استيقظت البلدة الصغيرة الغافية في حضن الجبل قبل موعدها المعهود بساعتين على أصوات طبول الفرح تدق في أرجاء البلدة لتعلن حفل قران الشاب علاء الدين والحسناء هيام
وكيف لا يكون هذا الحدث نادراً و هو يجمع الشاب علاء الدين الذي حباه الله بحسن الخلق وجمال الطلة وحلو المعشر بالإضافة إلى القوة و العزيمة وحب الوطن والآنسة هيام أجمل بنات البلدة و أسماهم جاهاً و علماً و أدباً .
ولقد جعلا مقر سعادتهما في منزل والدة علاء الأرملة التي اعتكفت في الطابق الأرضي وتخلت عن بقية المنزل لأبنها وزوجته الشابة ليتسنا لهما بداية حياتهما من غير عائق .
كانت أم علاء متشحة دائماً بالسواد رصينةٌ هادئة راضية هكذا علمتها الأيام الصعبة لقد كانت ترى تصرفات هذه الزوجة الشابة العابثة وتجد التبرير لها لأنها تعلم إن ابنها مشغوفٌ بها حتى العبادة.
لكن لكل شيء جميل عمر قصير هذه الحكمة التي تعلمنا إياها أي وردة تتفتح في الصباح وتعود لتزوي عند المساء وهذه الحكمة تنطبق على حياة هذه الأسرة الصغيرة فما كادت السعادة والهناء تدب في أرجاء المنزل حتى قامت الحرب على الحدود و هب الشباب للدفاع عن أرضهم و وطنهم وشرفهم .
أما علاء فإن دم الشباب الذي يغلي في عروقه دفعه لكي يلبي نداء الواجب ويتطوع لمساعدة إخوته في حماية سياج الوطن من غدر الأعداء الغاشمين .
لم تعرف عيناه طعم النوم هذه الليلة ففي الصباح الباكر سيكون ضمن القافلة المتجهة إلى الجبهة ويترك زوجته الشابة وأمه الأرملة الحزينة وكم هي قاسية ومحزنة لحظات الوداع ولكي يتجنبها تسلل خارج سريره على ضوء أول خيوط الفجر ولبس بدلته العسكرية بكل هدوء وهو يتأمل وجه زوجته الصبوح و شعرها الذهبي المبعثر فوق الوسادة ولم يستطيع أن يمنع نفسه من أن يطبع قبلةً فوق جبين زوجته وغادر الغرفة وهو يمسح دمعةً ترقرقت من عينيه .
هبط للطابق الأرضي و فوجئ بأمه تنتظره هناك وتحمل له في يدها الزوادة التي أعدتها له قبّل بكل الخشوع يديها و حاول أن يظهر لها رباطة جأشه لكن دموعه خذلته و بللت تلك الأيادي الطاهرة التي عانقته أغلق الباب الخارجي خلفه و أحس براحة غريبة و كأنه قد انتصر في معركته الأولى و بدأت معركته الثانية
ومرت الأيام على هذه الأسرة مرور السنين الطوال حيث كانت الأم تقضي وقتها بالدعاء و الابتهال بينما كانت هيام تقضي أغلب أوقاتها مع صديقاتها كانت كل واحدة منهم تفاخر بزوجها وأولادها أما هي فلاذت بالصمت لأن أخبار زوجها قد انقطعت منذ ذلك الحين.
وذات يوم وهي عائدة إلى منزلها لمحت حماتها أمام باب المنزل وهي تلوح لها برسالة تحملها في يدها عرفت على الفور أن الرسالة من زوجها فركضت بكل ما أوتيت من سرعةٍ و لهفةٍ قبّلتها و قرأتها عشرات المرات حتى حفظتها قال لها أحبك وأني أحارب من أجلك و سأعود إليك وعندما أعود سأضع في عنقك أكليل غار وأزين شعرك بغصن زيتون وغداً سيرفرف الحمام الأبيض حولنا ونحقق كل أمالنا فاصبري فغداً ستشرق لنا الشمس و يلوح لنا النصر .
كانت هيام شديدة الإعجاب بزوجها وكانت تحلم دائماً أن تسير معه في شوارع البلدة أمام صديقاتها وهو يلبس بدلته العسكرية و الأوسمة تلمع فوق صدره والنجوم تزين أكتافه .
وذات يوم وصل الخبر المشئوم إلى العائلة بأن علاء قد جرح في المعركة جروحاً خطيرة وأرادت هيام وحماتها أن تسافرا على الفور لكن ذلك كان مستحيلا فالحرب الآن في ذروتها ولم يعرف حتى الآن مصير علاء.
