تعتبر وظيفة الرقابة هامة وأساسية في عملية الإصلاح الإداري وتأتي أهميتها من خلال محاصرتها لعملية الفساد بأنواعه وأشكاله وحالاته لمحاربته والقضاء عليه ؟
وكونها أساسية يعني بأنه لا غنى عنها بين وظائف الإدارة فبها تكتمل هذه الوظائف الأربعة ( التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ) ومن خلالها يقاس الأداء وتراقب الأهداف وتكشف الانحرافات وعن طريقها تصحح المسارات وتصوب الوسائل وتطور الطرائق وتحدد البدائل وعلى أساسها وبالأخذ بالاعتبار ما تقدّمه التغذية الراجعة الناتجة عنها يعاد النظر بالخطط المستقبلية ويتم وفقها التوجيه وهي السبيل لتقويم العمل بمجمله و تقييم العاملين بمختلف وظائفهم والحكم على المدراء بكافة صلاحياتهم ومسؤولياتهم ولتفعيل وظيفة الرقابة هذه وزيادة كفاءتها أرى الأخذ بالاعتبار الملاحظات الآتية :
من الأمور المهمة إحداث هيئة عامة تكون وظيفتها مكافحة الفساد أو إضافة هذه الوظيفة للمهام المنوطة بالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وذلك بعد إعادة النظر بمهام هذه الهيئة بشكل عام وتوسيع صلاحياتها أفقياً وعمودياً وتحميلها المسؤولية في ذلك وتحديث طرائق عملها وتفعيل أساليب الرقابة المتبعة فيها وتأهيل كادرها التقني والفني - من خلال برامج تدريب جادة ومفيدة باتجاه تحسين الأداء - ورفده بكوادر شابة مختصة ومؤهلة ونشيطة يتم اختيارها باختبارات موضوعية وعلمية واستبعاد العناصر المترهلة العاملة فيها والتي اعتادت على
التعامل بالروتين وهذا التغيير يصبح مفيداً إذا تم بشكل هيكلي جذري وواسع يشمل كافة المستويات الإدارية كما أن زيادة كفاءة الجهاز المركزي للرقابة المالية يأتي في ذات الموضوع ومكملاً له لتحقيق الهدف المنشود من عملية الإصلاح خاصة أنّ هذا الجهاز مهتم بالرقابة المالية والعاملون فيه من المفترض أن يكونوا مختصين بها
هذه الرقابة والتي ترتبط أهدافها بشكل مباشر بكشف عملية الفساد و بمسائل الاختلاس والرشوة كما أن لأجهزة الرقابة الداخلية دور منتظر - لم تقم به في الواقع حتى الآن - هو الضبط الداخلي الإداري والمالي ويرجع ذلك لكونها ترتبط إدارياً بالمدراء المباشرين في ذات الإدارة وغالباً ما يخضع عملها لإرادتهم وتوجيهاتهم الشخصية والتي تتسم أحياناً بالذاتية وتبتعد أحياناً أخرى عن الموضوعية مما يجعل الشك قائماً في إمكانية نجاح عملها الرقابي المنوط بالعاملين فيها
وعن طريقة العمل في الهيئة المقترحة تشكل لجان تحقيق بدلاً من أن يقوم به شخص واحد دعماً للحيادية والنزاهة وأن تعتمد طريقة التحقيق والمساءلة على أسس موضوعية بعيداً عن الذاتية وأن يقاس الغلط بمقدار تأثيره على الأهداف إضافة لتوافقه مع روح القانون والنظام الذي يحكم آليات العمل كما يجب مراعاة شمول الرقابة لكافة المستويات الإدارية من أعلاها إلى أدناها وأن يكون الهدف من عملية الرقابة التصويب والتصحيح والتطوير عبر تقارير توجيهية تدل المرتكب على خطئه بعيداً عن التشفّي واصطياد الأخطاء بحيث يكون التعامل في مجمله نزيهاً وشفافاً وصادقاً وبعيداً عن الكيدية ويمكن لتحقيق ذلك إحالة الاعتراضات للجنة أخرى تعمل بشكل مواز للجنة الأولية ويكون الحكم على الخطأ من خلال التقاطعات بين اللجنتين وعن موضوع رقابة أداء العاملين بالهيئة ومحاسبتهم عندما يخطئون يشكل مجلس تأديب توصّف وظائفه بهذا الاتجاه وتحدد عقوبات مسلكية مناسبة بحقهم
