syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
قصص من هذا الزمان ــ الحلقة الثالثة... بقلم : سمو المشاعر

صدفة على شواطئ غرناطة    ــ  السلسلة الثانية


إخوتي وأحبتي القراء ..

في هذه السلسلة نكمل لكم  أحداث قصتنا التي بدأناها في الأسبوع الماضي والتي آمل أن تنال إعجابكم....

........................

بعد أن ترك الحبيب حبيبته عائدا الى وطنه ليعيش مع زوجته وطفلته ذات السبعة أشهر..

 

تعود الحبيبة مع أهلها لبلدها بعد قضاء إجازتهم ورحلتهم  لتفاجأ الحبيبة بحملها  فجن جنونها

كان لابد لهذا الأمر أن يحرك ساكنا أو يبقيه إلى جانبها ولكن هو القدر وإرادة الله ان يحدث ما حدث

لم يكن احد يستطع الدخول لقلبها وإحساسها ومعاناتها..  حاولت مرارا الاتصال بأخ حبيبها  وإخباره بما حدث ولكن كل محاولاتها واتصالاتها كانت تجابه بالرفض من قبل اخ حبيبها الذي كان يكذبها ولا يبدي أي اهتمام  لما قالته الفتاة..

 

تمر الأيام ومعاناتها تكبر .. فعلامات الحمل بدت على جسمها الممشوق كعود القصب..

ازدادت حيرتها وتعبها وبدا الشك يراود أهلها  بينما العلامات بدت واضحة أمامهم 

والذين بدءوا يبحثون عما حدث وكيف وأين ولماذا ..وسط سكون ودموع الفتاة ..

 ولم يكن أمامها سوى إخبارهم بالحقيقة ليحملوا عنها جزئا من هما الذي أثقل كاهلها وشل تفكيرها..

 

لم يكن هناك وقت للوم من قبل أهل الفتاة .. فما حدث اكبر من أن يكون هناك لومة لائم.. وخصوصا تنكر اخو الزوج للطفل ..

حاول الأهل مرارا الاتصال وسافر الأب لأخو الزوج ليخبره بما حدث ولكن في كل مره يتهرب منه مره بسفر ومرة باجتماع لتمضي الأيام وتضع الفتاة مولودها الذكر..

ولازالت الاتصالات بعم الطفل جارية ..لم يكن هناك جوال ولا فاكس ولا أي وسيلة من

وسائل التكنولوجيا سوى الهاتف الثابت او السفر وهذا ما كان يزيد الأمور تعقيدا وصعوبة

تمضي سنوات لتعيش الأسرة الأمر الواقع وكل يوم يكبر الطفل أمام عيني والدته وجده وجدته وتكبر اللوعة  بقلوبهم..

 

ما ذنب طفل يعيش بعيدا عن والده ..

تخرجت الفتاة من الكلية  لتتوظف وتجد نفسها اما مسئولة عن طفل تخلى عنه والده..

تمضي السنين مسرعة وها هو الولد يعيش السنة الخامسة من عمره..

يلهو ويلعب  بين أهله  ونظرات أمه التي تلاحقه  تبحث عن إجابة  لسؤال طفلها عن ولده عندما يكبر ..

لم يفارقها هذا السؤال لا ليلا ولا نهار ..فالطفل اليوم صغير  ولكن الصغير سيكبر ويكبر الهم والتعب معه ولا بد من معرفة والده .. والإجابة على كل تساؤلاته..

 

لم يقف الوضع  عند هذا الحد بل كان يسوء يوما بعد يوم ..

يوما من الأيام  تخرج العائلة  المؤلفة ( من الجد والجدة والأخت  والأم وطفلها الصغير ) برحلة لمدينة أخرى .

وفي طريق العودة يتعرضون لحادث  لتلاقي الأم نفسها وحيدة مع طفلها بعد وفاة والدها ووالدتها وأختها ..

بينما هي تصاب بكسور ورضوض  تدخل على أثرها المستشفى مع طفلها لتتعافى من جروح جسدية ويبقى القلب المكلوم ينزف ألماً ومرارة لا يستطيع الزمن مداواتها..

فقد كان الأهل إلى جانبها يعزونها بمصابها أما الآن فهي وحيدة تضيق بها الدنيا بأسرها..

 

وتعيش الفتاة الوحدة لتربي ولدها  ويكبر أمام عينيها وكل يوم يريد إجابة عن سؤال  ..

مضت الأيام مسرعة  عاشت الأم لتربي ذلك الطفل بكل حرص لأنه هو من تبقى لها من الدنيا ..

ووسط ضغط الطفل وحرصه على معرفة والده كان  لا بد للام من إخباره فطلبت منه موعدا ليس بطويل لتجيب عن سؤاله..

أكمل الولد عامه السابع عشر.

