جئت لأقول كلمة وسأقولها وإذا أرجعني الموت قبل أن ألفظها يقولها الغد فالغد لا يترك سرا مكنونا في كتاب اللانهاية
((جبران خليل جبران))
من المخجل أن يوصف بالكفر من يحاول ممارسة الفكر وأن يكون ((التكفير)) هو عقاب ((التفكير)).هو مخجل في أي مجتمع وفي أي لحظة تاريخية وهو كارثة في بلد علماني في العقد الحادي والعشرين .ولأن الأفكار لا تموت وإن طالت يد الغدر حياة أصحابها وسمعتهم وحاولت مس كرامتهم فإن الفكر أعظم ما كرم الله به الإنسان على مخلوقاته كافة فيواصل الفكر رحلته متصديا للتكفير كاشفا القناع عن وجهه القبيح . عصا موسى التي تلقف ما خيل السحرة للناس من سحرهم وإفكهم ولا يفلح الساحر حيث أتى والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
القضية من وجهة نظري هي في جوهرها قضية صراع بين نمطين من التفكير يعبر كل نمط منهما عن موقف من الواقع الراهن السياسي الإجتماعي الإقتصادي من جهة وعن موقف من التراث الديني الإسلامي بصفة خاصة من جهة أخرى هذان النمطان من التفكير يمثلان نهجين مختلفين عاشا فترة طويلة من الزمن حالة من السكينة الزائفة تتخللها بين الحين والآخر بعض المعارك الساخنة التي ما لبثت أن تهدأ دون أن تترك ورائها إلا القليل من الأثر من حيث التأثير في الوعي العام بجوهر الخلاف ودلالته ومغزاه .
• النمط الأول : من نمطي التفكير هذين يمثل نمط ((الثبات)) و((التثبيت)) والدفاع عن الماضي والتشبث بقيمه وأعرافه مهما كانت النتائج التي يفضى إليها ذلك من تزييف الحاضر وسد طريقنا أمام المستقبل . والثبات قيمة تعني مقاومة التغيير والنفور من التطور والتشبث بهذه القيمة يعكس بشكل لافت الدفاع عن مصالح قائمة في بنية الحاضر مصالح يهددها التغيير ويقضي عليها التطور ويقدم أصحاب هذا النمط من التفكير لتبرير مواقفهم تأويلا للتراث الإسلامي وفهما له يجعله ناطقا بهذه القيم .وبعبارة أخرى يقومون باستخدام التراث الإسلامي بل والإسلام نفسه استخداما نفعيا ذا طابع سياسي براجماتي بالدرجة الأولى.
من هنا وجدنا الإسلام في الستينيات (في مرحلة المد القومي والاشتراكي ) ينطق بقيم الاشتراكية والعدالة الاجتماعية على لسان مفكري هذا الاتجاه كما وجدناه كذلك ينطق بقيم الجهاد ضد الاستعمار والصهيونية ومع التحول الدراماتيكي في السبعينيات تحول الاسلام على لسان أصحاب المصالح ليكون دين السلام وليكون دين الحفاظ على الملكية الشخصية الخاصة من أي انتهاك .
• وتطور هذا الإتجاه تطورا ملموسا وتعقدت المصالح التي يدافع عنها ممثلوه وتشابكت في الداخل والخارج بحيث صارت له قاعدة اقتصادية وجناح سياسي وعسكري . وتطورت كذلك قدرته على الحشد والتعبئة . وكان من الطبيعي في ظل ذلك المناخ أن يتحول الإسلام في تفكيرهم إلى مجرد وقود للعراك السياسي وقود يحترق لكي يخوضوا معاركهم السياسية والاجتماعية ضد خصومهم .((لم يعد الإسلام هو منظومة القيم الروحية والأخلاقية التي تتخل كيان الفرد والمجتمع بل صار مجرد يافطة سياسية لحشد الجماهير واستغلال البسطاء وابتزاز ((المتعلمين)) غير المثقفين وتحريك عواطف الكثير من المهنيين . وحين يتحول الدين هذا التحول الخطير يسهل أن يتولى القيادة الدينية بين الشباب خاصة أقلهم ثقافة ومعرفة بالتاريخ الحقيقي للعرب وللدين وهو في نفس الوقت أكثرهم قدرة على الفعالية الحركية السياسية لأن العبرة وللأسف لم تعد ((فهم)) الدين بل ((تفهيمه)) بحيث يمكن استخدامه لخدمة المصلحة .
