ينطوي الصوم على كثير من الحكم والأسرار التي لا يمكن حصرها ، فهو محك للإرادات النفسية ، وقمع للشهوات الجسمية ، ورمز للتعبير في اسمى صوره ، ورياضة شاقة على حجر الملذات والطيبات ، وتدريب منظم على حمل المكروه من جوع وعطش وصمت ، ودرس مفيد في سياسة المرء لنفسه الامارة بالسوء وتحكمه في أهوائها ، وقد أثبت الطب الحديث عن طريق التجارب العلمية ، أهمية الصوم في علاج الكثير من الأمراض والعلل التي ما فتئت تنخر وتحطم صحة وأبدان بني آدم وحواء ، ولم يعثر على علاج شاف للكثير منها إلا بالصوم ، بل إن العلم يؤكد على أهمية الصوم حتى بالنسبة للأصحاء انفسهم ! ...
ولقد أجهد العلماء والأطباء عقولهم ومدركاتهم بغية حصر ما ينطوي عليه الصوم من فوائد وحكم ودلالات .
فما وقفوا إلا على اليسير الذي اثبتته تجارب العلوم الطبية ، وألمحت إليه بعض نصوص الوحي القرآنية، وكافة التشريعات والأديان الإلهية والتي لا يمكن للمدارك والعقول الإنسانية أن تحيط بجل أسرارها وأبعادها والحكمة من تشريعها وأهميتها ،
وللإمام أحمد عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساًً لم يعطهن نبي قبلي ، أما الأولى فإنه إذا كان أول ليلة منه نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا ، وأما الثانية فإن الملائكة تستغفر لهم كل ليلة ، وأما الثالثة فإن الله يأمر جنته فيقول لها تزيني لبعادي الصائمين فإنه يوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى دار كرامتي، وأما الرابعة فإن رائحة أفواههم حتى يمسون تكون أطيب من ريح المسك ، وأما الخامسة فإنه إذا كانت آخر ليلة منه غفر الله لهم جميعا ، فإن العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم » .
( اخرجه ابو داوود )
يقول الطبيب الأمريكي ( ماك فادون ) في حوار مع إحدى كبرى المجلات العلمية الأمريكية :
لقد عالجت كثيراًً من الأمراض عن طريق الصوم ! ..
إن كل إنسان يحتاج الى الصيام وإن لم يكن مريضاًً ، لأن سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض ، فتثقله وتقلل نشاطه .. فإذا صام خف وزنه وتحللت هذه السموم من جسمه بعد أن كانت مجتمعة فتذهب عنه ، حيث يصفو صفاء تاماًً ، ويستطيع أن يجدد الإنسان حيويته ونشاطه بعد الافطار ، ولكنه يحس بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل ! .. وأضاف هذا الحكيم قائلاًً : إن أكثر الأمراض تأثراً بالصيام أمراض المعدة ، فالصوم بالنسبة لها كالعصا السحرية ، (لأن المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء) ، فالصوم يسارع تماما في شفائها ، ويرى المعالج به العجب العجاب ! ..
وتلي أمراض المعدة ، أمراض الدم ثم الأمراض الروماتيزمية ! ..
استخدم الجوع كوسيلة علاجية منذ أقدم العصور ، ولجأ إليه الأطباء اليونان أمثال اسكابياد وسيلوس لمعالجة كثير من الأمراض التي استعصت على الوسائل المتوفرة لديهم آنذاك .
وفي القرن الخامس عشر قام لودفينو كورنا بإستعمال الصيام في معالجة مختلف الأمراض المستعصية على العلاج المتوفر ، وطبق طريقته في الصيام على نفسه ، وعاش ما يقارب مائة سنة وبصحة جيدة ، وألف في أيامه الأخيرة رسائل في المعالجة بالصوم تحت شعار ( من يأكل قليلاًً يعمر طويلاًً ) ! ...
ولكن أوضح وأبلغ عبارة بخصوص الصيام هي قول رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم ( صوموا تصحوا ) .
ومن حديقة الأبحاث الطبية إليكم بعض الفوائد العظيمة للصيام كوقاية وكعلاج لكثير من الامراض ، ومنها :
1. وجد أن الصيام ينقص من ضغط الدم المرتفع الإنبساطي ، كنتيجة لانخفاض الوزن ، مما يتيح لمرضى إرتفاع الضغط أن ينقصوا من أدوية إرتفاع الضغط ، طبعا تحت الإشراف الطبي ، ويعيد الصيام الوظيفة القلبية الوعائية لحالتها السوية .
