من الجدير بالذكر أن ما جرى في شمال أوروبا من منع بناء المساجد أو جزء منها وما جرى من استفزاز مثل القيام بعرض للصور الكاريكاتورية عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما هي إلا جوانب للوحة واحدة اسمها العداء للإسلام وبناء صورة نمطية للعدو هذه الصورة التي أخذ يلونها رجال الفكر الأمريكي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
يحدث هذا في الوقت الذي ذهبت القيادة السياسية في روسيا الاتحادية ومنذ بداية عهد رجل الدولة الكبير السيد فلاديمير بوتين ذهبت لملاقاة الأقليات المسلمة في روسيا والعمل على تنشيط الحياة الاقتصادية والفكرية والتعليمية فقد تأسست في مدينة نالتشيك جامعة اسلامية ومدرسة روحانية اسلامية لإعداد الكادر التعليمي للشريعة الاسلامية وتعاليم الاسلام.
وتأسست مؤسسة روحانية لتعليم مبادئ الاسلام في مدينة تشيركيسك, وُطلب من جامعات عريقة مساعدة هذه المؤسسات الروحانية في إعداد الكتب والمناهج, وقد شاركت شخصيا في إعداد أحد هذه الكتب.
إن الأمر الملفت للنظر هو نزوح أوروبا نحو اليمين والتطرف ومحاربة الاسلام كدين وليس كفرق اسلامية خارجة عن القانون.
في فرنسا وبريطانيا اشتداد ساعد الأحزاب اليمينية المتطرفة وفي ألمانيا تصرح السيدة ميركل أن تجربة العيش المشترك في بلدها قد فشلت لذا فسوف تذهب نحو التشديد, وفي فرنسا عودة جديدة الى عهود الاستعمار والعصر الكولونيالي.
أما السيدة هيلاري كلينتون فأخذت تعمل نادبة عند المعارضة السورية فأرجو ممن هم بجوار متجر للمحارم القطنية أن يبتاعوا مجموعة من المناديل القطنية ويرسلوها الى السيدة كلينتون كي تمسح دموعها دموع التماسيح التي تذرفها على الضحايا من المدنيين في سورية.
نحن بالطبع كسوريين وكعرب وكبشر دم السوريين جميعهم عندنا مصان وشعارنا دم السوري على السوري حرام. ونرجو من الله أن يعين أهالي الذين سقطوا في بلدنا على الصبر ويمنحهم العوض في الجنة ويقدرهم على الصبر ويمنحهم الحكمة والبصيرة.
. أذكر(بتشديد الكاف) السيدة كلينتون أنه فقط في تاريخ الثامن من حزيرانسقط في ليبيا 31 مدنيا من جراء قصف الناتو لمدينة طرابلس, أما في باكستان فراح ضحية الغارات الجوية من طائرات أمريكية بلا طيار 23 قتيلا من النساء والأطفال والشيوخ وفي كل مرة تقول القيادة الأمريكية أن ذلك حصل عن طريق الخطأ!!
تصوروا لو أن احدا قصف إحدى المدن الأمريكية فهل يصدق الأمريكي أن ذلك حصل نتيجة الخطأ. وهل يُقبل الاعتذار عن ذلك؟!
يحضرني اليوم لقاء رايس وليفني في واشنطن بعيد انتهاء العدوان الاسرائيلي على غزة 2008-2009 فقبل أن يجف الدم الفلسطيني دم الأطفال الذين قتلوا على أعين أمهاتهم ودم الأمهات الذين قتلوا على أعين أطفالهم لقاء الزعيمتين هذا لم يكن للتفتيش عن طريق السلام للمنطقة بل لبحث أنجع السبل في محاصرة قطاع غزة ومراقبة أعالي البحار وبناء جدار فولاذي من جهة مصر. هناك جري الحديث الذي تم الاعلان عنه بأنه جرى بروح من التفاهموعلى أسس القيم التي تجمع الطرفين الأمريكي والاسرائيلي.
