هل أطلب الكثير؟
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً، لا أبا لك، يسأمِ
ثمانين حولاً على أيام ابن أبي سلمى، لا أبا لك، تستطيع صرفها اليوم بعشر سنوات، لا بل قل سنة أيام الفيسبوك والغوغل والفور شيرد، تختزل حياتنا كلها في دقائق
لو أن الطاقة التي نصرفها في هذه الأماكن الخفية من حياتنا، صرفناها في قراءة كتب مما قرؤوه فطاحلة العرب، لكان بيننا مليون ابن ابي سلمى ومليون ابن كلثوم ومليون ابن خلدون ولظهر أيضاً، لا أبا لك، عدد من الأينشتاينيين.
ألمي على جيل لم يفتح عيونه بعد على الحياة، ألمي على زهور تذبل حتى قبل أن تتفتح
قلبي على جرح الملائكة النوارس
إني أراهم عائدين من المدارس
باست جبينهم المساجد والكنائس
ويدور بي دوار المساجد والكنائس
والفراشي والمكانس
والفوارس أيضاً
ويتصل أحدهم ليهنئني على آخر تقاريري
فأضيف على قائمتي: البوائس
يا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً بوادي القرى إني إذن لسعيد
لا والله لا وادي القرى ولا وادي اللوا ولا وادي الزغاليل، إني إذن لسعيد
تحدثني نفسي أن أقوم بليلة حرشاء وأحرق حريشها عن بكرة أبيها
إني إذن لسعيد
قامت في منتصف الليل لتعد أغنامها، أو أن الأغنية قالت أن أبوها هو من قام ليعد أغنامه، بعد أن صاحت ذئباً دلف إلى زواريبنا يا أبي
الغبية! كنت قد رميت حصوة علّ ابنة الراعي الأهبل تبادلني أطراف الحديث في ليلتي الحرشاء
ولكن البطة كانت بنت أبيها، هبلاء بالفطرة
وتكمل القصيدة الأغنية شارحة خيبتي، وجارةً معها كل ما رسمته من أهازيج وعوالج وقصائد وخربشات إلى فقرة تلفزيونية أخرى
ألا تباً وبئس المصير
يتقافز نمر كرتوني يدعوك لتناول وجبة خفيفة قبل أن تتابع مسلسلك البدوي الممل، فلا تتذكر إلا هركولة الأعشى أخمصها بالشوك منتعل
وتصم أذنيك عما يعتريك من صخب فلا يتراءى لك إلا ابن باجيه، أقصد أحداً آخر، انتظر، سيأتي اسمه لا محالة، فهو آت، وكان يأتي مراراً، لقد أتى والحمد لله، نعم
مظفر النواب
أشيح بناظري عله يغيب، البدوي الممتطي صهوة الكميت الجموح يلاحقني ويزأر بي، ألا ليت صعلوكاً ينقذني من براثنه
ولكنه يخرج من تلافيف الصحاري الباردة عقيمة الألوان، فاستل سيفي من غمده وأرثيه إلى جهنم وبئس المصير، فيندثر.
وتندثر معه صورة مظفر النواب، فأضحك، لا بد أن تضحك على طبق شهي مليء بحجارة القمر الملونة لا دخل لها بالطبق من أساسه.
نعم، كنت قد أشحت بناظري إلى قناة تلفزيونية أخرى ارتأت والرأي لها أن تطبخ شظ مظ يفيد رياح بطنك في برد لياليك ويعطيها نكهات ملونة علها تسليك.
أماوية إن المال غادٍ ورائحُ فما بالك كلما ذكر اسمها تثور؟
تذوب، تدور، تنكمش، تتعثلم، تتلعثم، تنطفئ،
أنسحب إلى مساحة باردة أخرى من الليل الأعمى
كنت أقول، يا سادتي الأعزاء، أن الفيسبوك فعل فينا مفعول الفياغرا في جسد شيخ هرم، فانتفض ليقترن من جديد، فما كان منه إلا أن طبل وزمر لحياته الجديدة، أخشى عليه، جل ما أخشى، أن يحدث له ما حدث لأبي سعيد الذي من شدة فرحته ليلة عرسه (رقم خمسة) وضع رأسه بين كتفيه وغاب مرة وإلى الأبد. نعم مات.
كنت أقول يا سادتي الأعزاء أن هركول يتقافز مرحاً على جسدي
فتتصل زوجتي معلنة قدوم الصيف
شآم عاد الصيف
شآم يا ذا السيف لم يغب
لن أدّعي الحذق و الفصاحة, و لكن ما نظمتَ أو نثرتَ مليءٌ بالغموض, و لا أدري أهو قِصرٌ في قامتي أم هو عمقٌ في تفكيرك لم تحتمل رئتاي الغوص فيه. و هذا ما دفعني الى قراءة ما كتبتَ عدة مرات. و ذات الشيء دفعني للتعبير عن اعجابي و تقديري.
سلمت يداك ولا فض فوك
عزيزي سيمون أنا سعيد أنك تذوقت في ما كتبت ما أسرّك وحسن وطاب لك. وما رأيتَه وما كتبتَه ينمّ عن ذائقةٍ أدبية قيّمة ونادرة في زماننا هذا، لم أرها كثيراً في السنوات القليلة الفائتة. أشدّ على يديك. توصيفك الرائع وتشجيعك قد لاقا في نفسي طيب الأثر. لك مني كل الود.
شو هالفلسفة اللي بلا طعمة هي .. خلص موعاجبك الفيس بوك والتكنولوجيا ماحدا جابرك تفوت ..
عزيزي الكاتب، مقالُك في هذه الصّفحات قبلةُ الفجرِ قبلَ اليقظة بلحظات! لو كانت الحسناءُ فعلت بشفتيَّ ما فعله مقالُك في قلبي، إنّي إذًا لسعيدُ! غالبًا ما ينتهجُ الكتّابُ والأدباءُ منطقًا وتصميمًا وخطوطًا عريضة أو رفيعة لكتابة قصّةٍ أو روايةٍ أو مقالٍ، فأمّا أن تقرأ في مقالٍ واحدٍ مشاهدَ كصور الكرتون بلا تسلسلٍ، أو أنّك تحسبها بلا تسلسلٍ؛ فهذا لعمري إنجازٌ وإعجاز! عاشت إيدك على قولة أشقّائنا العراقيّين...
أشكركم على تعليقاتكم القيمة. سيد عاشق الفيسبوك، لولا الفيسبوك وشاكلته لذقت طعم هذه الفلسفة، إلّا أنني أغبطك من حين إلى آخر. ما حدا مهم: ولو أني أعتقد أن وجودك بحد ذاته مهم: أشكر طيب مرورك. مسافر: الكلمات لا تفِ المشاعر حقها، ولا تستطيع أن ترسم لوحة كاملة. اعذر غموضي، فهي البرزخ بين الكلمة والشعور ولا بدّ منه إن أردت إعطاء الكلمة حقها. قامتك عالية، ومرورك يشرفني.