على شاشة لا تبعد عني الا بضعة كيلو مترات, تطير تلك الفراشة و تتراقص على أزرار الكيبورد, لترسم في مخليتي أشياء أتمناها أن تكون, لطيفة, ذكيّة, لا تتسرع في اطلاق الأحكام, بعيدة عن عقدات الابهام, تحولت الى صديقتي الرائدة في عالم الأحلام.

لم أكن في يوم من الأيام, المتهور الساذج, قليل الفكر و الذكاء, لكن هذه اللحظات, أعيش بين الأنا و اللاأنا, أحاول تقضية ساعات النهار, بسرعة العاشق الولهان, لأدخل حاسوبي و أدخل ملحمة العشاق, بيني و بين تلك المجهولة, مُلهمتي بكتابة هذه الاقصوصة.

كل ما أعرف عنها, أنها تملك عيوناً عسليّة, تذكرت بسرعة البرق الإله الذي صلى له درويش, و تغنى بسحر عيناهُ مرسيل, لكن بينها و بيني لا توجد بندقية, لا يوجد الا لوح من الزجاج المرئيّ, مع بضعة ألوان أكاد لا أميّز الا لون عيونها العسليّة.

بعد مرور قليل من الوقت, تراءى لي ذلك المشهد العظيم, حين يحلق النحل, و يقطف حبات الطلع, من الأزهار الملوّنة, بألوان قوس القزح الممتد بين طرفيّ السماء, لتنتج ما يسمى عسل, لماذا لم يكن لونه أحمر كلوّن شقائق النعمان, أو أبيضاً بروح الياسمين الدمشقيّ, الآن أيقنت أن الله أبدعه و أهداها لعينيّها.

حين يدق العود بألوان الحياة, يمتزج لونه بلحن الموسيقى الصادقة, ما أجمل هذا الموقف و النظر الى عيّناها, أطير خلف أسوار المعقول, و أتشبث بشيء يسمى خيال, قد يكون هذا هو السر الذي جعلني أتعلق بفتاة لم آراها بعد ...

لست من دعاة التجديد, و تطوير الحب, و عوّلمة المشاعر, لكني أؤمن على قدرتي بالشعور البعيد المدى, و التحسس بمشاعر الآخرين, ألامس روحهم, و أؤمن بالتخاطر الوجدانيّ ....

كولومبس حين خرج لاكتشاف الهند بحراً, كان يظن بأنه فشل, و مات و لم يكن يعرف أنه أكتشف قارة بكاملها, لكني على عكسه تماماً, لا يهمني الذهب و لا الحرير و لا التوابل, أحاول اكتشاف الحب و رؤية عيّناها.

سفن قدرنا قد لا توصلنا الى بر الأمان, قد تدخلنا في خضم العواصف و الأعصارات, قد تقتلنا في متاهة البرموديات, لكن الشرف أن تحاول ارسال رسالة ساميّة و ما أعظم من العشق و ما أنقاه من رسالة.

ربما مشهد صغير قد ألهم العمالقة بكتابة الروّيات, يحق لي أن أكتب أقصوصة صغيرة أحس فيها, و كأني يوليوس زماني, و تلك الصغيرة كيلوباترا الحكايات كم أتمنى أن لا تنتهي قصتنا بمقتل البطل و انتحار الأميرة.