وعن أساليب الرقابة المتبعة يجب أخذ كل الأنواع بالاعتبار بدءاً من الرقابة القبلية الوقائية والتي تسبق عملية التنفيذ والتي تسعى إلى تحقيق هدف التحسب من ارتكاب الخطأ ويحتاج ذلك لسد الثغرات في القوانين والأنظمة وتوضيحها بشكل لا لبس فيه لا يسمح بالتأويل والمرور على حواف القرارات وجوانبها وبين الدهاليز وضمن المسارات الحرجة والضيقة والتي تتيح التحايل على القوانين والالتفاف عليها وتسخيرها لخدمة مصالح خاصة تؤدي إلى الفساد ومن الملاحظ في الواقع وفي هذا المجال أن كثيراً من المفسدين يلجؤون إلى سلوك مشابه لما تم ذكره متشاطرين بفهلويتهم ومراهنين على تمكنهم من الوسيلة التي لا تخالف - وفق رأيهم - القوانين والأنظمة عبر الالتفاف عليها كما بينّا بغض النظر أن تكون هذه الوسيلة مبررة أو صالحة أو صحيحة أو أنها تأتي في روح القانون مؤمنين بأن الغاية تبرر الوسيلة
كما أنه في الواقع نجد أحياناً اتفاقاً بين المواطن والمسؤول على التحايل على القانون فيكون المسؤول فاسداً رغم تبريره لعمله بأنه وفق الأصول وهو يعرف أن هذه الأصول كيّفها على مزاجه وقرأها وفق معطياته حيث يأخذ رشوة ويمرر الحالة عبر مسالك تحدثنا عنها آنفاً والمواطن أيضاً وهو يسعى لتحقيق مصالحه يبرر لنفسه السير في ذات الطرق التي قلنا بأنها عوجاء ومخالفة وبذلك تكون الرقابة القبلية السابقة وقائية كون الوقاية أفضل من العلاج كما أنّ للرقابة الجارية التي ترافق التنفيذ أهمية بالغة في كشف الانحرافات وبيان المشكلات ومعرفة أسبابها كونها تتم في وقت مناسب يسمح بالتصحيح والتصويب وعمل الحل بوقته ومنع الاختناقات بأنواعها وإزالة العثرات والتعثرات أمام تحقيق الهدف الرئيس للعملية الإدارية أما الرقابة اللاحقة أو البعدية فهي التي تفيد في تقييم الأداء وتقويم العاملين ومحاسبة المخطئين ولهذا النوع من الرقابة أهمية بالغة في التخطيط المستقبلي للعمل بمجمله وبكافة جوانبه إن تطبيق هذه الأنواع بشكل مواز ومتسق يمنع عملياً من حدوث مفاجآت إعلامية تعودنا عليها مفادها أن هذه الوسائل تطالعنا بأخبار من هنا وهناك عن فساد مسؤول ما كان قبل يوم واحد يسوق على أنه إدارياً ناجحاً ونزيهاً وفجأة يسقط دفعة واحدة وبدون سابق تنبيه والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا يصار إلى مثل هذا الانتظار ثم تفتح الملفات مرة واحدة لتفاجئنا بحجم الفساد المرتكب مما يدل على أن نواع الرقابة التي تحدثت عنها كان جميعها غائباً
ومن الأساليب المتبعة في تجارب كثير من الدول والحكومات اسلوب الرقابة المالية بوساطة مكاتب التدقيق والمراجعة المعتمدة من مجلس المحاسبة والتدقيق وذلك كنوع من الرقابة الخارجية الموثوقة والحيادية والمتخصصة توكل إليها مهمة تدقيق الحسابات ومراجعة القيود وتصديق العقود وضبط آليات العمل في الإدارات الحكومية وفي إدارة المؤسسات والشركات العامة وفي المجالس المحلية أسوة بعمل مثل هذه المكاتب في القطاع الخاص خاصة في الشركات المساهمة هذه المكاتب تقدم نتيجة عملها إلى الجهات المعنية بمن فيها الهيئة المستحدثة التي تحدثت عنها آنفاً
وبعد فإن ضبط عمليتي المحاسبة والمساءلة وتنفيذ الرقابة المالية والإدارية يساهم إلى حد بعيد بتجاوز الفساد والاتجاه نحو الإصلاح بخطىً سريعة وعن الأدوات التي شملها موضوع حديثنا أرى بأنها سهلة التطبيق على أرض الواقع لا تحتاج إلا إلى إرادة التغيير وصولاً إلى الإصلاح المنشود
كلام غير قابل للتطبيق لانك عم تحكي بالمكافحة وليس المعالجة من أجل المعالجة يجب التدقيق بالأسباب وليس وضع حواجز فهنالك قوانين قديمة جدا وظالمة اذا ما نطينا فوقها ما بتمشي أمور العباد اصلاحها هو الحل يا ريت شي خبير يفيدنا
مجموعة المعلم السوري تدعوكم للإطلاع على الوثائق المقدمة على صفحة باسم : (فساد مديرية التربية في طرطوس) على الفيس بوك.