syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
الصوت الثالث ... بقلم : د. عماد

لن أتحدث بلغة سياسية بل سأتحدث بلغة أعتقد انها أقرب إلى الواقعية و البساطة، إن من حيث الصياغة أو من حيث المصطلحات.


إذا كان كل السوريين على اختلاف أطيافهم السياسية و الدينية و المذهبية و القومية، و على اختلاف ثقافاتهم و  تطلعاتهم، المقيمين منهم و المغتربين، لا يختلفون على حب الوطن و حصانة الوطن و سلامة الوطن، فقد آن أوان أن تعلو كلمة وطنية محايدة في بعدها الإيديولوجي و لونها الديني و انتماءها القومي و طيفها الاجتماعي... لكنها كلمة منحازة إلى سورية .. كلمة شفافة بيضاء صادقة ...

هذه الكلمة الوطنية المخلصة الغيورة .. من واجبها أن تعلو و تعلو .. الآن و ليس غداً فما تشهده ساحتنا السورية يخصنا جميعنا و يمسنا جميعنا و سنحصده نتائجه جميعنا ... فهي إذن ليست كلمة تطوعية بل هي واجب وطني و أخلاقي على كل غيور .

 

لم يعد سراً، كما لم يعد خافياً على أحد أن ما يجري في سورية أزمة نرجو ان لا تتطور إلى ما هو أسوأ، و إذا ما استبعدنا فكرة المؤامرة الخارجية و المندسين و العصابات و السلفيين و حتى الشبيحة، فإننا نبقى أمام خياراتنا كوطنيين،  السوريون اليوم كلهم و بلا استثناء و بمواقفهم المختلفة كلهم متفقون من حيث النتيجة على جملة من المطالب و الإجراءات الواجب القيام لحاضر و مستقبل البلد ، و يبدو أنهم مختلفون على الآليات و الزمن، الأمر الذي يشكل        - و الذي نريد أن نقتنع به - جوهر الأزمة الحالية.

و بلغة الاصطفافات (التي لا أحبذها و لا أريد التركيز عليها ) نجد أن هنالك ثلاثة مواقف أو مواقع رئيسية في سورية حالياً (مع تحييد كل العناصر الأخرى)، موقفان واضحان جليان، يتفقان – كما يبدو- على الأهداف و يختلفان في الآليات و هما موقف الحكومة في سورية و موقف الشارع السوري بشكل مجرد، فالطرفان يتفقان على جملة من الإصلاحات في سورية الشارع دوره في الطلب و الحكومة دورها في الاستجابة و التنفيذ، و المشهد السوري حتى الآن يسير وفق هذا النهج، أما الاختلاف فإنه يكمن في نقطتين رئيسيتين :

ـ الأولى تتمثل عامل الزمن المختلف عليه حيث تستجيب الحكومة لمطلب الشارع بسرعة لا تعجبه، فهو يريدها استجابة أسرع.

 

ـ عدم وضوح المطالب ، و ما يتفرع عنها ، من قبل الشارع، و في المقابل عدم الرد الواضح من الحكومة بإمكانية الاستجابة لهذه المطالب أو التباحث حولها.

هذان الطرفان الحكومة و الشارع لا يمثلان من حيث العدد ، إلا شريحة بسيطة من الشعب السوري و هناك طرف ثالث من الشعب السوري يمثل الأكثرية من حيث العدد فقط يراقب و يلتزم الصمت، و كما قلت فأنا لا أحبذ لغة الاصطفافات  و لكنه هذا التوزع هو حاصل فعلاً و لكن فقط من حيث العدد لأن كل طرف ، من حيث التنوع ، يشمل عفوياً الأطياف السورية كلها.

