syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
حافة الجنون ... بقلم : DODY

صعبٌ أن تحب شخصاً وتراه كلما نظرت في مرآة ...


تراه في تفاصيل وجهك.. في شحوبك.. في اصفرارك.. تراه في كل شيءٍ فيك...

ولكن الأصعب  أن تكون المرآة هي المكان الوحيد الذي تراه فيه...

وهكذا تبدأ رويداً رويدا بالسير إلى حافة الجنون..

 

وتبدأ بالإدمان على مرآتك التي تبعث عطره وتفاصيل وجهه ورائحة شعره في كل المكان...

والغريب أنه ليس لديك سوى خيارين... إما الجنون أو الألم...

فتفضل الخوض والمضي في جنونك الأعمى خوفاً من ألم الفراق وقسوته...

وتعتقد أنك بالإدمان على مرآتك ستهرب من ألم فراقه...

 

ولكن بعد أيامٍ قليلة.. تبدأ باكتشاف اليقين... وتتراءى لك الحقيقة المرة...

حقيقة أن الألم قد سرق منك كل شيءٍ بأبسط التفاصيل وأكبرها...

وتدرك أن ضعفك قد سلب منك من تحب

تنظر من حولك لترى الفراق وقد بات واقعٌ لا مفر منه...

 

وتحاول إعادة حساباتك.. وتعاتب نفسك على فراقه...

وتحاول الرجوع بذاكرتك إلى الوراء... لتعرف سبب الفراق...

وتستنكر وتسأل نفسك ملحُا ً كيف تركك ولماذا رحل؟!

 

وسرعان ما تعود الكارثة لتذكرك.. وتقف نفسك حاقدة ً ثائرة:

ألستَ أنت من اتخذت قرار الفراق.. ألستَ من ارتصفتَ بالوحشية العمياء...

ألستَ أنت من قررت الرحيل، وأدرت له ظهرك وسرت مغادراً وتركته أسير الحيرة والألم...

ولكن لمَ ؟؟!! لمَ كنت الجنون وأمه وأبيه وأصله؟؟!!

لمَ سمحتَ لضعفك أن يوصلك إلى هذه النهاية؟؟؟!!

وبعدُ تختلق الأعذار زاعماً أن القدر أراد ما أراد...

وأنّ سعادته ستكون في بعدك عنه..وأن حياته ستكون أفضل بعد الفراق...

وتكذب علي وتقنعني أنك ستنسى.. وستستمر  بحياتك..

وأنت في أعماقك على يقين ٍ بأنك لن تنسى ولن تعرف كيف تعيش من دون  كل تلك التفاصيل التي جمعتك به..

 

والآن وقد مرت أيامٌ وليالٍ طويلة بعد الفراق.. أهكذا أفضل...؟؟!!

أطرقت الراحة بابك أم مازال الحنين يروح ويجيء بداخلك يقتلع كرياح كانون كل شيءٍ جميل..؟!

أصرتَ من بعده شخصاً آخر يعرف كيف يعيش وكيف يفرح وكيف يرسم شمساً وبحراً وسماوات؟؟!!

أم مازلتَ كما أراك ذاك الشبح الذي سلبه ضعفه حياته وأحاسيسه ولون دموعه...

 

وانظر إلى من أحببته.. وأخبرني بعد كل ما فعلت.. هل صارت حياته كنصر تشرين...

هل وجد السعادة من بعدك؟! أم مازال الحزن يلف أيامه ولياليه ؟!

هل بات من بعدك أسعد من ماضيه معك ؟!! أم ارتصفت حياته بلون الألم وبات اسمك لو مر بباله يجرحه ويبكيه...

 

وتمسك نفسك عن الكلام لأنها هي نفسها لم تخرج  من هول المصيبة التي حتى هي لم تسامحك عليها بعد...

مازالت تجفف دموعها التي تنهال كلما حملت رياح الخريف رائحة شعره أو تراءى في الربيع لون عينيه وتفاصيل وجهه..

حتى الشتاء.. بات ينثر عطره في كل الزوايا، و زمهريره يبعث في بالك كل الصور والذكريات...

 

وتتدارك نفسك متابعة :

 

إيــاك .....إيــأك  أن تفكر بالرجوع إلى الماضي...

أو أن تفكر باستعادة كل ما كان.. أو تظن أنه سينظر إليك مجدداً..

أو تعتقد أنه سيضيع بين طيات جنونك مجدداً.. وسيرسم معك السماء مجدداً..

وسيدندن لحن العصافير معك مجدداً.. ويعشق عطر السحر.. ويدمن طعم المطر...

إيـــــــــاك........

 

إيـــاك أن تنسى أنك في الماضي جرحته وغادرت من حياته كما يغادر السيف من بين الضلوع...

لا تنسى أنك رحلت بعد أن جردته من أبسط حقوقه في اختيار مصيره...

كنت في الماضي ماءه وهواءه وريف عيونه..

 

أما الآن وبعد كل ما فعلت ... وبعد كل هذا الفراق...لم تعد تمثل له سوى الألم والدموع والعذاب...

لم يعد يرى فيك من أحبه وأدمن راحة يداه لسنين طويلة...

وإنما من علمه كيف تنزف الجراح وكيف يحترف الإنسان الألم...

 

أردت سعادته ”أجل...خفت عليه من قسوة القدر "أجل... ولكن لو كشف القدر يوماً أوراقه لما عرف الناس دمعاً ولا أحزان...

اعتقدت أنك في بعدك عنه سيصافحه القدر ويكون له صديقا...