أسودت الدنيا في نظر العروس الشابة وودت لو تكون بجانب زوجها في حين بقيت الأم دامعة العينين تطرف بأجفانها وتعض بشفتيها .
لقد تخيلت هيام زوجها أعرج يسند يده على عصا طويلة ويده الأخرى على كتفيها
ثم تخيلته يسير في الشارع وأحد كمي سترته متهدل خاوي لسوف ترعاه في الحالتين وتعطيه السعادة والحنان وستكون يده وساعده وتهبه حنان الأم العطوف ودفء الزوجة ومناغاتها.
و ما هي إلا أيام قليلة حتى هبت هيام من فراشها وقد أيقظتها حركة غير عادية أمام المنزل أزاحت الستار عن إحدى النوافذ فوقع نظرها على سيارة إسعاف مغلقة وتبين من خلال الزجاج عدد من الناس يحملون بين أيديهم شيئاً ملفوفاً يحطاتون له وكأنه قطعة من الأثاث يخشى عليها من الكسر.
قفز قلبها داخل صدرها وصرخت .... علاء
ردّت عليها بعض الثياب و انطلقت للطابق الأرضي اقتحمت مجموعة الرجال وفي الحال عرفت الرأس الموجوع المستور بالقماش الأبيض والذي لا يبدو منه غير عين واحدة وجبين محروق نظرت لجسمه مرة أخرى وصرخت إن جسمه الجريح ينتهي هنا بغير ذراعين ولا ساقين وما هو إلا جذع أبتر بقي بفضل معجزة من الله .
تراجعت هيام خطوتين للوراء وولت هاربةً تدفع في طريقها أثاث المنزل وقد جن جنونها من الدهشة والفزع هل هذا هو زوجها وواجب عليها البقاء إلى جانبه للأبد وما زال ذلك الفم المستور بالقماش يغمغم بضراعة هيام ....هيام كأنما يلتمس الصفح منها على ما حل به من بلاء.
وهنا ابتعد الرجال وفسحوا المجال للمرأة ذات اللباس الأسود بالاقتراب وأحس هو بذراعين قويتين تطوقانه وقبلات يبللها الدمع وصوت يقول.... ولدي.... ولدي
عزيزي كثيرة ً هي العبر بين سطور هذه القصة كان أولها حب علاء للوطن رغم أنه كان في بداية سعادته ... قومة أم علاء وهي تدفع لولدها إلى ساحة المعركة بكل شجاعة وفاء هيام و كيف كانت ترسم أصابة زوجها وكيف سوف تقف إلى جانبه تحياتي لك عزيزي
هذه القصة المؤثرة ذكرتني بقصة جارة لنا رحمها الله تبرعت بكليتها لابنها الشاب و فور انتهاء العملية قامت من سريرها لتطمئن على ابنها و لم تشعر بألامها رغم انها أيضاً تم اجراء العمليةلنقل كليتها و هذه دعوة لتقديس جميع الامهات لأنهن يستحقين ذلك .
قصة مؤثرة لكن الحمد لله انتهت المؤامرة وقضي الأمر فليخسأ المتآمرون ,
أعدتنا أيها الكاتب الى أيام الرومنسية تلك الأيام الخوالي التي لا يشعر بقيمة دفئها الجيل الحاضر .حيث المرأة كانت جزء من الخيال و لوحة نقية تسمو في السماء . و ان كان لا بد من العتب و العتب بين الأحبة فذلك لأنك ميزت حب الأم عن حب الزوجة فالحب الحقيقي لا يختلف فهو عطاء ثم عطاء . أما هيام فأشفق لحالها و أرثو مصابها واما أنت أيتها الأم فلا يسعني الا أن أقول لك\الجنة تحت أقدام الأمهات\ فلك جزاء ما صبرت .
فعلا يمكن للزوجة ان تحب و تخلص في حبها و مقابل ذلك تريد كل شيىء :الحنان ,العطف ,المال ,الرعاية و الاهتمام و التفرغ أما الأم فهي العطاء بلا حدود والتفاني بدون مقابل ,و تأكد ان النسان الوحيد في العالم الذي يحبك أكثر من نفسه هي أمك .
والله مو ناقصين حزن أكثر.... قصة حزينة و كلمات رقيقة و مشاعر فياضة كمان بدك يانا نزعل عليه و على مرته و على أمه و الله القلب ماعد يسع بس و الله حلوة و في غيرها
ياويلي اي زوجة هي يلي زوجها راح الحرب وهي طلعت تشوف رفقاتها وبس بدها تشوف حالها فيه أي زوجة زوجها حارب ودفع بعض اعضاءه ثمن حرية وطنه وهي بس عم تفكر بمظهرها قدام الناس ياويلي شو هالدنيا
قصة رائعة .. تحية لك أخ محمد .