خامساً: متفرقات:
سأعرض وجهة نظر في موضوعين هامين على ما أرى في معالجة ومكافحة ظاهرة الفساد في القطر:
أ- إصلاح القضاء:
أكد المؤتمر القطري العاشر في حزيران 2005 في بيانه النهائي،" على أهمية دعم أجهزة السلطة القضائية واستقلاليتها، وتكليف الحكومة بوضع آليات ناجعة لمكافحة الفساد والحد من ظاهرة الهدر في المال العام..." فإذا كان عنوان الفساد هو الرشوة، فما من مرتشي إلا وأمامه راشٍ، فالرشوة عملية جرميه، ولا تتم إلا باتفاق الطرفين، فمن غير المقبول محاسبة طرف دون أخر، فأين الآخر؟ قيل انه تمت محاسبة بعض المحامين في هذا المجال، وهذا إجراء جيد نرجو ألا يكون طارئاً أو مؤقتاً، فالحساب يجب أن يطال طرفي الجريمة.
وقد قال وزير العدل: إذا كان يعول على القاضي، حسن الأداء، وإنجاح عملية التقاضي، خدمة للعدالة وإحقاق الحق، فالمحامون شركاء حقيقيون في هذه العملية، وبالتالي شركاء حقيقيون في الحساب والعقاب... ولا بد من التذكير أن قرار القيادة السياسية في إصلاح القضاء، كان إدراكاً منها لأهمية هذا الإصلاح وتأثيره الكبير على نتائج الإصلاحات المتنوعة الأخرى وأهمها مكافحة الفساد، لان العدالة بجناحيها القاضي والمحامي معاً، إذا كانت بخير فان المجتمع بخير، بالتالي فان الإصلاح الحقيقي والمثمر يبدأ بمكافحة آفة الفساد، واستئصال الفاسدين والمفسدين وما بينهما... وبعد تأكيد سلطة القانون وسيادته كضمانه أكيدة للوحدة الوطنية وترسيخها، التي هي سلاحنا الأمضى في مقاومة كل التحديات خارجية كانت أو داخلية، وسياجنا الأقوى في الصمود والممانعة".
- ويعتبر تحريك مبدأ التفتيش القضائي على أعمال القضاة المرتكبة فعلياً وليس المحتملة لمساءلتهم مسلكياً هاماً، لكن هل اعتماد الرقابة الخارجية في معالجة الفساد المنداح وتحجيمه مجدٍ؟ والى أي حد تستطيع هذه الرقابة تطويقه وإصلاح البنية الأخلاقية للمجتمع؟ آخذة بعين الاعتبار أن الأخلاق هي الأهم فان ذهبت ذهبوا، وهل تذهب مع الريح مقولة "البراطيل تنصر الأباطيل" وينتصر الحق والعدالة؟! وفي هذه العجالة فانه يجب:
- أن يكون القضاء مستقلاً فعلاً وحقيقة لا قول وإيهاماً.
- أن يزول ويتبدد خوف القاضي المزمن من السلطة- المال.
- أن يكون للقاضي – راتباً مفتوحاً كما في بريطانيا أو على الأقل كافياً بحق– سكناً مريحاً – واسطة نقل خاصة – توعية مستمرة – مراقبة وتقويم وتجويد الأداء – تنبيه وتحذير من الوقوع بالإغراءات المشلوحة على طريقه الملأى بالأشراك والأفخاخ، بما يسمى المحاسبة الوقائية الأسلم لتجنبه الوقوع في الخطأ والخطيئة.
- تطهير الجهاز القضائي من كل من أساء ويسئ لسمعته ونزاهته واستقامته وأدائه العادل، بلجنة سياسية قضائية داخل هذا الجهاز، فصاحب الدار أدرى بما فيه واقدر على إصلاحه وإحياء أفضل ما فيه.
ب- الإصلاح الإداري:
يقول السيد الرئيس بشار الأسد في حديثه لقناة العربية في 9/6/2003 عما يسمى الفساد الاقتصادي " لا يكفي أن نقول الشخص المناسب في المكان المناسب، أنت بحاجة للنظام المناسب، النظام الإداري المناسب، هو الذي يساعد الشخص المناسب على كشف الفساد، لذلك أنا قلت في مجلس الشعب، إن لم نقم بالإصلاح الإداري، فلن نصل إلى نتيجة في مواضيع مختلفة، لا في الاستثمار، وتطوير الاستثمار أو جذب الاستثمارات، ولا في مكافحة الفساد، وهذا ما نسعى إليه الآن" وقال في حديث آخر للحكومة الجديدة، " يجب اعتماد العمل المؤسساتي من قبل الحكومة"، مشيراً إلى الحاجة للقضاء على الروتين، لجدلية الارتباط بين الروتين والفساد معتبراً حل مشكلات الروتين هو ابرز طرق لمكافحة الفساد... وحتى نبدأ بشكل صحيح في الإصلاح الإداري لنتمكن من معالجة ظاهرة الفساد والقضاء على آفته، فانه يجب إعادة هيكلية الدولة أولاً – وزارات – إدارات – دوائر – مديريات – شعب وأقسام – مؤسسات ومنشآت حكومية، لتحديد ملاكاتها بدقة وموضوعية توسعاً كان أو تخفيضاً يكون حسبما تقتضيه الحاجة الفعلية والحقيقية وفق معطيات العصر التقنية – الأتمتة – واستخدام الكمبيوتر بمجالاته وطاقاته المختلفة والهائلة وغيرها... والتكنولوجيا العصرية التي دخلت هذه المؤسسات والقطاعات ولا تزال بزخم وسرعة للاستفادة القصوى من إمكاناتها وميزاتها، وبالتالي يتم القضاء على البطالة المقنعة والمفسدة غالباً، وإيقاف الهدر المادي والبشري الذي لا يقاس...
