بعد أن مللت من نصح صاحبنا هذا يا أحبتي، رأيت أنه من الأنسب لكم و لي، أن أسرد لكم حكاية صاحب صاحبنا هذا.
فصاحب صاحبنا هذا، رافق الكثير،الكبير و الصغير، الغني و الفقير، المشهور و الحقير، و سأذكر لكم بعض هؤلاء، و أغلب الظن أنه رافقكم دوماً، أو أطل عليكم في المناسبات.
سرد لي في أحدى المرات قصته مع فيروز الغالية، و أنه كان دائم الوجود بأغنياتها، و أن حنا السكران، سكر بسببه، فهو لم يشرب أي نوع من أنواع الخمور.
و قصته مع مؤلف السيمفونيات الشهير، بتهوفن، و خصوصاً في سيمفونيته السابعة، حيث وصلت ببتهوفن لأن يقص أرجل البيانو و يضع أذنه على الأرض ليشعر بذبذبات المفاتيح، و كل هذا بسببه.
و قصته مع أحد الشعراء، عروة بن حزام، من بني عذرة، و ابنة عمه عفراء، و كيف ماتا بسببه، حيث رافق عروة في مأكله و مشربه و نومه و صحوته، حتى لفظ هذا الشاعر أنفاسه الأخيرة، فلم يكفيه ذلك، فرافق أبنة عمه حتى أسلمت هي الأخرى روحها الطيبة.
و بعد أن سرد لي معظم قصصه، قاطعته لأستفسر عن سبب مصاحبته لصاحبنا هذا، فقال لي:
أنا لا أجبر أحداً على مصاحبتي، فكلهم يأتون لي طوعاً، و أنا أستقبلهم بصدرٍ رحب و آخذهم تحت جناحي، و أشربهم من خمرتي اللذيذة.
فأستغربت ذلك، ألهذه الدرجة يحبه الجميع، ألهذه الدرجة تطيب لهم مصاحبته، فقال لي:
يا سيدي، صاحبك هذا، كان دائم الرجوع إلي، مع أنه يعلم أنني قد أقتله بالنهاية، ربما ليشعر بإنسانيته، ربما لشعوره بوحدته، ربما لشعوره بمفارقته لمن يحب عاجلاً كان أم آجلاً، و ربما لأنه يعشقني.
و مع ذلك لم تعجبني أسبابه، أمعقول أن تصاحب من تعلم أنه قد يقتلك في يومٍ من الأيام، و الأبشع من ذلك أن يصل بك الأمر لدرجة العشق.
لا أعلم يا أحبتي، أسئلة لا أجد لها الجواب الشافي، و أجوبة لا أعلم من أين تأتي أسئلتها، و كل هذا من وراء صاحب صاحبنا هذا، و خمرته اللذيذة.
فهل عرفتم يا أعزائي عمَّ أتكلم؟
نعم، أنه الحزن، و خمرته المسكرة، خمرة ذكريات الماضي المعتق.
الخميس 332011
صديقي ابو نفاضة..والله العظيم كلامك بحسو عم يعبر عني انا..الأنسان بيقدر يستغنى عن اشياء كتير..الا الأمل..لأنو الفشل بيجيب فشل..والحزن امتداد او نتيجة لفقدان الأمل ومقدمة لاكتئاب..نهايتو رح تكون الانتحار..صدقني رح نشتقلك كتير..انت تركت بصمة بالموقع..تحياتي الك
يمكن نحنا مجبرين نصاحبه ليس عشقا منا بس لأنه لازق فينا وما بنلحق نخلص منه بيرجع
لو تعلم يا صديقي أنه هو الذي يصاحبنا ويلزمنا طوال حياتنا ولكننا يمكن أن تخلص منه بطريقة واحدة وهي الأمل وكلنا نستطيع لأنه يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر ولا يمكنه أن يعيش بلا أمل ولا بد لشعلة الأمل أن تضيء ظلمات اليأس ولا بد لشجرة الصبر أن تطرح ثمار الأمل