باءت محاولات السائق العجوز بالفشل ،في إقناع تلك الفتاة العشرينية .بركوب الحافلة التي كانت تنتظر ليكتمل عدد ركابها
في ذلك اليوم الشتوي الماطر من أيام شهر شباط القاسية ، إشفاقا عليها من مرض ٍ يصيبها ، نتيجة المطر الغزير و الرياح القويةَ التي كانت تهب في ذلك اليوم أمام إصرارها بأنها تنتظر شخصاً ولن تركب الحافلة بدونه ....
لم تكن تدري أو بالأحرى لم تكن تدرك سبب إصرارها على موقفها و جلدها لذاتها بالوقوف تحت المطر بالرغم من انه كان بإمكانها أن تنتظره و هي جالسة في الحافلة ... ربما فعلت ذلك لتشعر بلذة الحب !!!...أو ... لذة الانتظار !!!....ربما !!!!.... لم تكن في تلك اللحظة تستطيع الوقوف على ما يدور بداخلها من تناقضات ...
نسيت كل ما عانته من البرد ذلك اليوم عندما بدأ الدفء يسري في أناملها الجميلتين اللتين كانتا بين يدي حبيبها وهو ينفخ عليهما بكل ما آتاه من قوة ليبعث فيهما الدفء و هما جالسين إلى جوار بعضهما البعض في المقعد الأخير من تلك الحافلة التي كان سائقها العجوز و الابتسامة لم تفارق محيّاه يسترق النظر إليهما من مرآته الأمامية بعد أن أخبر حبيبها بموقف حبيبته التي أصبحت وجنتيها حمراوين كزهر الرمان من...البرد ...ممزوجة ببعض الخجل.... كان ذلك اللقاء هو اللقاء الأخير الذي جمع بينهما القدر.... كما فرق بينهما بعد ذلك اللقاء ....
ما أجمل الحب وما أروع اللقاء وما اقسى البعد والفراق