عندما يمر الوطن بمرحلة حرجة ويكون هم الشرفاء المحافظة على أمنه ووحدته وسلامته , يكشر الفاسدون عن أنيابهم ويلتقطون الأفكار الاستغلالية للاستفادة قدر الإمكان من المرحلة التي غالباً ما يميزها ضعف الرقابة والانشغال بالوضع الخاص وخاصة عندما يتعلق هذا الوضع بالأمن الذي يشكل أولوية وعلى سبيل الذكر لا الحصر نذكر من أولئك الفاسدين :
تجار البناء : الذين يستغلون هذه المرحلة لبناء المقاسم والعقارات في مناطق المخالفات حيث لا يستثنون العقارات المخصصة للشوارع والحدائق والمرافق العامة أو حتى أي قطعة أرض خالية مهما كانت صفتها التنظيمية مستملكة أو غير مستملكة للقطاع العام أو على الشيوع أو حتى ملكية خاصة مالكها غير موجود
ولا أنسى في بداية الأزمة حين لم يسمحوا لنا بالنوم لا ليلاً ولا نهاراً من هدير الجبالات التي لم تهدأ وعندما تدخلت مرة وقلت لأحدهم "معقولة أن تستغل هذه الأزمة لبناء طابق إضافي ممنوع بالقانون ( رابع ) وبشكل مخالف "
أجابني " بدك ما تدقق ما وقفت عليّ روح شوف عمروا حارات كاملة "
فطأطأت رأسي خجلاً من أن يكون شعبي على هذا النحو من استغلال الأزمة وقلت في نفسي لستم أفضل ممن يقومون بالتخريب والتدمير وقطع الطرقات الدولية .
المدراء الفاسدين : الذين يستغلون المرحلة لتمرير عقودهم المخالفة وتشكيل لجان استلام من أزلامهم الفاسدين حيث تعتبر المرحلة مرحلة انتقالية ولا بد من إخفاء مخالفات وعقود المرحلة الماضية فيتم إنهاء الأعمال قبل انتهائها الفعلي ويتم تغطية التنفيذ السيئ واستلامه من قبل لجان فاسدة مخصصة لهذه الغاية لا يهمها سوى القبض على كل استلام
ولا أنسى كلام صديقي الذي قال لي عندما كنت في مكتب أحد رؤساء الدوائر الذي استقبلني رغم أن صوفتي حمراء عند الإدارة وكل من يتعامل معي أو يستقبلني في مكتبه يسأل عن هذا التصرف المعادي لروح الإدارة وخطتها في إبعاد وتهميش كل الشرفاء وهذا موقف يحسب لرئيس الدائرة رغم أنه من ذات المنظومة
يتابع صديقي فيقول دخلت مهندسة تضرب أخماساً بأسداس وتقول لرئيسها ماذا أفعل لقد تم وضعي في لجنة استلام لدراسة وهذه الدراسة اختصاصية واللجنة المشكلة للاستلام هي ممن ليس لديهم أية دراية بهذا المجال لماذا لم يضعوا من لديه خبرة في اللجنة ولدينا من هو معروف على مستوى المحافظة بهذا المجال وتساءلت بيني وبين نفسي لو لم تكن مثلهم لما وضعوها معهم لكن أسلوبها بضرورة تغيير اللجنة وإصرارها على أن تكون اللجنة اختصاصية استوقفني والكلام لصديقي
فقلت لماذا تم وضعك في اللجنة فأجابني رئيسها لأنها استلمت البرنامج وهي من تعمل عليه منذ البداية ولا يمكن الاستلام من دونها فوضعت نفسي مكانها وبدأت أفكر في المدير الذي شكل اللجنة وضمن هذه الظروف التي من المفروض أن يخاف فيها المدراء نتيجة شعار مكافحة الفساد المرفوع في البلد
ولكنه بدلاً من ذلك راح يستغل هذه الأزمة عن طريق تشكيل اللجان من غير الاختصاصين والذين على قولها يقومون بالتوقيع على عدد الأوراق وليس مضمونها خاصة وأنهم لا يملكون الخبرة في هذا المجال انتهى كلام صديقي
وقال لي صديق آخر في مشروع آخر تم رفع كتاب انتهاء الأعمال و تشكيل لجنة الاستلام قبل انتهاء الأعمال بأكثر من شهر وليتني وجدت أي شيء مطابق للشروط وعندما سأل المهندس المشرف عن الموضوع قال مدافعاً عن نفسه " إن الإدارة ممثلة برئيس المجموعة ورئيس الدائرة ورئيس الشؤون الفنية والمدير تريد ذلك ولا أستطيع أن أواجههم فأنت تعلم أنهم يستطيعون نقلي أو تهميشي أو حتى تلفيق تهمة لي ومقاضاتي فليش ما بصير متل ما بدون واربط الحمار محل ما بدو صاحبه " فسكت صديقي
أما أنا فطأطأت رأسي ليس على وجود فاسد ولكن على وجود منظومة فساد من المتعهد إلى جهاز الإشراف وصولاً إلى المدير أو المسؤول الذي يقبل بهذه المخالفات مقابل الرشوة إضافة إلى من قام بتعيين مدير من هذا النوع همه جباية الأموال له وكل هذه المنظومة ليست أفضل ممن يقومون بالتخريب والتدمير وقطع الطرقات الدولية .
