوانعا
القصة رائعة وما كتبت مؤثر جدا وبأسلوب شيق وأنوه فعلا هذه التفاصيل الصغيرة التي تجمع بين الزوجين وتزيد القواسم المشتركة تجعل الحياة أجمل مهما كانت الظروف قاسية وهل يوجد شيء أجمل من الحب في الدنيا؟
فيها صورة الواقع بتفاصيل كثيرة ..لقطة جميلة وموفقة وقفلة مميزة أيضا. دمت بألف خير أخ محمود
هذا ما أقصده !