syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
قناة الجزيرة ... بقلم : فراس صديق سلوم

أبصرت قناة الجزيرة النور في منتصف تسعينات القرن الماضي لتكون, كما أرادها من يقف وراء إنشائها,سيف مسلط على رقاب الدول الرافضة للمشاريع الغربية وأداة سياسية ,ناعمة, تنفيذية, غازية تقوم على تبديد ثوابتنا وتقاليدنا ومعاييرنا وتحطيمنا وتسطيح وتجفيف عقولنا


 مستغليين لنجاح مخططهم هذا المناخ العربي السائد وامتعاض السواد الأعظم من قنوات إعلامهم الرسمية واللامبالاة التي نخرت في أجسام القائمين عليها ليجد المتلقي العربي في الجزيرة هذه غايته المنشودة وبوصلته ومنفسه الوحيد للتعبير عن ما يجول في خاطره من غبن وحنق وإشباع ظمأه المعرفي.  

 

مهدت هذه الظروف مجتمعة الطريق للقناة للتوغل والتحكم وضخ في وجدانية وعقلية المشاهد العربي ما تريده وأضحت المصدر الوحيد لمعلوماته,بل لا أبالغ إن قلت أنها أصبحت من أساسيات كل أسرة وفرد.  

 

كان للجزيرة موعدا آخر مع المجد في بداية الألفية الثالثة على خلفية الأحداث التي عصفت بمنطقتنا العربية كالإنتفاضة الثانية عام 2000 , أحداث 11 أيلول2001 ,الحروب ضد البلدان العربية الشقيقة في كل من العراق2003 , لبنان2006 و فلسطين2008 جم هذا كان له بالغ الأثر في توسيع وترسيخ القاعدة الشعبية لهذه القناة نتيجة تغطيتها و موقفها الثابت والمحايد (قبل كل شيء) و المتناغم و المنسجم مع نبض الشارع العربي واستطاعت بفضل ذلك تجذير نجاحها السابق وبالتالي تحقيق تميزا منقطع النظير.

 

إلا أن مسلسل الإضطرابات في العديد من الدول العربية جاء ليسقط القناع عن هذا المولود الممسوخ من رحم الإعلام الغربي الذي حاول التسلسل إلى داخل كل بيت عربي ليبث درنه وسمومه وينفخ في نار عملية الإستقطاب الطائفي التي تعيشها المنطقة لتهيئة الأرضية لإستحضار إستعمار (قديم جديد) نزولا عند رغبة الغرب ومن يقف في خندقهم و هذا ما كشفه الإعلام السوري (كما أشرت في مقالات سابقة) وبعض الذين قدموا استقالتهم من هذه الجزيرة استهجانا ورفضا للمخطط الأنكلوساكسوني الذي تكفلت قنوات عربية الشكل,غربية الفحوى و المضمون كالجزيرة و العربية بترجمته على أرض الواقع , وما ظهر للسطح إلى الآن ما هو إلا غيض من فيض والأيام القادمة كفيلة بإماطة اللثام عن المزيد.

 

 نستنتج من كل هذا أنه قد يكون بإمكاننا مقاومة ومجابهة أشد أنواع الأسلحة فتكا وقد فعلنا ذلك,لكن واهم واهم واهم كل من يعتقد أن بإمكانه مقاومة الغزو المعلوماتي و المعرفي.إذن, ما هو مطلوب منا؟هل نوصد الأبواب بوجه الإنفتاح؟

لا, بل على العكس يجب على مؤسسات التنشئة الإجتماعية تزويد وشحن أولادنا بمهارات التفكير العلمي الناقد الموضوعي وتسليحهم بالوعي وغرس القيم الوطنية الهادفة لمساعدتهم على التمييز بين الغث والسمين والحق والباطل وخلق جيلا محصنا بدرجة عالية من المسؤولية والنضج قادر على التكيف مع متغيرات هذا العصر.

 

2011-06-03
التعليقات