syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة" ... بقلم : اسماعيل فارس مكارم

هناك من يقول ليكن التغيير ولو على دبابة إسرائيلية!!!


ترى كيف يفكر هذا النمط  من البشر؟ هل يفكرون مستعملين المنطق ورجحان الحكمة والعقل أم ماذا؟

هل يفكرون لأجل الاصلاح؟

وهل يجلب الإسرائيليون ذلك الإصلاح كما هو الحال في الضفة والقطاع وكما نشاهد في الجولان السوري؟

 

لا ومرة أخرى لا. ومن يطرح هكذا شعارات يدرك ذلك جيدا ولكن  يتكلمون بمنطق الثأرية والتشفي. وهم ليس فقط يراهنون على مستقبل سورية ومصيرها بل يقامرون.

إن البعض لا يهمهم ماذا سيحدث غدا إذا تم كسر العظم وحصل قلب للتربة الاجتماعية.

كسر العظم هذا سيؤدي إما الى حرب أهلية طاحنة إما الى حرب فتنوية تغذيها الفوضى وأموال الغرباء والأولى والثانية تؤدي الى  شرذمة الوطن وتقسيمه الى مرجعيات مذهبية وعشائرية وجهوية.. مَن حينها سيقوم بالإصلاح والسير نحو الحياة الأفضل.

 

ومَن سيرجع لنا الجولان ومن سيقف أمام اسرائيل إذا فكرت باحتلال أجزاء جديدة من التراب السوري؟!

أذكر هؤلاء أن روسيا الاتحادية ورغم مرور قرابة عشرين عاما على انهيار الاتحاد السوفييتي رغم هذا القدر من الزمن إلا أن الاقتصاد الروسي لم يستعد عافيته بعد فإلى يومنا هذا تجد المشردين في الشارع.

 

ماذا حدث يا ترى هناك؟

لقد حدث أمر قلب التربة الاجتماعية  بالانتقال السريع والقاسي من النظام الاشتراكي الى اقتصاد السوق. فبين ليلة وضحاها حُررت الأسعار. وعمت الفوضى وانتشرت قطعان البلطجية والحرمية الذين راحوا يقاسمون السلطة حتى في جمع الضرائب.

 

إن زعزعة السلطة المركزية وإضعافها أدى الى ظهور النزعات الانفصالية كما حدث في جمهوريات القوقاز وظهور العصابات والبلطجية و سببه الأول ضعف السلطة المركزية. رافق ذلك مشروع خصخصة المصانع والمعامل فانتشرت البطالة والفقر وحصل هبوط شديد في مستوى المعيشة وأصبح راتب مدرس الجامعة يقارب 11 دولار في الشهر. ورافق كل ذلك انتشار الفجور والدعارة والانفلات الخلقي. فكر الليبراليون جماعة غيدار ويلتسين بالكذب على الشعب فقاموا بتوزيع سندات التمليك عوضا عن المؤسسات العامة التابعة للقطاع العام التي تم بيعها للقطاع الخاص ومضت الأيام وفهم فيما بعد أن تلك السندات فاضية لا قيمة مادية لها.  

 

 اليوم رغم  كل ما تنتجه روسيا من بترول وغاز ومعادن ثمينة يسود الغلاء الفاحش أما المجتمع الروسي فهو منقسم الى  طبقتين:

  طبقة الفقراء الذين يعيشون من رأس الشهر الى اليوم العشرين منه على دخلهم المحدود إن وجد وطبقة غنية جدا استولت على المصانع والمعامل وآبار النفط وشركة الكهرباء وغيرها من وسائل الانتاج.

 

*هناك تجارب عديدة صورت  لنا كيف تمت عملية إسقاط النظام , ولكن ماذا بعد هل أصبح الشعب أكثر سعادة وأكثر أمنا؟!

هذا هو العراق مثال حي أمامنا كم كلف الشعب العراق دخول الدبابة الأمريكية والبريطانية الى العراق

وتدنيسها الأرض العراقية؟

 

أول قرار أصدرته السلطات الأمريكية كان حل الجيش العراقي والحرس الجمهوري وغيرها من الهيئات التي كانت تمثل وسائل لفرض سيادة الدولة عل التراب العراقي. ماذا جلب ذلك للعراقيين؟

 

دخول وتشكل المجموعات التكفيرية وبروز أحزاب على أساس عرقي أو مذهبي,  محاربة الفكر القومي العربي واتهام هذا الفكر بالتعصب القومي, انتشار الفكر الجهوي والمذهبي والعرقي والدعوة الصريحة الى تقسيم العراق الى دويلات وولايات صغيرة تنعم بالاستقلال عن الوطن الأم العراق.

ثم الى ماذا أدى كل ذلك  هجرة الملايين من سكان العراق استشهاد أكثر من مليون مواطن عراقي,

 القتل على الهوية السائد حتى هذه الساعة.

 

* ماذا يجري الآن في ليبيا؟

 حرب أهلية كانت أسبابها اقتصادية مع عدم إغفالنا للأمور الأخرى.

ولكن الى كم سنة يحتاج الاقتصاد الليبي حتى يستعيد عافيته من جديد؟ ألا يحتاج الى عدة عقود.

الاقتصاد في سورية له خصوصياته فالدولة تدعم الخبز والبذار والأعلاف وتقدم الغراس وتقوم بمشاريع الري وتصرف على بناء المستشفيات وتدعم مؤسسات القطاع العام وتهتم بالتعليم المجاني الذي غاب حتى في أكثر الدول تطورا.

 

ويبرز هنا سؤال هام وهام جدا من يضمن لنا  كل هذه المنجزات والامتيازات التي يمتلكها الشعب السوري إذا لا سمح الله صار كسر عظم وتم قلب التربة الاجتماعية والسياسية في سورية؟

أحذر أولئك الذين يرسلون أولادهم  لضرب الناس وقوى الأمن بالمقلاع وبالرصاص إن أول من يتأثر سلبيا بقلب التربة الاجتماعية هم الفقراء في أطراف المدن وسكان الأرياف. تذكروا ماذا حصل في مصر بعد ذهاب المرحوم جمال عبد الناصر وبعد بدء سياسة الخصخصة والانتقال السريع الى اقتصاد السوق وسياسة الانفتاح  كثر عدد المشردين وامتدت المدن العشوائية وبدأ الناس يموتون في طوابير أمام الأفران.

 

* وأخيرا أقول إن الإصلاح لا يأتي عن طريق الفوضى والفلتان الأمني وانتشار القتلة في الشوارع وعلى أسطح المنازل بل يأتي بالحوار وفي جو يسوده الأمن مع وجود سلطة مركزية قوية تعمل لمصلحة الشعب كل الشعب وخاصة الفئات الفقيرة منه و لها السيادة الكاملة على كامل التراب السوري.

2011-06-07
التعليقات