2. للصيام فائدة إستثنائية ، في أمراض القلب والأوعية المزمنة ، وفي فشل القلب الإحتقاني كما أنه ينقص من ثلاثي الشحوم ، والكوليسترول الكلي ويرفع مستوى الكوليسترول الجيد HDL وبالتالي يعمل على انخفاض الكوليسترول الضار LDL
3. ينقص الصيام من مستويات الغلوكوز في الدم ويقلل من المقاومة للأنسولين لذلك هو علاج فعال في السكري من النمط (II)
4. ومما لاشك فيه أن الصيام يعتبر من المعالجات الأكثر فعالية في معالجة السمنة ، وذلك بسبب تأثيراته بعيدة الأمد على الإستقلاب وعلى مخازن الدهن في الجسم .
5. وجد في العديد من الدراسات الطبية أن للصيام فائدة في الصرع ، حيث ينقص مدة ، وعدد ، وشدة النوبات .
6. كما أن الصيام يعد من أفضل المعالجات الطبية لعلاج التهاب البنكرياس الحاد .
7. وقد وجدت دراسات كثيرة تشير الى أهمية الصيام في معالجة الإلتهابات المفصلية ، وإلتهاب المفاصل الروماتويدي ، حيث أن الصيام فعلاًً مضاداًً للإتهاب بشكل طبيعي في الجسم، وينقص من معدل سرعة تثفل الكريات الحمر (ESR) والآلام المفصلية وكذلك التيبس المفصلي المصاحب ! ...
8. تستجيب أمراض المناعة الذاتية للصيام مثل الذئبة الحمامية ، والشرى المزمن ، وإلتهاب كبيبات الكلى ! ...
9. للصيام دور هام في الوقاية من العديد من الأمراض ، بسبب تحسن الوظيفة المناعية خلال الصيام وتناقص المراضة وذلك حسب دراسات الأكاديمية العالمية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية . وقد وجدت الدراسات أن هناك زيادة في نشاط البلاعم ، وزيادة في المناعة المتواسطة بالخلايا ، وازديادا في الوظيفة المبيدة للجراثيم ! ...
10. يفرج الصيام بعض اضطرابات الجهاز الهضمي مثل الإمساك وتطبل البطن ! ..
11. بالصيام يصبح الجلد صحيا ناعماًً ، وطرياًً وحساساًً .
12. يزيد الصيام من عمر الصائم فقد وجدت أن الصيام يبطئ من عوامل التشيّخ ، ويقول د . مارك ماتسون رئيس مختبر العلوم العصبية في المعهد العالي للشيخوخة ، إن للصيام المتقطع ( يوم بعد يوم ) آثارا مفيدة على التشيخ بالنسبة للفئران المجرى عليها التجارب ، وبنيت نفس النتائج على البشر ، في دراسة صغيرة مجراة ( على البشر ) تم إجراؤها في جامعة ايلينور في الولايات المتحدة الأمريكية ! ..
13. ولا تزال الدراسات قائمة حول الفوائد الطبية للصيام كعلاج لبعض أنواع السرطانات مثاراًً للجدل ، ولكن هناك بعض المعطيات التي تفيد بان الصيام يقلل من اذية تلك الأمراض ، وأنا من المؤيدين لذلك .
14. وهناك أمراض أخرى التي قد تستجيب للصيام .. مثل الأمراض النفسية ، والصدفية ، والأكزيما ، ومتلازمة القولون المتهيج ، وداء الأمعاء الإلتهابي ، والربو ، والنقرس الخ ...