والبدء ثانياً بمعالجة الفساد بضبط حدوده وتحجيمه من جهة وتخفيف الخسائر والأضرار الناجمة عن وجوده، وذلك بتجزئة مشاكل الفساد الكبرى، والبدء بأصغرها وابسطها وأضعفها حلقة، بالموظف العادي في الدائرة الدنيا وتحديد المخطئين والهادرين والفاسدين تحديداً دقيقاً وعلمياً مشفوعاً بالوثائق والأدلة والقرائن اليقينية، فالتطهير بعد التصنيف القاطع يبدأ بالأكبر فساداً وخطايا، وبحزم وبدون استثناء لأي كان مهما كان، وإصلاح الأقل سوءاً وسيئات إن أمكن، والأدنى على الأغلب يستقيم بالعبرة من هؤلاء، وبالتصاعد المتتالي على نفس المنوال إلى القمة، ويمكن البدء بالتجربة في منطقة ما مختارة، وتطوير أساليب ووسائل التجربة مما يحقق الأفضل في أماكن أخرى، وبالتالي تعمم التجربة ويبدأ العمل في كل المحافظات بالتوازي، مروراً باستخدام النافذة الواحدة في المجالات الأدنى فالمتوسطة والعليا، بحيث يقلل احتكاك المواطن بعدد من الموظفين والتواقيع والدفع للجميع، وينحصر الأمر بموظف واحد، يمكن تحسين دخله بفرض طابع بقيمة بسيطة يعود ريعه لهذا الموظف ومن يرتبط عمله بهم حكماً كمكافأة وحافز للجهد والنزاهة والنظافة. حتى لا يظل الجهد في مجال مكافحة الفساد تائهاً وعائماً وحائراً ودائراً في حلقة مفرغة وبلا مسؤولية محددة الهدف والخطوات والأدوات وبلا إمكانية تقدير النتائج...
كما يمكن معالجة آفة الفساد القارضة والكامنة في الميزانيات وتفاصيلها ونهاية العام في الكثير من المجالات، كما يمكن تكليف كل مسؤول عن قطاع مستقل مالياً ويعمل تحت سقف الدولة والحكومة، أن يضع ميزانية محددة وكافية لتحقيق خطة وطموح هذا المسؤول بأفضل السبل وأنجع الوسائل واحدث الأدوات، ويحدد المداخيل اللازمة ومطارحها لاستكمال الخطة المحددة من الحكومة لهذا القطاع أو أي قطاع في الدولة كان، وهكذا يكون اقترح الحلول لسد العجز من المستفيدين من هذا القطاع بفرض قيمة مقطوعة جديدة أو مضافة للموجود، لينهض بهذا القطاع لمصلحة هؤلاء المستفيدين من الوضع ( منهم واليهم بالقانون.)...
ونحن نقدم خطوطاً عريضة لإمكانية السير في طريق معالجة الفساد بأمان ونجاح في قطاع هو من الأعتد والأصعب والأوسع والأخصب أرضاً لتفريخ وتكاثر وانتشار الفساد بسهولة القبول به وممارسته كعرف وحق مشروع قادماً من تغلغل ثقافة الفساد في بنية المجتمع على أنقاض البنية الأخلاقية لهذا المجتمع. وطبعاً الاختصاصيون في الإصلاح الإداري قادرون على تقديم الخطط الإستراتيجية والتفصيلية والتفسيرية لمثل هكذا مسائل طازجة، ولك في مسالة السيارات الحكومية وآثارها المعنوية والمادية الضارة للسلطة والمجتمع على حد سواء، وعجز القيادة عن إيجاد حل عادل وناجع ومرضٍ لها مثلٌ... عجباً!!!
بالخلاصة هذا عرض بسيط لموضوعين هامين القضاء والجهاز الإداري، فكيف ببقية القطاعات والمواقع العامرة بالفاسد..؟!!