• النمط الثاني : هو نمط التركيز على (الفهم) واستنباط الجوهر والدفاع عن التطور لمعانقة المستقبل وممثلو هذا النمط لا يستبعدون الدين ولا يعادونه كما يحب أصحاب الاتجاه الأول أن يقنعوا الناس تزييفا لوعيهم بل هم يحرصون على الفهم . فهم التراث والدين معا بحيث يتباعد بهما عن آلية الاستخدام البراجماتي من هنا يسيطر على خطابهم اتجاه نقدي لا يرى للتراث قداسة بما هو فكر بشري حول الدين لذلك يدرسون التاريخ دراسة نقدية كما فعل ابن خلدون ويدرسون تاريخ الفرق الإسلامية والاتجاهات الفقهية والكلامية والفلسفية من المنظور النقدي نفسه .وسلاح النقد هذا ينفر منه أصحاب الاتجاه الأول نفورا يصل الى حد التحريم ولا يقف عند حدود الكراهية ذلك لأن النقد يسحب البساط من تحت أقدامهم ويجعلهم مكشوفين في العراء وهذا هو الذي حدث مؤخرا .
• أنا انتمي الى النمط الثاني النمط النقدي العقلاني الذي يتمسك بأنبل ما في التراث من قيم معرفية ودينية ويسعى في الوقت نفسه إلى الاقتراب من حدود وعي علمي بدلالة النصوص الدينية .
• لذا أقوم بدراسة التراث دراسة نقدية وأنقد ما أراه من (اسلام سياسي) لأنه يحول الدين لمجرد وقود في المعارك السياسية وأنا أول من يدعو إلى الحوار العقلاني والسلم ((السلمية)) الغير موجودة للأسف فيما نشهده لهذا يتم تكفيري ومحاولة اسكات الخطاب النقدي إسكاتاً أبديا بتكفيره وتحريمه أيضا والسؤال : أين منطق الحوار ؟؟ وأين الديموقراطية؟؟ أسئلة كثيرة لم أجد لها جوابا فيما يجري لأن الأجوبة قضى عليها التكفير منذ عقود وليس في هذه اللحظة وهذا أحد أوجه الاستخدام النفعي للدين والذي يحوله لوقود سياسي يحرم الفرد والمجتمع من الطاقات الأخلاقية والروحية للدين عقيدة وسلوكا في مواجهة ذلك يقف الدين الذي أنتمي أنا إليه ((الإسلام الحقيقي دون تقسيم إلى فروع)) وسأبقى أدافع عنه بالعلم والعقل عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء)"
• برأيي ما يحدث هو ثورة على العقل هدفها تغييب الفكر النقدي ومحيه من الوجود وبإعتراف الجميع أن الأغلبية يخرجون إلى الشارع بدافع ديني فبالنهاية هم يثورون على الفكر النقدي لتثبيت الدين الذي خدمهم لسنوات عدة وأكبر مثال حديث يذكر خروج البيانوني على شاشة التلفاز الإسرائيلي والإعتراف بإسرائيل علما انه زعيم تيار يدعي أنه تيار ديني ومحافظ عن الدين والقادم أعظم والله يستر هالأمة
جمعت هذه المقالة من أطراف متعددة أبرزها الدكتور نصر حامد أبو زيد وتم التصرف بها لتناسب الطرح
سيد نضال ,المقالة أكثر من رائعة,ويجب أن تصل إلى كل الناس,أقترح وضعها في المكان الذي يستحقها.
بات من المؤكد أن معظم قادة الحركات الدينية الأصولية مرتبطة للعظم بالكيان الصهيوني وبالدوائر الغربية لكن أتباعها لايعرفون هذا ولا يسمح لهم معرفته ليسهل تحريكهم دون أن يعرفوا الهدف الخبيث من ذلك , لذلك تم حرمان تلك الحركات من التمثيل والدخول بالانتخابات وبرايي يجب أن يمنع منعا باتا اطلاق اسم ديني على أي حزب مهما كان موقفه حتى لو كان غير مرتبط فالعالم الإسلامي لم يخرب إلا من وراء رجال الدين المرتبطين بالخارج