فوائد الصيام النفسية
إن للصوم آثارا رائعة وفوائد نفسية عديدة على النفس البشرية ، فهو ينمي وينضج الشخصية ، والصيام يزيد من قوة الإرادة لأنه يمرّن ويروض النفس على الصبر والتحمل ، وينمي القدرة على التحكم في الذات ، ويتجلى ذلك بالابتعاد عن الإدمان على المخدرات والتدخين والكافئين والكحول ، ويساعد على تخفيف أعراض الإنسحاب التي قد تمنع الأشخاص عادة من التغلب على الإدمان وبما ان الصوم يزيد من قوة وقدرة الإنسان على التغلب على الشهوات ـ فإنه يساعد على التحلي بالأخلاق الحميدة ، والسلوك الجيد الايجابي مما ينعكس إيجابياً على الصائم وعلى المجتمع عموماًً ويساعد الصوم أيضاًً على التركيز وعلى صفاء ونقاء الذهن وعلى حسن التوجه والتفكير والتدبر فقد لوحظ زيادة مستويات الإبداع عند مجموعة من الطلبة الجامعيين الموهوبين أثناء فترة صيامهم مقارنة مع الطلاب غير الصائمين ولذلك فان القدرة العقلية تتحسن عند الصائمين بعكس ما يعتقد عامة الناس .
• كما لوحظ تحسن بعض حالات العصاب الوسواسي القهري والاكتئاب بالصيام ويقول الدكتور شيلتون في كتابه ( التداوي بالصوم ) : تتحسن القوى الفكرية والقدرة على المحاكاة والعاطفة والمحبة وسرعة البديهة والحدس أثناء الصيام .
وهكذا تتبدي الحكمة الإلهية الجليلة في تشريع الصوم وجعله فريضه في الدين الاسلامي وفيما قبله ايضا من تشريعات السماء.
وعلى الرغم تضافر ما تهدي اليه النصوص القرآنية وما يؤكده العلم والطب من أهمية الصوم وأثاره النافعة روحيا ونفسيا وصحيا واجتماعيا فان واقع العالم الاسلامي العربي اليوم يعد بعيدا عن أهداف ومدلولات هذه الشريعة الدينية الجليلة لأنه من المؤسف حقاًً بل من المخجل ألا يستوعب المسلمون غايات ودلالات ومقاصد البناء الاجتماعي والحضاري في شعائرهم التعبدية وشرائعهم السلوكية والفكرية وغيرها وصوم رمضان في الكثير من مجتمعات المسلمين اليوم هو صورة قاتمة حقيقية مائلة للكسل وهدر للطاقات والوقت والاستهلاك الفوضوي البعيد تماما عن الوعي والعقلانية وروحانية الاسلام الحقة وأخلاقيات هذا الدين الحضارية ومن الواجب على مختلف المجتمعات الاسلامية تقديم صورة مشرقة لعباداتهم ومناسكهم وسلوكياتهم ليس فقط في شهر رمضان المبارك فحسب وإنما على سبيل الدوام ...
وكل عام وأنتم بألف صحة وسعادة متمنياً أن يكون شهر رمضان غنياًً بالخير والبركة والمحبة والسلام والعطف والرحمة على الفقراء ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حلب في 27/7/2011
مقالة رائعة واهنئ الكاتب وجميع الصائمون برمضان المبارك وكل عام وأنتم بخير
أود شكر الزميل د.مصطفى على ما قدم من مادة علمية روحية قيمة و أستغرب تعليقات البعض و التي تدل أسماء أصحابها على مكنوناتهم النفسية من كفر و جهل وعقد و ضيق أفق ...كيف تخلط جاهلاً أو عامداً بين المجاعات و الصيام....بين فقدان الطعام لأيام أوشهور و بين تنظيم الوجبات الغذائية على مدار اليوم ...قاتلك الله يا جاهل
شكرا لسيريا تيوز على هكذا موضوع في هذا الشهر الفضيل والمبارك اعاده الله على شعبنا بالخير والسعادة للجميع.. نحمد الله انا الصوم لله وانا عبادة الصوم برغم كل الفوائد الجسمية والنفسيةوالطبية هي عبادة مرتبطة بعلاقة وثيقة بين العبد ومولاه فهي لا تحتاج للمصانعة والمراءة وليست مرئية .. فلك الحمد يا الله على كل حال اللهم كما بلغتنا العشر الاوائل بلفنا العشر الاوخر وعشر العتق من النار وتقبله منا يا رحمن..
