التلفزيون بحر .. تعددت أمواجه .. تارة هادئة تنقل رسالة مفيدة للمشاهدين على اختلاف أعمارهم .. بالنسبة للصغار، تقدم لهم برامج تتخللها كل المتعة والفائدة .. وتقدم للشباب الأفلام الثقافية والدينية اللازمة .. وأما الكبار .. فتقدم لهم برامج عن عالم الحيوان والجبال والبحار .. والبرامج الرياضية تكون القاسم المشترك بين الجميع .
وتارة أخرى تكون أمواج البحر صاخبة .. تقدم رسالة تنعكس سلبيا على كل الناس . جاء الاختراع الذي حظي بنسبة مشاهدة عالية المستوى لم يسبق له مثيل فطغى على غيره من وسائل الإعلام من صحف ومجلات وراديو ..... ساهم في أن يضع قدمه .. ويخطو خطوة كبرى في عالم التكنولوجيا .. فقد نشر الكثير من الرسائل البشرية ككل وفيها الأفلام والمسلسلات التي ساعدت جميع أنماط الناس على متابعتها ..
أشخاص نشؤوا وترعرعوا في حضن الفن الدافئ الذي تفرع عنه مواهب وفنون شتى فمنها التمثيل ..على سبيل المثال لا الحصر .. الذي بدأ في بلد ثم انتشر في كافة الأوطان .
الاسم الجميل الذي انتسب إليه الكثير من الناس ذكور وإناث .. أصبح مدرسة كبيرة تضم في جعبتها طلابا كثر .. ثم تحولت هذه المدرسة إلى جامعة خرجت مواهبا عظاما بدؤوا التمثيل ثم صعدوا رويدا حتى كادوا يصلوا إلى القمة .. وضعوا نصب أعينهم للأمام دون حتى التفكير بالرجوع ولو قيد أنملة .
في سوريا ظهرت مواهب كثيرة كانت مدفونة .. لا يعرف أحد عنها أي شيء .. فخرجت من قوقعتها ونشرت شعاعها حتى غدت كلؤلؤة كانت مكنوزة في قلب المحار .. فلقد عرف منهم الكثير وبدؤوا يجسدون أدوارا وصلوا بها إلى العلالي وبفضلهم اشتهرت الكثير من المسلسلات ..
على سبيل المثال مسلسل (الخوالي) .. الذي روى لنا قصة الشعب الدمشقي منذ الأزل كيف كانت حياتهم ملؤها البساطة والتواضع .. وكيف احتل الأتراك أراضيهم .. وأن الثوار دافعوا عنها ببسالة وضراوة ..
كل هذه الأعمال وغيرها جسدها بطل هذا المسلسل (بسام كوسا) الذي أشعل قلوب المحبين بزيادة المتابعة هو وغيره من النجوم الكبار .... وهكذا بدأت المسلسلات تنساب الواحدة تلو الأخرى .. من بناء درامي أخاذ .. ونسيج قصصي محكم .. واشتهر أيضا مسلسل (ليالي الصالحية) الذي كان عماده الفنان العظيم (عباس النوري) .. والنجمة الشابة (كاريس بشار) .. فكانا كبرجين هائلين ليس في ارتفاعهما.. بل في مستوى أدائهما ..
وما هي إلا أيام قليلة مضت حتى حل علينا مسلسل (باب الحارة) ضيفا عزيزا .. وكأننا لم نشاهد مثل هذا العمل من قبل فقد حظيت هذه الدراما التلفزيونية الرائعة بكل شيء أداء وحضورا ونسبة مشاهدة خيالية .. حطمت عداد المشاهدين الذين أصبحوا يتوافدون من كل حدب وصوب لرؤيته وجاء هذا المسلسل بأجزائه الخمسة كوضع مختلف بعض الشيء عن غيره من المسلسلات .... ففي جزئه الأول: كان البطل (بسام كوسا) .. أما في أجزائه المتبقية: فقد كان الوتد (سامر المصري) بدور(أبو شهاب) .. وكان الفنان القدير (عباس النوري) بدور (أبو عصام) الحبل الذي يشد ذاك الوتد . وبعد فلقد عرضت هذه المسلسلات لأول مرة ثم تتالى عرضها .. ولاقت إقبالا جماهيريا هائلا .. ليس على مستوى البلد خاصة بل على مستوى العالم عامة .
وظهرت الدراما المصرية أيضا فكانت بحضورها لا تقل شيئا عن الدراما السورية ولاقت هي الأخرى إقبالا رائعا . ولكن حين نقارن بين الدراميتين .. لا نكاد نجد فرقا كبيرا يذكر باستثناء أبطال الشاشة السورية الصغيرة الذين جسدوا أدوار البطولة في الشاشتين معا ..
ونتلمس ذلك في الآونة الأخيرة .. التي ظهرت فيها مسلسلات مصرية ببطولة سورية .. فشاهدنا مسلسل (حدائق الشيطان) والذي كان فيه الفنان (جمال سليمان) .. السوري الأصل المصري اللهجة .. هو البطل,ونفس الكلام ينسحب على الفنان الشاب (تيم حسن) بدور (الملك فاروق) .. والفنانة (سلاف فواخرجي) في دور أسمهان و حديثا ظهرت في دور (كيلوبترا) العمل الدرامي الضخم الذي كان من إخراج زوجها (وائل رمضان) الذي دخل على ساحة الإخراج مؤخرا وكان خير مخرج .
أبطال سوريون جسدوا أدوارا مصرية بشكل لافت وكانوا عند حسن الظن .. وكل هذا وان دل على شيء .. فإنما يدل على الخبرة الرفيعة .. وحسن الأداء .. والتطور الكبير الذي واكب مسيرة الفن .. والفنانين السوريين . فاستطاعوا هؤلاء النجوم أن يذخروا بمعطاءات شتى .. ويرفعوا اسم بلدهم عاليا.. ويرسموا الفرحة على شفاه المحبين .. ويضيئوا دروب الزمان .. لجيل المستقبل الرائع....... وفي البقية حكاية ..............
إن الفن الراقي هو مايرتقي بالنفس والاخلاق البشرية ويجعلنا نحلق بأرواحنا بعيدا .. موسيقا هادئة .. فيروزيات .. مسلسل هادف .. أغنية رومانسية .. مسرحية ناقدة معبرة .. رقصة ابداعية .. الله حبانا بالعقل والعاطفة وحبا الحيوانات بهما ولكن ما يميزنا عنها هو قدرتنا على السمو بعقلنا وتهذيب روحنا وعاطفتنا .. شكرا للكاتب