تجار العملة : الذين يستغلون المرحلة لشراء العملة الأجنبية وخاصة الدولار وتهريبه خارج البلاد سعياً وراء الربح بغض النظر عن انعكاسات تصرفاتهم تلك على الاقتصاد الوطني وتأثير ذلك على قيمة الليرة السورية
وهنا لا أنسى أم نعمة صديقة أم يوسف " صاحبة المسيرة المفردة والتي جابت شوارع طرطوس وهي تدعي للسيد الرئيس وتطلب من الشباب أن يكونوا ايد وحدة "
و أم نعمة " تملك شوية مصاري من تعويض وتقاعد المرحوم زوجها وثمن الأرض التي كان قد باعها لشراء شاحنة تساعده في نقل محصوله إلى السوق ولم يسعفه العمر بتحقيق حلمه
وكانت أم نعمة كعادة من هم في عمرها تضع مدخراتها تحت البلاطة وعندما سمعت بالأزمة الاقتصادية وأن الحل هو الادخار بالبنك رفعت البلاطة وأخرجت ما تملكه ووضعت فوقهم الاسوارة والليرات الذهبية السبع وهم نقوطها من يوم عرسها وذهبت إلى البنك وقامت بفتح حساب أصرت أن يكون بدون فائدة "
لدعم اقتصاد البلد الذي أحبته ولن تسمح للمتآمرين بالتغلب على اقتصاده كما لم تسمح أم يوسف لمحطات التضليل بتشويه أن من يخرجون في المسيرات المؤيدة للسيد الرئيس يخرجون تحت الضغط
وكما كانت أمي العجوز تسهر مع اللجان الشعبية لحماية وطنها المصغر (حينا ) ممن يريدون تخريبه أو تدميره وأهم من ذلك أنها كانت تحمل بيدها عصا غليظة وتقوم بإغلاق باب البيت خلفها لحماية أولادها وبناتها وأحفادها من المخربين ولسان حالها يقول" أن أموت أنا فداء لبيتي وحارتنا التي أعيش فيها بس ما يصير شي على أولادي وأحفادي "
المهربون ورجال الأمن والجمارك : الذين يستغلون المرحلة للقيام بتهريب الأسلحة من الخارج إلى الداخل وبيعها لمن يحملون الموت لرجال الأمن والجيش والمدنيين الأبرياء كما يقومون بتهريب المازوت من الداخل إلى الخارج للاستفادة من الدعم الحكومي للمحروقات بشكل يجعل سعرها أقل من سعرها في البلدان المجاورة
وحيث أن هذا التهريب يتم عبر الحدود فهو يمر على رجالات الدولة وممثليها ممن المفروض أن لا يسمحوا بإدخال ما يحمل الشر والموت لأبناء الشعب ولا بإخراج ما يضر باقتصاد الوطن
هؤلاء الممثلين للدولة من أمن وجمارك و . . . فضلوا مصالحهم الخاصة على مصالح الدولة وقرروا الاستفادة بإغماض عيونهم والادعاء بأنهم لا يروا تطبيقاً لمقولة " عبي الجيب بتعمي العين " والأغرب من ذلك عندما يقسمون أنهم لم يسمحوا بإدخال الأسلحة
وعندما نتساءل كيف إذن دخلت يقولون أنهم كانوا يبيعون الطريق أو كما يسمى فتح خط لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات ولا يقومون بهذه المدة بأي تفتيش مقابل مبالغ كبيرة قد تصل لمئات الملايين ورجال الأمن والجمارك والمهربين كل هؤلاء ليسوا أفضل من أولئك الذين يستخدمون هذه الأسلحة
أما السؤال الأهم والذي يقول كيف يمكن إذن أن ننتصر بوجود كل أولئك الفاسدين مع التحريض والفتنة والقتلة والمأجورين
فأقول كل هؤلاء لا يمثلون الشعب السوري وهم قلة والنصر يكون بالشرفاء الذين لا يستغلون الأزمة ويكون همهم إنقاذ الوطن إضافة إلى النسوة الثلاث وابنة الشهيد
وذلك الشاب الشهيد الذي دفع حياته ثمناً كي لا يسمح برفع العلم الإسرائيلي في سماء الوطن التي هي أجل وأسمى من أن يرفع فيها هكذا علم :
ثلاث نساء وشهيد وطفلهْ
وحدهم من هزم الفتنهْ
أم يوسف وأمي وأم نعمهْ
وابنة تنادي أباها الشهيد
تبكي مشتاقة له فنبكي
لا تنضب لها أو لنا دمعهْ
ورامز. . . الشهيد الذي أبى
أن يرى علماً
يرفع بدلاً من علمهْ
ثلاث نساء وشهيد وطفلهْ
وحدهم من هزم الفتنهْ
أظنك قد بالغت قليلا ببعض التجاوزات يمكن أنها حصلت في الماضي وليس اليوم ولا يجوز اليزوم أن نضخم الأحداث كما فعلت على كل حال تحية لك ولغيرتك
كل ما تقوله يا صديقي صحيح و كلنا نعرفه ولكن بدك ما تددق لانو متل ما زرعنا بدنا نحصد يعني هل كنت تتوقع انو عنصر الجمارك اللي قبض الملايين و دخل الاسلحة ليقتل بها الناس الابرياء و حتى من اهله او اقاربه انه سيكون مثلا مع اللجان الشعبية او سيذهب ويعترف باسماء المهربين و يدل عليهم او ان الضمائر الفاسدة سوف تستيقظ فجأة لتعيد حساباتها و تقول الوطن اهم من رغبات زوجتي بالسيارة و الفيلا و المزرعةو واواواواوا.
الحقيقة يا سيدي كل الحقيقة ماتقول ولكن هذه الحال الى متى من ينقذ الوطن ان لم تتحدث انت واتحدث انا, شكرا صديقي شكرا لقوتك في طرح اشياء يعجز الكثيرين عن طرحهاشكرا لأنك استطعت ان تقول مالم استطع قوله... يا أيتها الضمائر النائمة استيقظي كفاك عبثا بإرث الوطن...