مما يثير الدهشة والعجب حقا هو قوة وفعالية القوانين الأجنبية التي تحمي حقوق المستهلك في الدول المتقدمة صناعيا تلك الدول التي يعامل بها السوق الرأسمالي المستهلك معاملة خاصة جدا تحت القاعدة الذهبية الشهيرة المطبقة نظريا وعمليا فيه والتي تقول أن الزبون هو دائما على حق.
في حين لم تستطع القوانين السورية على كثرتها وتنوعها من قوانين تتعلق بالصحة العامة والمأكل والملبس والكهرباء والمياه وغيرها أن تمارس تأثير كبير في السوق السورية ومن الإطلاع على قضية حماية المستهلك نجد أنها قضية تتجاوز إصدار القوانين وتشريعات وإحداث الجمعيات والهيئات والأجهزة الحمائية نظرا لوجود خلل جسيم يطال البنية التحتية لتركيبة السوق المحلية التي يفترض أن تضم العناصر الأساسية التالية :
المواطن العادي : الذي يفترض فيه أنه يعرف حقوقه الاستهلاكية جيدا وأن يطالب بهذه الحقوق وأن يتوصل إليها مستخدما جميع الوسائل والإجراءات القانونية المتاحة .
المنتج : الذي يفترض فيه أن يدرك أنه ينتج لمواطن مثله في المواطنة وله حق مقدس ومحمي قانونا في الحصول على المنتج الجيد الذي لا يعرض صحته وبيئته للمخاطر وللمهالك والتلوث والأمراض .
التاجر :الذي يفترض فيه أن تجارته قد علمته أن ربحه الحقيقي هو رضا مستهلك تجارته لأن هذا الرضا هو الذي يراكم أرباحه ويؤدي إلى ازدهار تجارته .
في حين أن الواقع المعاش يقول أن عناصر السوق المذكورة لدينا تعاكس هذه الافتراضات جميعها فالمستهلك يتقاضى في الأغلب عن المطالبة بحقوقه والمنتج لا يهمه حين تلاعبه بالمنتج من نتائج وأضرار صحية ومادية تنعكس على مواطنيه وأن التاجر لا يهمه رضا المستهلك فهو شرط غير لازم لزيادة أرباحه لأن المستهلك في النهاية مضطر للشراء بالشروط والأسعار المفروضة عليه, فكيف يمكن للقوانين والتشريعات أن تفرض مفاعيلها على هذه البيئة السلبية في حين أنه لو توافرت لهذه القوانين والتشريعات البيئة الإيجابية الجيدة لتحولت لمجرد لوحات إرشادية لتحقيق التعامل الأمثل لأنه لا يعود هناك أي حاجة للعقوبات والتدابير الوقائية والاحترازية التي تنص عليها إلا بوصفها رادع احتياطي لحالات استثنائية فردية ومتفرقة لا تشكل أي مشكلة حمائية .
والسؤال الذي يفرض نفسه هو كيف نصل إلى تحقيق البنية التحتية السليمة للسوق السورية, والمدهش أن الجواب بسيط جدا وساذج لكنه صعب التطبيق وإن لم يكن مستحيلا إذا تحقق الوعي الاستهلاكي لدينا واعتبرنا أن واقع حماية المستهلك الذي نعيشه هو مرآة أمينة وصادقة تعكس مدى الدرك الأسفل الذي وصلنا إليه في سبيل مطامعنا الفردية والأنانية التي ستظل مهما كبرت صغيرة وتافهة لأن الوطن والمواطن يظل هو الربح الأكبر لكل منتج ولكل تاجر.
بل أن هذا الوعي الاستهلاكي سيوصلنا إلى عمق لم نلاحظه لأن أنانياتنا الصغيرة أعمتنا عنه وهو أننا كمنتجين وتجار مهما كبرت تجارتنا ونما إنتاجنا وازدهر يظل المستهلك هو ولي نعمتنا الحقيقي وهو مصدر رزقنا وأرباحنا ومصير إنتاجنا وتجارتنا رهن تقبله ورضاه فمصلحتنا الحقيقية لا تقتضي أن نقوم كمنتجين وتجار بحمايته من أطماعنا وأنانياتنا وأن نجعل دأبنا هو الحفاظ على حقوقه وعلى رضاه كما أن هناك عمقا أبعد لهذا الوعي الاستهلاكي لأننا كمنتجين وتجار نحن في التحليل النهائي مستهلكين أيضا.
فإذا كان إنتاجنا أو تجارتنا تتناول مادة أو عدة مواد من احتياجات السوق فإن مئات المواد والمنتجات الموجودة في السوق نحن نستهلكها وهي من إنتاج وتجارة الآخرين فهل يرضيني أن أغش بمادة أنتجها بينما أتناول في طعامي وغذائي ودوائي مئات المواد التي ينتجها الآخرون ويدخل في إنتاجها جميع أصناف المبيدات والهرمونات والملونات والمنكهات والمواد الحافظة ويتحكم بأسعارها عوامل وأشخاص خارج نطاق سيطرة إنتاجي وتجارتي أي أنني من حيث النتيجة .
كما أدين أدان مما يحوّل تعامل المواطنين مع بعضهم إلى مجرد تبادل أدوار في غش وتدليس المواد التي يتبادلون إنتاجها وتجارتها والتحكم بمصادرها فهل هذا هو التعامل العادي والطبيعي بين أبناء الوطن الواحد ؟
ومن حيث النتيجة النهائية فموضوع حماية المستهلك هو مسؤولية الجميع لأن الجميع من حيث النتيجة هم مستهلكين ومُستهلكين ولا أحد أحسن من أحد وكما تغشني بمادة ما فإنا أضرك بمادة أخرى مقابلها ولما كان الاستهلاك هو الدولاب الكبير الذي يدير عجلة اقتصادنا الوطني ولما كان نوع وسلامة المواد المستهلكة هي التي تحدد مستوى صحتنا وسلامتنا الجسدية والنفسية فلا شيء يمنعنا سوى أنانياتنا الضيقة من جعل حركة هذا الدولاب حركة آمنة مطمئنة ميمونة سليمة صحية ومباركة يتوزع نفعها على الجميع.
فباعتبار أننا كلنا من حيث النتيجة مستهلكين فإن حماية المستهلك الذي هو نحن أنفسنا حق لنا جميعا وواجب علينا جميعا على حد سواء فعندما أحمي المستهلك الآخر فإنني أحمي نفسي لأنني أنا المستهلك الأول سواء كنت تاجرا أو صناعيا أو مستهلكا عاديا وذلك شئت أم أبيت .
يجب أن تقوم لجنة شعبية مشكلة من بعض الخبراء و الفنين تجوب الأسواق و الأماكن العامة , مهمتها شرح طريقة كشف الغش في البضائع و المنتجات بشكل عام و تقديم أسعار تقريبه للمنتجات , و في حال وجود آي مشكلة مع آي مواطن يتم تعريف العامة بطريقة تحصيل حقهم و لمن توجه الشكاوي
الموضوع هام جدا ,ولكن لا يمكن تطبيقه في بلد شعبه متخلف والفساد يعم جميع الجهات العامة ناهيك عن مراقبي التموين اللذين يجوبون المحال التجارية طلبا للرزق وحماية المواطن بل ..لحماية جيوبهم وأرضاء معليمهم, واهمس باذنك بالله العظيم لن ولن نصبح عالم لأن الفساد سيزداد كلما الشعب زاد فقرا