خامساً: الخاتمة:
ظاهرة الفساد ظاهرة الظواهر العالمية، صارت مثلها مثل الإرهاب الدولي- الفساد الدولي... وكما اعتقدت القيادة في سوريا انه للقضاء على الإرهاب، أولاً يجب تحديد مفهوم الإرهاب بدقة وموضوعية وشرعية، وبالتالي تحديد أسبابه القريبة المباشرة والبعيدة غير المباشرة، لكنها الأساسية، وبالتالي للنجاح بمحاربة الإرهاب يجب معالجة أسبابه الجوهرية قبل الأمنية التي ستكون أيسر سبيلاً واقرب منالاً... وبالدقة والتفصيل والمغزى والمعنى والمبنى تكون معالجة آفة الفساد الضارية، أي يجب معالجة أسباب الفساد الجوهرية التي ذكرنا في هذا البحث اغلبها، ومن ثم تعالج الأمراض والأعراض والآثار والنتائج
وبالتالي ترميم ما دُمّر وخُرب وفَسَد من الأنفس والجماعات والقوى والمجتمع بكل مجالات الحياة الاجتماعية ونواحيها فيه... والسياسية والاقتصادية والثقافية وحتى الإنسانية الحضارية، فالفساد طال الجميع ولوث الجميع واضر بالجميع، فعلى الجميع التكاتف والتعاون والتعاضد بميثاق شرف للجهاد في حرب مقدسة ومشروعة على الفساد والانتصار عليه بحكمة ودراية واقتدار إن أمكن، فأكبر الإخطار على مسيرة الإصلاح والتطوير كما يقول السيد الرئيس بشار الأسد هي الانتهازية، دائماً الانتهازيون عندما يركبون موجة التغيير يخربون كل شيء، وهم طبعاً موجودون في الدولة وخارج الدولة، ويركبون موجة الإصلاح بهدف، إما لأسباب ذاتية ترتبط بمصالح خاصة، أو ربما لأهداف تصل إلى حد نسف النظام الحالي، وهذا شيء لا نقبل به.. ونوسع المشاركة هذا أهم شيء نقوم به تشارك كل المواطنين، وربما لا نتفق مع بعضنا البعض، وهذا الشيء طبيعي، ولكن مبدأ المشاركة هو مبدأ أساسي..." في عملية التطوير والإصلاح الجارية بحذر وجدية وبطء مبرر، وتحت سقف سيادة القانون المنشودة بإلحاح شديد من حديث لقناة الجزيرة 1/11/2004.
لا بد من التنويه إلى أن هناك من يرى انه لا يوجد حل جذري لمشكلة الفساد، ولا توجد وسيلة واحدة أو أسلوب واحد لمقاومة الفساد والقضاء علية، فالفساد أقوى من القوانين الصارمة، واشد صلابة من قيم الحداثة أو قيم التراث وأخلاقياتهما، بل انه اثبت قدرة خارقة على اختراق مؤسسات الأخلاق والمؤسسات الدينية في كثير من المجتمعات، وأظن أننا لا نجافي الحقيقة والواقع، إذا قلنا مع الباحث / جميل مطر /: أن الفساد صار نظاماً دولياً نوعياً، والشفافية في ظل نظام فساد دولي، قد تنفع في مقاومة بعض أنواع الفساد، ولكنها قد تكون سبباً في أن يلجأ الفساد إلى طرق أكثر ذكاء وحيلة، لزيادة نفوذه وتوسيع أفاقه، كبعض الفيروسات والجراثيم...
وهنا يجدر القول الفصل في استعادة الصدقية والثقة والإيمان بالنظام إذا ما فتح ملفات الفساد لكبار الأثرياء من المسؤولين والمتعاونين معهم ومناصريهم، واسترداد حق الشعب المنهوب من هؤلاء الحيتان، بأسلوب نظيف وحق وعدل، بدءاً من الدائرة الأضيق والأقرب، والحد بعزم من ولادة حيتان جدد أمثال هؤلاء قدر المستطاع، ولو ولدوا بأساليب شرعية من الظاهر باطلة في الحقيقة... ويتكاثرون ويخلقون مشكلة فساد جديدة الشكل والمضمون، سيصعب معالجتها إذا ما تفاقمت، وإلا فلن يصدق احد ما يطرح في هذا المجال ولا يؤمن بان العلاج قادم، فسيستكين للإحباط والانكسار ويفقد الأمل المشروع بالعدل والإنصاف والمساواة، ويعاود الفساد النشاط كما كان في بيئة ملوثة وضارة، ولا خيار آخر...
وختاماً أنني لأسمع زغاريد الحسان وأهازيج الخلان، بالانتصار على الغيلان، في قريب الزمان، وليس في آخر الأزمان..!! وإلى اللقاء في واحة الخضرة والأمان والسلام والقانون سيداً على الجميع، وحامياً للجميع وملاذاً للجميع، للفوز بالحق والعدل والمساواة، بالحقوق والواجبات والحياة الإنسانية الكريمة...
ملاحظة : هذه الدراسة بتصرف لجنة مكافحة الفساد ومن يشاء .
اقوى بكتير كتير لان القائمين عليه عبارة عن مافيات وعصابات تخيلوا الوزير بكل قدره وقيمته ماله سلطة على حدا قال قاضي النقد سلطته لحاله ماحدا بيمون عليه وشغلته كبيرة وبالكبيري والقاضي بيمتثل لاوامر النائب العام بس النائب العام مسكين مابيمون على حاله واللجان كل حدا له تمن ويلي ماله حدا ولامعه مصري يرشي ياحسرتي عليه حقه بالجنة وبالصرماية مدعوس