دخل شاهد العيان إلى بيته منزعجاً و الشرر يتطاير من عينيه فالجو في الخارج على ما يرام و الهدوء يعم المكان و كل شيء طبيعي و تسير الأمور بسلام و أمان .
و هذا بالنسبة له شيء غير طبيعي فالحشود التي كان يحلم بها لم تخرج بعد و صوت أزيز الرصاص الذي يطلق في أعنان السماء لم يسمع به أبدا و حتى الإطارات المطاطية لم يشعلها أحد وهكذا لن يجد ما يعلق عليه و أحس بأنه عاطل عن العمل و نشر الخبر .
لم يكد يخلع حذاءه حتى صرخت به زوجته و أنبته بشدة على عودته باكراً فهي لم تنتهي من ترتيب المنزل و طعام الغداء لا يزال على النار و طلبت منه الذهاب فوراً إلى غرفة النوم و عدم إزعاجها ريثما تنتهي من عملها
دخل إلى غرفته متعباً بعد يوم شاق قضاه في أزقة و شوارع المدينة و هو يبحث عن الخبر الذي سيهز العالم ويكون مثل القنبلة المدوية
بدل ملابسه بسرعة واستلقى على السرير وأغمض عينيه وهو يحلم باسمه يتردد في كل مكان
وتتناقله وكالات الأنباء ووسائل الأعلام عبر الفضائيات ويشار له بالبنان
وما كاد يغفو له جفن و يرتاح له بال حتى سمع صوت جرس الباب يدق بشكل مزعج وكأن أحداً يريد أن يداهم المنزل أو يقتحم المكان فتحت زوجته الباب بلهفةٍ وقالت خير إن شاء الله جارتنا أم محمود وكانت جارتهم أم محمود تسكن في الطابق الأرضي سمينةٌ ثرثارة تتدخل في كل ما يعنيها ولا يعنيها
- ومن أين سيأتي الخير ألم تسمعي صوت سيارات الإسعاف ويقال أن هناك إطلاق نار و عشرات الإصابات في الساحات
- والله يا أختي لم أسمع شيئاً وعلى ما يبدو أن صوت الراديو كان عالياً
- أعوذ بالله يقولون أن المسيرات قد خرجت و الطريق مقطوع ولقد احرقوا الإطارات أمام مركز الشرطة وتابعت أم محمود كلامها يا أختي أفتحي التلفاز على الفضائيات وشاهدي أخر الأخبار يقولون أنها مشتعلةٌ في كل مكان ولا يوجد خبزاً و لا ماء إياك أن ترسلي أولادك للمدرسة فغداً ستستمر الاشتباكات و تحدث المصادمات
وهنا اقتربت أم محمود وهمست في أذن جارتها و أكدت لها أن ناطور البناء شاهد جارهم السائق الخاص للمسؤول قد أحضر كثيراً من الخبز وهذا يؤكد حدوث شيء ما فهو أعلم ببواطن الأمور و مراكز القرار ولم تستطيع أم محمود أن تكمل فنجان قهوتها فعليها أن تنقل الخبر إلى باقي الجيران 0
وهنا قفز شاهد العيان من سريره فرحاً مرحباً بهذه الأخبار التي يطرب لها البال أشعل جهاز الكمبيوتر وفتح إيميله الخاص ذو الاسم المستعار و أرسل بسرعة كل هذه الأخبار .
وما هي إلا دقائق حتى سمع صوت زوجته تدعوه لطعام الغداء فأثنى عليها وقال : شيء طيب المذاق سلمت يداك يا أعز الناس و من يستطيع غيرك أن يعد مثل هذه الأطباق وبينما هو بعد العصر يتناول كوب الشاي شاهد على الشريط الإخباري في تلك القناة الفضائية
... خبر عاجل من شاهد عيان .... عشرات القتلى و الجرحى في مدينة عربية وأنباء مؤكدة عن وجود مسيرات مليونية و اعتصامات وإحراق سيارات الشرطة و مركز البلدية .
ايوا و بعدين خاي شو صار بعد الغداء و الله مافهمت شو صار يعني هو مع مين اشرحونا زيادة شوي حتى نفهم خاي
البارحة قالو انقطع التليفون الأرضي والمي والكهربا بمدينتنا بقنوات الأخبار.. قمت سألت مرتي فاتصلت فورا بالأرضي عبيت أهلا، قام رن طبيعي، قمنا فهمنا إنو عنجد في تضخيم وتزويد للي عمصير.. شهادة حبيت ضيفا، مع إحترامي للجميع.
انشالله هيك شاهد عيان كاذب ينام نومة أهل الكهف ليرتاح و يريح هالبلد من كذبه وخيانته ونفاقه
ولله ما حدا اعمى و بلا عيون غيركون هي هي المصيبة انو بالرغم من كل شي تقارير ما طلعت على الاعلام السوري طلعت على ويكيلكس و بالرغم من انو هيثم المناع اعترف بعظمة لسانو انو حاولو يدخلو السلاح عن طريقو بس انتو ما بدكون تفهموا و لا بدكون تستوعبو بحمد ربي انو نسبتكون مو عالية لانو بالفعل حرام سوريا يكون فيا هالكميات يلي بتجلط من الغباء انشروا يا سيريا نيوز صار في شي الف تعليق مو منشور لالي.
إن أم محمود تشبه تماماً جارتنا أم عبدو فهي دائماً تبحث عن الأخبار وتنقل الأحداث مع مزيد من البهارات وعندما تجلس معها تشعر بأن الحرب العالمية الثالثة على الأبواب ويخلق الله من الشبه أربعين
هنا تكمن المشكلة مع وجود هذا الضغط الاعلامي الحاشد من الغرب و بصراحة الاعلام السوري تأخر في استيعاب الأمور و لكن أن تصل متأخراً خير من ان لاتصل أبداً
والله هيك عم يصير واكتر ما عاد نعرف وين الحقيقة ومين بدنا نصدق القصة جميلة والحبكة ممتازة سلمت يداك وشكرا لك
أرجو أن يبقى هذا الشاهد نائماً لأن نوم الظالمين عبادة
هذا بالضبط ما يفغله الاعلام السوري ، يخترع القصص ويفبركها ولكن بسيناريو مهلهل
ستحاسبون أمام الله عز وجل على كل كلمة باطل تتفوهون بها ..... إتقو الله فيما تنشرون ....والحقيقة واضحة كعين الشمس فلا تحاولو تغطيتها بسباباتكم .. فإنها إن نجحت عندها تكون قد فقعت أعينكم فقط ... قولو خيراً أو اصمتو ذلك أضعف الإيمان
كل ما ذكرته صحيح ولا نستطيع أن نقول إلا ياعيب الشوم على هيك عرب .. شكرا أخ محمد