" الى أمي , مع أصدق التمنيات بإقامة طيبة في جنة خلقت خصيصاُ لأجلك "
رتبت المذيعة المشهورة الأوراق التي في حوزتها و عدّلت جلستها ناظرة إلى ضيفها النجم و قالت :
_ و الآن , و في نهاية هذا اللقاء , أود أن أسأل ضيفي العزيز سؤلاُ شخصياُ إن كان لا يمانع ؟
ضحك الضيف و أشار بيده أن تفضلي , فقالت :
_ بعد هذا المشوار الطويل في فن الطبخ الذي بفضله أصبحت معروفاُ كأشهر طاه في المطبخ العربي و الأوربي و الآسيوي , هل هناك لون من الطعام لازلت تشعر أنك إلى الآن لم تتقنه ؟ .
انحنى الضيف إلى الأمام شابكاُ كفيه , و نظر طويلاُ إلى الأرض , ثم رفع رأسه و قال باسماُ :
_ كما تعلمين يا سيدتي , فأنا أنحدر من عائلة فقيرة و لكن مثقفة , فوالدي كانا جامعيين – رحمهما الله – و كان أبي كثير السفر بهدف تحسين وضعنا المعاشي , و كانت تمر أيام علينا لا نملك في البيت إلا اليسير القليل من المال , مما كان يدفع أمي إلى اختراع بعض الأطعمة البسيطة تسد رمقنا بها , و من هذه الأطعمة قالب حلوى مصنوع من الرز الله وحده يعلم أين تعلّمته؟
و في كل المرات التي كانت تعده كانت تفشل في صنعه , فتارة كانت تحرقه و تارة أخرى كانت تقدمه نصف ناضج , و لكنها لم تكن تيأس , و توفيت من دون أن تفلح في تقديمه لنا كما يجب أن يكون .
و كنا نحن أولادها نأكله و التعليقات الساخرة تملأ المكان .
صمت الطاهي المشهور و أشاح بوجهه محاولاُ تفادي دمعتين احتارتا في مقلتيه , باسطاُ كفه فوق فمه , و أخذ نفساُ عميقاُ حبسه بداخله و أطلقه بهدوء محاولاُ تهدئة روع نفسه , لكنه فشل فلم يخجل بأن جعلهما تنسابان فوق خديه , ومن دون أن يمسحهما نظر إلى المذيعة نظرة تنم عن جدّية تامة لم يعهدها أحد من ذلك الوجه الضحوك المرح الذي يتميز به كل الطهاة , و قال :
_ صدقيني يا سيدتي , لقد تألقت في إعداد كل ألوان الطعام و الحلوى التي تخطر و قد لا تخطر على بالك .
طبخت لملوك و أمراء و رؤساء و وزراء و سفراء و نجوم سينما و غناء من كل أنحاء العالم و ربحت جوائز و كسبت شهرة عالمية لم يصل إليها أحد , و لكني , و إلى هذه اللحظة , لازلت أفشل في صنع ذلك القالب البسيط من الأرز المحلّى الذي يجب أن يحمل نفس الطعم الغريب و ذات الشكل المضحك الممتلئ حباُ و دفئاُ كالذي كانت تصنعه لنا أمي في تلك الشتاءات البعيدة القاسية .... .
اسلوبك كتير حلو وفكرة القصة رائعة فعلا للذكريات الجميلة طعم خاص لا تبدله اغنى زركشات التجميل الحياتية والمستقبلية ومهما حاولت وضع منكهات لطبق لاتأكله بروح مرحة ووجه يضحك من قلبه مع لمة الاحبة لن تشعر حين اكله بتلك اللذة
قصة رائعة ،فعلا الشغلة مو بالاكل واذا بناكل خبزة وبصلة ونحنا مبسوطين اطيب من كل أنواع اللحوم ونحنا مهمومين