وبدأت من جديد البحث عن عم الطفل .. وسط اتصالات ومكالمات  وسفر .. أثمر عن رد العم على زوجة أخيه..

 

لم يكن هم الأم إلا أن تعرف بالطفل لم تكن بحاجة لمال فوظيفتها تدر عليها جيدا وما تركه أهلها لها كان يكفيها لسنوات ..

ولكن خوفها على طفلها من أن يصبح وحيدا هو الشبح الذي كان يطاردها كل يوم بعد وفاة والديها ..

في نهاية المطاف أوصلت الأم رسالتها لعم الطفل ..  وما آلت إليه الظروف بعد وفاة والديها وخوفها من ان يبقى الولد وحيدا مجهول النسب والهوية  والأب   ومن خوفها من الموت الذي يجعل الطفل يعيش وحيدا ويحمل بقلبه الكثير من التساؤلات ..

وواجبي كأم أن اعترف لولدي عن مكان أبيه ومن هو أبيه لأخرج من لوم نفسي وتعذيبي لها ولا احمل أمام ربي وزرا لا يغتفر..

 

أغلقت الأم السماعة بعد عهد من العم بأنه سيزورها بأقرب فرصة ..

مضت أيام قليلة وبينما الأم بالعمل يتصل عم الطفل ليخبرها بأن طائرته لباريس بعد ساعات  قادما إليها..

هرعت الأم مسرعة إلى البيت بعد أن أخذت إجازة  لتستعد هي وولدها لملاقاة  العم ..

جاء المساء واتصل العم ليستدل على عنوان البيت..

دقائق الانتظار أصبحت  طويلة ما أثقلها ولكنها كلها تهون بعين الأم التي عانت العذاب الحقيقي لأعوام..

 

يقرع جرس الباب لتفتح الأم الباب بينما الطفل يجلس على الكنب..

علامات الفرح تبدو واضحة على الأم بينما الطفل لا يعرف ما الأمر..أما العم ما أن وقعت عينه على الطفل بعد إلقاء التحية حتى رجف قلبه بشده..

سبحان الله الخالق كأنه أخوه  .. لم يكن يتوقع هذا الشبه الكبير..

فتسريحة الشعر  والبشرة والأنف والشفاه الممتلئة من الأسفل والعينين والابتسامة كلها عادت به إلى زمان مضى ..

كأنه أخوه في شبابه..

 

جلس العم وبعد أن طلبت الأم  من ابنها الدخول لغرفته بدأت بسرد قصتها كاملة منذ أول يوم لقاء بينها وبين أخوه إلى يوم السفر إلى ما  ألت إليه الأمور ليومهم.

وسط دموع الأم وخجل وتأنيب الضمير الذي انتاب العم .. فكلمة أسف لا تعوضها حرمانها وألمها ودموعها التي عانتها لأعوام كانت أصعب ما يكون ولكن كانت تريد النتيجة ..

بعد ما انتهى الحديث إلى العم طلبت من ولدها الجلوس معهم لتجيبه عن تساؤلاته وبحضور عمه ..

ولكن ما أن سمع الشاب بالحقيقة حتى غادر البيت ولم يعطي أذنا صاغية لنداء أمه وعمه ولم يعود إلى الفجر..

خافت الأم على ولدها كثيرا من أن تفقده بتصرف طائش قد يرتكبه ..ومن أن تفقده بعد حقيقة طالما بحث عنها ..

رغم انه اتصل وطمأنها بأنه بخير إلا أن قلب الأم لم يهدأ في تلك الليلة .

 

غادر العم المنزل بعد أن أطمأن على الشاب الصغير وبعد أن وعد الأم بزيارة أخرى طالباً منها أن تعطيه وقتا ليخبر أخاه ومن ثم يرون ما تؤول إليه الأمور..

كما طلب منها  أن تجهز طلب زيارة لأخوه  كونها مواطنة ولا يمكنه القدوم إلا بطلب من  مواطن من أهل البلد

غادر العم تعتليه الحيرة بما وصلت إليه الأمور والتطورات التي ستقلب حياة أهله هناك وعائلة أخيه الذي رزق بابنة أخرى إلى جانب ابنته الأولى..

 

 مضت أيام واخبر الأخ أخاه بكامل القصة وما حصل بكل التفاصيل .. والذي طلب منه أن يخبره بالحقيقة التي كانت تماما كما ذكرت زوجة أخيه.. بعدها طلب منه تجهيز نفسه ورؤية الوضع الملائم لأخبار أهله وعائلته  بحقيقة الأمر وابنه المكتشف بعد 18 عاماً . ومن ثم استعداده التام للقدوم واثبات نسب الولد وما يتطلبه الامر من تحاليل (DNA  )   بعد وصول طلب الزيارة إليه من زوجته الفرنسية  ..

هنا يا أصدقائي تبدأ معاناة جديدة  مع الأب  وزوجته وابنتيه . فما حصل سيغير الكثير بحياة العائلة ..

