syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
خلق التغافل ... بقلم : بدر خواجكية

تركَ رجلٌ زوجتهُ وأولادهُ مِن أجلِ وطنه قاصداً أرض معركة تدور رحاها علىَ أطراف البلاد , وبعد إنتهاء الحرب وأثناء طريق العودة أُخبَرَ الرجل أن زوجتهُ مرضت بالجدري في غيابهِ فتشوه وجهها كثيراً جرّاء ذلك ..


تلقى الرجل الخبرَ بصمتٍ وحزنٍ عميقينِ شديدينِ ..

وفي اليوم التالي شاهدهُ رفاقهُ مغمض العينين فرثوا لحالهِ وعلموا حينها أنهُ لم يعد يبصر ..

رافقوه إلى منزله وأكمل بعد ذلكَ حياتهُ مع زوجتهُ وأولادهُ بشكلٍ طبيعي

 

وبعد ما يقاربَ خمسةَ عشرَ سنةٍ توفيت زوجتهُ ..

وحينها تفاجأ كلّ من حولهُ بأنهُ عادَ مبصراً بشكلٍ طبيعي ..

وأدركوا أنهُ أغمضَ عينيهِ طيلة تلكَ الفترة كي لا يجرح مشاعر زوجتِه عند رؤيتُه لها ..

تلكَ الإغماضة لم تكن من أجل الوقوفِ على صورةٍ جميلةٍ للزوجة ..

 

وبالتالي تثبيتها في الذاكرةِ والاتكاء عليها كلما لزمَ الأمر ..

لكنها من المحافظةِ على سلامة العلاقة الزوجية حتى لو كَلّفَ ذلك أن نعمي عيوننا لفترةٍ طويلة خاصة بعدَ نقصان عنصر الجمال المادي ذاكَ المَعبر المفروض إلى الجمال الروحي

 

ربما تكونُ تلكَ القصة مِنَ النوادر أو حتىَ مِنْ محض الخَيال

 

!! لكنْ ..

هل منا من أغمضَ عينهُ قليلاً عنْ عيوبَ الآخرين وأخطائهم كي لا يجرح مشاعرهمْ !!

هل سمعتم عن خلق  من أهم أنواع الأخلاق وهو (( خلق التغافل  ))

خلق التغافل ان لم يكن فيك لن تكسب صديق وستخسر الاصدقاء

لابد أن تغمض عينيك

 

وأنت جالس مع صديقك .. وأثناء حوارك مع أخيك .. بل وأنت مع زوجتك تتناول وجبة الغداء .. في كل هذه الأحوال وغيرها قد ترى من الطرف الآخر " خطأ " أو ملاحظة .. وقد تسمع منه كلمة تعاب ولا تنبغي .. فحينها أقول لك " أغمض عينيك " وتغافل عما رأيت أو سمعت .

ومن لم يغمض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب

إنه خلق " التغافل " الذي هو من " أجمل الأخلاق " و" أرفع المبادئ " وهو من " العفو " غير الصريح وفي التنزيل ( والعافين عن الناس )

هذا الخلق يزيد من محبتنا لبعضنا البعض و يزيد من محبة الله لنا ومحبتنا له

 

 أحب من الأخوان كل مواتي                   وكل غضيض الطرف عن هفوات

2011-04-29
التعليقات
زوركوف
2011-04-30 14:54:36
..
الحكمة سليمة: بس ماكان لازم يستسلم، إذا مرتي تشوهت بعمللا عمليات تجميل وواهم من يظن أن علاقة الرجل بزوجته تعتمد كليا على جمالها?!!? والحياة ستستمر.. لاأنكر أنه لو امتلأت الجيبة ووجدت راحة البال..قد ..إنو.. وماذا عن الأولاد الذين يحبون أمهم مهما كانت.. والله موقف صعب.. بس عيب الزلمة يلحق شهواتو، متل بعض المراهقين الطايشين .. شيء مخجل!.

الإمارات
الحمامة البيضاء
2011-04-30 07:31:34
صباح الورد
قصتك رائعة ومعناها أروع وتفسيرك الها أروع وأروع وياريت كل الدنيا تطبقها

سوريا
زهرة البراري
2011-04-29 18:55:14
رائع
خلق لكن أعتقد انهم قلائل جدا من يتمسكون به أو حتى يعرفونه على الأقل!مساهماتك رائعةأخي بدر أتمنى لك التوفيق

سوريا