 

هذا الطرف الثالث (الصوت الثالث) يجب أن يقول كلمته بجلاء و وضوح، يجب أن يعلو هذا الصوت، و هو صوت في أصله لا ينفصل عن الطرفين الآخرين فهو على تماس مباشر بالحكومة و متداخل فيها، و على تماس أكبر بالشارع  و يتماهى فيه، هو صوت غير واضح المعالم و ليس له حدود فاصلة مع الطرفين الآخرين، إنه نحن جميعاً، الحكومة   و الشارع و الصوت الثالث ، إنه نحن كلنا فلسنا فرقاء و عندما يعلو هذا الصوت فإنه سيزيد تداخلاً في الطرفين الآخرين و لن يعود هنالك أطراف ثلاثة بل سنعود كلنا طرفاً واحداً و سنبقى.

 

الصوت الثالث يقول لكم جميعاً مهلاً على سوريتنا، فما تطلبه أيها الشارع هو مطلب حق و هو مطلب الجميع (الشارع  و الحكومة و الصوت الثالث) و قد أقرت لك الحكومة بهذا الحق و بدأت بتحقيق بعض ما تطلب و تدرس بعضه الآخر فما تراكم من أخطاء و تقصير خلال سنوات لا ينصلح في أيام ... حماسكم حماسنا و دماؤكم دماؤنا فأنتم نحن، و نحن هم ، و لا تزال هنالك فرص لحقن الدم و تجنب الفوضى فدعونا نغتنمها.

 

الصوت الثالث يقول لك أيتها الحكومة أنت منا و نحن منك، فكوني بمثابة الأم الصابرة و استوعبي أبناءك بل و تحمليهم فقد عانوا ما عانوا و أنت أدرى بما عانوا، و انفتحي عليهم أكثر فأكثر و صارحيهم و اغتنمي الفرص لتقتربي منهم أكثر و أكثر فأنت صاحبة السلطة و القرار ، فهم أنت، و أنت هم .... و كلنا نحن.

الصوت الثالث يؤلمه أن يرى سورية تنزف دماً و ألماً، الصوت الثالث الخافت لا بد أن يعلو و يعلو لا طمعاً في منصب أو حرصاً على جاه أو تملقاً لطرف أو محاباة لآخر، الصوت الثالث منحاز لكم أيها الطرفان .. منحاز لسورية .. فلا ترغماه على الإنحياز إلا إليكما معاً.

2011-04-23
التعليقات
تعبان من كتر مو زعلان
2011-04-24 08:32:43
الفكرة أصبحت واقعا
و إذا لم نستبعد فكرة المؤامرة الخارجية و المندسين و العصابات و السلفيين ، فما العمل؟ بعد ان أصبحت واقعا

سوريا
س س
2011-04-23 21:50:12
كلام رائع كلام جميل كلام اوافق عليه مئة بالمئة
بصراحة اجمل ما قرأت من بداية هذه الأزمة اللعينة حتى الآن،واخيرا صوت عقل حقيقي بعيد عن كلمات التخوين لاي جهة،طبعا الكل يتفق على حب الوطن ومصلحة الوطن،لذلك لنسمع بعضنا بعضا،لنناقش بعضنا بعضا،فالهدف واحد،والمصلحة واحدة،ان اختلاف وجهات النظر هو حالة طبيعية بين البشر وليست مشكلة في حالة الاتفاق على لغة العقل،العقل سلطان يا جماعة استمعو للعقل وسنكون جميعا بألف ألف خير،اما الاتهامات الجاهزة من كل الاطراف فهي لن تنفع شيئا،كلنا شعب واحد فلنكن كلنا يد واحدة،شكرا د.عماد على كلماتك واحترامك لعقولنا

سوريا
الحمامة البيضاء
2011-04-23 06:22:52
صباح الورد
مهلاً على سوريتنا، فما تطلبه أيها الشارع هو مطلب حق و هو مطلب الجميع (الشارع و الحكومة و الصوت الثالث) و قد أقرت لك الحكومة بهذا الحق و بدأت بتحقيق بعض ما تطلب و تدرس بعضه الآخر فما تراكم من أخطاء و تقصير خلال سنوات لا ينصلح في أيام ... حماسكم حماسنا و دماؤكم دماؤنا فأنتم نحن، و نحن هم ، و لا تزال هنالك فرص لحقن الدم و تجنب الفوضى فدعونا نغتنمها.كلام عاقل صحيح ورائع جدااااااا

سوريا