syria.jpg
مساهمات القراء
شعر
هزيمة الانتصار ... بقلم : م.محمد أسعد

رفع رأسه معتدّاً بأنّه مازال واقفاً رغم كلِّ الأعاصير و المِحنْ


 ورغم جميع محاولات الإذلال و التطبيعْ

 رفع رأسه في حين تدلّت الرقاب حوله .. و انحنت الرؤوس

 

 حتّى كادت جباهها تعانق الأرض

 و تحفر في صفحتها بصمة لا تزول بسهولة

 رفع رأسه و لم يعلم أن بندقيّة القنّاص موجّهة إليه

 تنتظر اللحظة المناسبة لنسفه

 و في صخب الصمت المميتْ

 سمعَ صوتاً يقترب منه

 

حاول التركيزْ

 فأدرك قرب المنيّة

 حاول الهربْ

 ولكن للأسفْ

 هنا تسقط نظرية الجهات الأربعْ

 

 فهو أمام خيارين لا ثالثَ لهما

 إمّا صعود إلى السماءْ

 أو هبوط إلى قاع أرض تاهتْ معالمها

 كان يقول دائماً

 أنا لا أخشى الموت ْ

 و لكن لا أعرف لماذا

 

 تصبّب العرق منه و ارتجفت قدماه 

 هل تسلل الخوف إليه ؟

 أم أنّها الصدمة ؟

 أحسّ بظلم ٍ شديد ْ

 فهو طالما تغنّى بأنّه لم ينحني لأحدْ 

 و لكنّه في الوقت نفسهْ

 

 يحاولُ الهرب من ضريبة عنفوانهْ

 ما معنى أن تموت واقفاً ؟!

 هل هو انتصار للذّات ؟

 أم هزيمة للآخرين ؟

 هل يكون انتصارك بهزيمة الآخر ؟

 لم يكن صاحبنا يعرف

 

 أنّ كل من حوله  يظنّ نفسه المنتصرْ

 وعاد إلى وعيهْ

 ولكن لم يسعفه الوقتْ

 فقد سكنت الرصاصةُ رأسهْ

 ورسمت على جبينه وردةً حمراء

 أخذت تفقد لونها تدريجيّاً

 

 لتسيل على وجهه كشلالات قريتهِ الجميلة ْ

 لم يستطعْ أن يدركَ هذه اللحظة

 ولكنّه ظلّ واقفاً

 مات و لم يعرف أن الجموع حولهُ

 لم تكن سوى جموع المصلّين

 في ساحة الجامع الصغيرة

 

 مات ولم ينحني

 لكنّه ....

 لم يكن بطلاً قوميّاً في عيون الآخرين

 كان شاذّاً عنيداً ملحداً .....

 سمّه ما شئتْ

 ولكن لا تنعته بالبطلْ

 

 ففي هذه القرية

 من يموت واقفاً

 لا يستحقُّ أن يُصلّى عليه

 أو أن ينال جنازة مشرّفة

 كنتُ أراقب المشهدْ

 رأيت مستقبلي في عيونهم

 

 رأيت نهايتي

 و أسفت لكوني نجوتْ

 فأنا أتوق إلى مِيتةٍ مشرّفة

 مِيتةً تكون فيها ولادتي

 لذا قررت أن أقف على قبري

 و أنتظرُ الرّصاصةَ الموعودة

 

 أنصِتوا قليلاً

 فأنا في هذه الأثناءْ

 أسمع صوتاً يقترب منّي

 لذا اعذروني

 فأنا مضطر للرحيلْ.....

2011-03-17
التعليقات
الحمامة البيضاء
2011-03-17 04:56:49
صباح الورد
هنيئا لمن مات في سبيل وطنه ورفض الخضوع والاستسلام لظلم العدوان

سوريا