السيد الكاتب أهنئك على هذا المقال الرائع و أسأل الله أن يجعل ما به من فائدة و خير في ميزان حسناتك . أما ما ورد في أحد التعليفات من كفر و جهل فإنه لا يرقى إلى مستوى النقاش العلمي أو الحوار الجاد ...الأكل والجنس و النوم ...هي أركان السعادة ؟؟؟؟ أما بالنسبة للأكل فيا سيد كافر ما رأيك بأن أعلى نسبة للوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية هي بسبب أمراض القلب و الذي تعد النسب المرتفعة للبدانة بسبب العادات الغذائية من اهم أسبابه و اما ان كنت ترى السعادة بالنوم فربما كان في نومك الأبدي سعادة لك و لمن حولك
Dr.dean ornishكثيراً ما يعالج مرضاه بالأغذية والصوم وليس معنى الصوم فقط الامتناع عن الطعام ولكنه يشمل أيضاً أهمية بعض الأغذية النقية الطبيعية في علاج الأمراض كماأشار الطبيب .أسأل الله لك الهداية و هذه هي نصيحتي لجميع المرضى النفسيين أمثالك و أنا أقول أخيراً (الدين النصيحة ) معلوماتك محدودة وعقلط ضيق و أمثالك عطشى للعلم و الايمان و خاصة في شهر رمضان و لكن هنالك شيطان كافر واحد يقاوم الصوم هو أنت يا كافر ياابن ملحد فمن أين لك الهداية وفي الحقيقة لوكنت غير مريض حقاً لذكرت اسمك الحقيق(قل موتوابغيظكم
بعد الشكر الجزيل لكاتب المقال ...أود أن أقول للسيد كافر بن ملحد مت بغيظك و كفرك ,,,يبدو أنك لم تفهم المقالة جيداً فبعض سكان بغلادش و الهند يموتون من الفقر و الجوع و التلوث البيئي و تسمم الغذاء و بأنواعه المختلفة ...و من الجوع ما قتل زز(و الجوع غير الصيام )..والصوم مفيد لهؤلاء الذين يموتون من التخمة و الأمراض التي تسببهاو عليك أن تمحو كفرك و جهلك بالعلم و القراءة وأرجو أن تطلع على مقالات الأستاذ Dr.dean ornish رئيس قسم أمراض القلب بكاليفورنيا سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة الأمريكية ...
بداية أحب أن أشكر الكتور العطري على هذه الدراسة القيمة والمعلومات الرائعة التي دون أدنى شك قد بذل فيها جهدا ملحوظا ولكن ...... للأسف الشديد يوجد بعض أصحاب العقول المتحجرة والتي نراها تعارض أي حقيقة علمية أو تاريخية أو... أو لا لشى..فقط للمعارضة يعني متل ما بقول المتل الحلبي (سنجق عرض)أو ما كان الأجدى بمن سمى نفسه كافر بن ملحد أن يطلع أو يكون أكثر إلماما بالعلم حتى يتصدى للعلماء أنصحه أن يترك هذ المجال ويجلس يطالع كتب ومقالات أسياده وأسيادنا العلماء
لو كانت كل هذه الأمور صحيحة لكان مسلمي العالم في الهند وبنغلادش وأفريقيا والخليج العربي من أذكى البشر وأكثرهم صحة وعافية وإرادة وووو وكل الذي ذكرت لأنهم يصومون منذ عشرات القرون ولكنهم أكثر الناس أمراضاً وعللا!هل تستطيع أن تذكر بعض ميزات تلك الشعوب رغم صيامهم المتكرر سنوياً وربما شهريا وأسبوعيا؟ روح شوف الشعوب التي لا تصوم ستجد أن صحتها أفضل وجمالها أفضل ونظامها الصحي أفضل وثقة أفرادها بأنفسهم أكبر وأدويتهم أنجع وصراحتهم أسمى، واحترامهم للقوانين أفضل، متواضعين خلوقين مؤدبين لايتكبرون الخ
أين مراجعك على كل هذا الكلام الطبي الخطير والنتائج (الباهرة) التي تريدها أن توهمنا بأن الصوم هو معجزة الأزمان! أنت قلتها بنفسك، الصوم كان سائداً قبل ظهور الأديان يعني لا فضل للأديان في ذلك وإنما اخترع الإنسان الدين بعد أن وصل إلى مرحلة من اليأس والإحباط فأخذ الأشياء من هنا وهناك وسماها تعليمات الدين. الصوم لا يفيد إلا في حالات نادرة جداً والدليل أن الجائع يغضب بسرعة ويسوء خلقه ويشعر بالضيق والتعب والإرهاق بسبب نقص تغذية الدماغ فهل هذا هو المرجو من الصوم وهل هذه هي الفائدة؟
مقالة رائعة وأهنئ الكاتب وجميع الصائمون برمضان المبارك وكل عام وانتم بخير