وإشارات استفهام كثيرة من قبل الزوجة وابنتيها..

 

فما حدث يفتح سيرة وقصة منذ زمن طويل أشبه بالروايات والقصص الأجنبية المترجمة حتى..

لم يكن الخبر سهلا على الزوجة ولا ابنتيها ..

ولكن ربما وجود أخ بحياة الفتاتين كان أجمل ما يكون.. جعل الصدمة خفيفة على نفسهما .. بينما بدأت حسابات الأم  والأفكار والوسواس يدخل برأسها..

فتلك الفرنسية أما لطفل طالما بحث عنه  طول الأعوام السابقة  وقد تسحبه من وسط عائلته ..

 

هذا عدا علامات الاستفهام من الإخوان والأخوات والأقارب ومجتمع عربي لم يكن فيه الهمز واللمز بقليل ..كلها كانت تبحث عن إجابات  مقنعة ..

لم يكترث الأب بكل ما سمعه تحت كل الظروف والتعليقات..

 فما هو بصدده كان اكبر بكثير من كلام الناس ..

رمى الأب كل الأمور خلف ظهره وبدا يستعد لرحلته فور استدعائه ليلاقي ابنا طالما بحث عنه بحياته ..

................................

 

إلى هنا ننتهي من سلسلتنا الثانية أحبتي القراء

في السلسلة القادمة سنرى وصول الأب لابنه وزوجته

وما يتطلبه الأمر من تحاليل لإثبات نسب الولد .

و ما حصل بعد معرفة الولد بظهور أبيه بعد كل هذه الأعوام وإنكاره لوجود أب أهمله طوال أعوامه التي  عاشها ..

وعودة الحياة لقلب الحبيبة التي لم تخفيه رغم مرور السنين وتغيرات الشكل والملامح..

وتجاعيد الوجه الدالة على تقدم العمر.

 

  يـتـــــــــــبع

2011-03-05
التعليقات
سمو الـمشاعر
2011-03-06 20:35:48
زائرتي الغالية
سلمك الله وحفظك من كل شر .. بصراحة يراقصني وجودك ومتابعتك لمشاركاتي .. كما ارى عينيك تراقص المفردات بشوق ولهفة .. انما هو وجودك واحساسك العميق الذي التمسه من خلال ما تجود به سريرتك لتخطه مفردات ترسم ملامح وطيف انثى تحمل بداخلها كل المشاعر الرقيقة .. وحورية تزورني كنسمة ليل عليلة لتبهج جوي فاعطيها بمشاركاتي مما تمنحني من ما يرتسم بوجودها .. تحيتي لك سيدتي ...

السعودية
سمو الـمشاعر
2011-03-06 20:26:58
صديقي احمد
لدينا مثل عربي يقول .. ما توعد به خير من الذي تاكله .. ففي الانتظار متعه ولهفه وشوق .. ولكن بالتاكيد ستكون النهاية انما متى .. فدع القصة واحداثها هي من يحكم..

السعودية
احمد العربي
2011-03-06 19:54:27
الى سمو المشاعر
انت تعرف كل المعرفة انني ما قصدت الا انني مستعجل لاقرأ النهاية شو بدك تساوي صار خلقنا ديق بدك تتحملنا لو الححنا عليك بالسرعة....

سوريا
زائرة
2011-03-06 14:46:27
...
القصة تغص بالاحداث لتوالي السنين فان أردت الاطالة فالتكن ,,معك لا نشعر بالوقت فأسلوبك بالسرد شيق وممتع ,,,حفظك الله

سوريا
احمد العربي
2011-03-06 09:24:38
الى سمو الشاعر
لازلت انتظر النهاية ياسمو المشاعر كنت عم دور عالقصة وهلق عترت عليها ولكن المفاجأة كانت لسه بدي انتظر ياصديقي العزيز...

سوريا
سمو الـمشاعر
2011-03-05 17:48:24
شجرتنا الطيبة الحنون
هي كذلك الدنيا لا بد لها من ان تشقينا بمشاكلها .. انما لابد لنا من البحث عن الامل وسط زحام تلك المعاناة ..شكرا لمرورك الغالي ..قربك واحساسك هو الدومري الذي ينير حروفنا وهمسك الجميل ليميز كلماتنا باسلوب نتمنى ان يكون قريب من قلوبكم..

السعودية
محروق قلبو
2011-03-05 17:06:15
ما بحب التشويق
بانتظار اكتمال السلسلة حتى ابدأ بقرائتها

سوريا
شجرة النخيل
2011-03-05 13:46:53
الأخ المنتظر!!!
المعاناة في الحياة ..اصبحت جزءا من الانسان..انشاالله ياحضرة السمو تكون نهاية القصة ..فيها شيء من السعادة..للجميع..بساطة اسلوبك جميلة جدا..تابع وفقك الله

سوريا