ولكنه أبكاه وجرده من كل شيءٍ جميل...

وترك صورٌ وبقايا ماضي... و ذكريات ٍ يرشفها من شاطئ الحنين...

 

 

 

حتى ولو رأيت منه بصيص أمل..

إيــأك......... إيـــــاك أن تظن أن الـحــب يمكن أن يعود كما كان قبل الفراق...

أو أن تظن أن شرارة ً ستشعل عشق الماضي العريق...

وأن جراح الماضي ستنمحي.. ولن تترك أي أثر أو ندبة..

وأن الحب فوق كل شيء...

 

وأنه عند أقدامه تنتهي الآلام وتذبل الحروب وتخجل وحشية العالم...وأنه..وأنه.. وأنه...

محالٌ أن يعود الحب كما كان قبل الفراق...

 وهناك ذنوبٌ لا تغفر.. وأخطاءٌ لا تصلّح...

 ولو استطاع أحد أن يرجع الأيام ويعجن قدراً من صنع يديه...

 

أو أمكن لكل شخص ٍ أن يمحي كل السواد من ماضيه... ويصوغ مصيره ويحدد خياراته... لما عرفت البشرية طعم الألم...

ولقد فعلت في الماضي ما لا تستطيع محوه  ولا تجميله ولا حتى نسيانه..

وقد وصلت إلى نهاية ٍ لا يمكنك فعل شيءٍ فيها...

سوى الوقوف على أطلال الماضي ورفاته... وبقايا ذكرياتٍ تحول بها الزمان إلى رماد...

 

 

فاحزم أمتعتك يا صاحبي... وأدر ظهرك مجدداً... وغادره مجدداً..

واتركه مجدداً ربما في هذه المرة أشفق عليه الزمان واستطاع أن يجد طريقاً جديداً..

وربما شريكاً جديداً.. يجد معه السعادة بعيداًَ عنك..

وتناسى أنك في يومٍ عشقته..

 

وتناسى أنه كان منذ زمن ٍ أسوأ عاداتك وأحلاها..

وكان فنجان قهوتك الصباحية... وقوارير عطرك الفرنسية...

ولطالما كان معاني كلماتك .. وأول أحاديثك ومنتهاها...

تناسى أنه كان فصاحتك  وجنونك وتمردك و خيالاتك...

 

وأنه سكن  دوماً في دقات الثواني وفي كل دقيقة ٍ من كل الساعات التي علقتها...

وأيضاً أنه كان من كل شيءٍ يطل عليك..

ففي الستائر كنت تراه وفي اللوحات القديمة كنت تراه...

وفي انعكاس الملاعق وفي صوت الرياح وفي طعم البرد...

لطالما رأيت طيفه في الجدران وفي رحيق المساء.. حتى في صوت البكاء...

 

وحتى ولو عجزت بك السبل عن انتزاعه من داخلك وصميمك...

وهرب منك النسيان وما عرفت له درباً ولا طريقاً...

وسأمت منك الأحوال وضاقت الأحزان بك ذرعاً...

إيــــاك... إيـــــأك أن تفكر بالنطق باسمه مجدداً...

فهو أ أكبر من أن تجرح حروف اسمه بلسانك..

 

وتمنى أن يقدّر القدر تضحيتك و أن يسعد مجدداً ويجد سبباً جديداً للحياة..

وأن تلمس الفرحة قلبه مجدداً.. ويعيش مجدداً.. وربما... يحب مجدداً..

فهذه الدنيا لم تكن في يومٍ كما أردنا ...

ولو كانت لما رأيتَ يا قلبُ عاشقاً يخدش زجاج القمر بدموعه.

2011-03-12
التعليقات
violetyy
2011-03-13 00:57:18
لو
لو ان كل شخص يقدر مدى الالم الذي صنعه ويصنعه مثلك مثل جنونك ومثل المك لما بقيت دموع تطيح على الخد تارة وتمسح بالاصابع تارةاخرى ولما وصلنا الى جنون المرايا شكرا شكرا لجميع احرفك...

سوريا
razan r
2011-03-12 19:03:01
حلو كتير
عن جد كتير حلو وصفك ...

سوريا
علوش
2011-03-12 18:20:42
قدر
عودي اليه كفاه موتا فالدنيا بعدك اصعب / عودي اليه فالسعادة انت من صنعها وانت من قتلها في عينيه / عودي اليه واعيدي لعينكما النظر /عودي اليه بربك كي يعود لون شحوب القمر /عودي اليه واعذريه وكوني أول من غفر /عودي ايه واخلقي بين ذراعيه اجمل قدر

سوريا
Rghad
2011-03-12 13:52:05
ـــ
عنجد كتير حلو هالحكي

سوريا
shaza
2011-03-12 05:37:34
-
يا الله ما أجمل هذي الكلمات ودفق المشاعر الرقيقةالذي يعتمل في قلبك. أرجوك يا سيدي عن أي حافة جنون تتحدث ..هذا حب يمتلكنا بشكل أو باخر، اقبله لفترة واستعد لحب اخر إن كنت تبحث وإن كنت لا تبحث فدعه في قلبك ..حدثه بما يليق بحب كبير وأحاسيس متقدة، ضعه في مكان يكرم فيه بغسيل يومي لأقدام من أحببنا يوما. الحب البادي في قعر مراة ماهو إلا شجرة نمت في مراة نفوسنا فصارت جزءا منا وإكليل غار لقلوبنا. دمت بألف خير يا رب

سوريا