syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
لأجل الوطن ... بقلم : ريـم منـهل حـسان

خرج الشهيد من بيته..لا مهلاً..لم يكن قد أصبح شهيداً بعد..وعندما أغلق خلفه باب المنزل لم يكن يعلم أنه يغلق معه باب حياته الأولى..ليولد من جديد باسم الشهيد.


ليته كان يعلم..إذاً لاستبقى أطفاله في حجره ساعة أخرى..دقائق أخرى..لحظة أخرى..لا يا صديقي كان عليه أن يسرع لأن الوطن بانتظاره.

ما المشكلة؟؟ ها هي روحه الآن تحتضن أطفاله..ومعهم تحتضن الوطن كله..وبعد قليل سيضمه الثرى.

 

لطالما سافرتُ في تاريخ الوطن..و كنت أسأل نفسي دائماً عن هذا المسحوق الأسمر الذي يملأ الأرض..هل هو حقاً تراب أم أنه رفات الشهداء تجمعت حفنةً حفنه على مر العصور؟!!.لم أعثر على إجابة..لكنني أدرك تماماً كم هو غالٍ هذا التراب..غالٍ ومقدس.

 

ها هو الآن يعتلي الأكتاف..لا ليس هو بل جثمانه..أما هو فيطوف بين الأهل والأصدقاء دون أن يروه..يوصيهم بوالديه وأطفاله..ويوصيهم بالحفاظ على الوطن.

غزيرةً كانت دموع الأولاد..وكبيرةً كانت لوعة الوالدين..لماذا فقدوه؟؟..لكي يحيى الوطن، ألا يكفي ذلك؟!!..بلى ولكنهم كانوا يعتقدون بأنه سيستشهد هناك..على حدود فلسطين.

عندما تفكر في الكتابة عن الشهادة فإنك تضع نفسك دون أن تدري في مأزق كبير..لتكتشف

 

أن بصرك أقصر بكثير من أن يدرك البدايات والنهايات..فتبدأ بالدوران داخل حلقة مفرغة تتوالى أمامك فيها صورتان فقط..صورة الوطن وصورة الشهيد..وعندها ستواجه سؤالاً وحيداً ليس له إجابه: أيهما أكثر تضحيةً الوطن أم الشهيد؟؟

الشهيد دفع حياته ثمناً للدفاع عن الوطن..والوطن يدفع حياة الشهداء ليحيا أبناؤه الآخرون..وأولئك الآخرون سيكونون مستعدين للتضحية بحياتهم من جديد ليحافظوا على تضحيات من سبقوهم.

 

وهكذا.....تستمر التضحيات..وكلما ازداد عدد أولئك الذين ضمهم تراب الوطن..كلما ازدادت قيمة التراب واستحق بأن تُحقن لأجله الدماء..لكي تُبذل لأجله..ولأجله فقط.

 

3 / أيــار/2011 

 

2011-05-16
التعليقات