والله نعمَ هذه القيم!!! حقا أنها قواسم مشتركة فهي لقاء بين قصف هيروشيما في اليابان وقانا في جنوب لبنان بين القرى الفيتنامية التي قصفها الجيش الأمريكي بقنابله الكيميائية وقنابل الفوسفور وبين التجمعات السكانية في غزة التي طالتها قنابل الفوسفور الأبيض وغيرها من الأسلحة الفتاكة الممنوعة دوليا. نعم تصافحتا تخليدا لهذه القيم. نعمَ تلك القيم والله!!!
أذكر السيدة كلينتون أنه فقط في شهر أيار المنصرم تم قتل أكثر من 700 ضحية من جراء قصف طائرات الناتو للمدن الليبية فهل هذا يتناسب مع ما نادت الأمم المتحدة أي قرار الأمم المتحدة عن الحد من المجال الجوي أم أن هذا عدوان صريح ضد الشعب الليبي؟
أما عن التطرف الحقيقي فسوف نعود إلى ذاكرة التاريخ إلى هيروشيما كما بتصورها الشاعر الياباني
سداكو كوريهارا Sadako Kurihara
لا تجعلي هلاكك على يديك يا أمريكا
وبعد جيل
أي عندما بدأت الكتابة على الضريح الغرانيتي في
"بيس بارك"
تبدو كأحجية من التاريخ القديم
أصبحت هدفاً للحزر والتساؤل:
"ما هي الغلطة؟"
"من الذي لن يكررها؟"
* * *
و وراء البحر
أعيد مشهد هيروشيما لجذب الجماهير في عرض جوي
وحلقت غيمة تشبه الفطر
عاليا في سماء خريف تكساس
ولكن المتفرجين لم يُحرقوا بوميض
ولم يُلفوا برماد الموت
ولم يُبللوا بمطر أسود قاتل
* * *
أيها الموتى الذين نسفكم الاشعاع
وذبتم في الهواء هباء منثورا,
وأيها الموتى الذين ساقكم اللهب إلى شواطئ النهر
ومتّم يلتحف بعضكم بعضا,
أيها الموتى الذين أحاطت بكم أسوار من النار
واحترقتم وأنتم أحياء,
وأنت ايتها الحشود السوداء الملتوية من الموتى
التي افترشت الأرض المحروقة لتتفسخي ببطء
تحت شمس آب الحارقة,
وأنتم أيها الموتى الذين كُدستم أكواما وأشبعتم بالبنزين
لتحرقوا كما تحرق القمامة,
وأنتم أيها الموتى الذين هربتم يائسين
تجرون جلودكم التي تدلت كالشرائط من أجسامكم
لتتساقطوا على طريق ذلك الهروب,
أنتم أيها الموتى الذين استلقيتم على حصر القش الخشنة في
مخيمات الإغاثة
تتساقط شعوركم وتتفجر أجسادكم
ببقع من دماء صغيرة تحت جلدية
وتتقيأون الدم حتى الموت,
لقد محقتكم قنبلة واحدة
حولت النهار إلى ليل
وحولت الصيف الحار إلى برد متجمد
وحولت هيروشيما إلى نهاية العالم
إلا أن أصواتكم لم تصل أحداً.(1)
* * *
هذه مقاطع من القصيدة التي كتبت احتجاجا على العرض الجوي في تكساس عام 1967 .
أتركينا يا سيدة كلينتون بحالنا فنحن قادرون على حل مشاكلنا. وأنصح المخابرات المركزية الأمريكية ولجنة الأمن القومي في واشنطن أن تهتم بموضوع دفع فوائد القروض لمديني الخزيتة الأمريكية ,للصين ولدول الخليج تلك الديون التي تبلغ 14 تريليون دولار, بدلا من توزيع الهبات والمعاشات لعناصر مشبوهة تدعي أنها تمثل المعارضة السورية في الخارج.
1 ) راجع مجلة الآداب الأجنبيةك2 - شباط- آذار 1983 .