بترجمة كتب الأديب العالمي رفيق شامي
بسرور وفرح كبيرين تلقيت هدية عزيزة على قلبي، انتظرتها منذ زمن، حيث كنت سمعت بولادة فكرتها وتتبعت تطورها وتقدمها، ألا وهي كتاب بطبعته العربية الأولى ، من كتب الأديب العالمي الألماني ـ السوري الأصل والجذور، رفيق الشامي، المنشور بالألمانية و23 لغة أخرى.
فرحتي كانت ومازالت كفرحة طفل صغير ، أعطوه كنزاً لا يقدر بثمن ، فما كان منه إلا أن رقص فرحاً طرباً ، وها هو ينشر هذا الكنز على المحبين .
أنا الآن يا أحبة الأدب العربي ، ويا عشاق الإنتاج الأدبي ، ويا أبناء الضاد الذين ترتفع رؤوسهم عالية إلى السماء افتخاراً بنجاح أحد أبناء بلدي سوريا ،وبكل فخر وامتنان وشكر لمن تذكرني وأهداني قطعة من قطع دمشق كي ألتحف بها ـ ، أقدم لكم جميعاً أحد الكتب الثلاثة المترجمة للعربية ، للأديب السوري الدمشقي المعلولي " سهيل فاضل "، والمعروف ألمانياً وعالمياً باسمه الأدبي " رفيق شامي " ، و هو بعنوان " حكواتي الليل " ، والذي تمت ترجمته على يد المترجمة المثقفة رنا زحكا ، وقد صدر عن منشورات الجمل بداية عام 2011 في بيروت .
وللتذكير فقط بأديبنا الكبير فإنني أنقل ملخصاً عن سيرته الذاتية :
/ " ولد رفيق شامي ( اسمه الحقيقي سهيل فاضل ) في دمشق عام 1946 ، درس الرياضيات والفيزياء والكيمياء لكي يعمل معلماً في المدارس ، غير أنه ترك البلاد عام 1971 إلى ألمانيا ، حيث درس الكيمياء ، وحاز على الدكتوراه عام 1979 ،وعمل لسنوات عدة في اختصاصه، وصدر كتابه الأول بالألمانية عام 1978 ،وبذرة الأدب التي كانت مزروعة في كيانه دعته للتفرغ للعمل الأدبي منذ 1982 ، ومنح عشرات الجوائز تقديراً لأعماله في ألمانيا وخارجها ، ويعتبر اليوم من أنجح الكتًاب في ألمانيا ، وهو عضو في أكاديمية بافاريا للفنون الجميلة منذ عام 2002 " / .
واللغات المترجم إليها من الألمانية أغلب كتب الأديب العالمي الكبير هي :
العربية , الباسكية , الصينية , الدانمركية , الفنلندية , الإنكليزية , الفرنسية , اليونانية , العبرية , الإيطالية ,اليابانية ,الكتانية , الكورية , الهولندية , السويدية , الإسبانية , التركية , الصربية , السلوفينية , الكرواتية , النرويجية , البولونية , والأوردو (في باكستان )
وأما عن سيرة هذا الكتاب " حكواتي الليل " ، قبل نشره وحصوله على الجوائز العالمية فإنني أنقل من صفحة جلدته الأخيرة قصته وهي كالتالي :
/ " ثلاثة وعشرون ناشراً ألمانياً رفضوا طبع هذه الرواية ، لم يخطر ببال أحد منهم أن قصة عن دمشق ، وعن الحديث الشفهي ، تهم أي قاريء ألماني ، فالأدب العربي كان آنذاك قارة مجهولة، وكان رفيق شامي كاتباً مغموراً نشر سبعة كتب لم تلق نجاحاً يذكر .
وبعد عناء ، أخذ مدير جديد لإحدى دور النشر النص ، وأوكل أحد خبرائه بتنقيح الكتاب ، فقصقص أجنحة القصة الدمشقية ليحولها إلى رواية أوربية صغيرة لطيفة ، لا أثر فيها للشفاهية.
كانت تلك اللحظة حاسمة في مسيرة رفيق شامي الأدبية ، بعد تفكير دام ثلاثة أيام ، أبلغ الناشر أنه يرفض هذا التنقيح ، وأنه لا يريد تغيير سطر من أسطر الكتاب ، وكانت المفاجأة ، أجابه الناشر أنه عندما قرأ اقتراحات المحقق قال له : لن يقبل بهكذا مسخ لرواية أي كاتب يحترم نفسه ، لذلك قرر أن يوكل رجلاً أخر بتدقيق لغة النص فقط ، والحفاظ عليها كما رواها رفيق شامي ، وهكذا كان .
صدر الكتاب في تشرين الأول 1989، وبيع منه خلال السنة الأولى 200 ألف نسخة، وبيعت حقوق الترجمة إلى 22 لغة، وبعد ثلاث سنوات حصد الكتاب ست جوائز أدبية، وتجاوزت طبعاته حتى اليوم المليوني نسخة " /.
من عاش في دمشق وخاصة دمشق القديمة ، وتنسم من خلال روائحها، أريج الياسمين والفل ، ومن سار في أزقتها وحاراتها الضيقة الملتوية ، سيشعر بلا ريب بتلك الرعشة والقشعريرة التي ملكت جسمي كله مع تسارع دقات قلبي ، حين يتصفح هذا الكتاب ، وتمر أمام عينيه المبللتان بالدموع ،أسماء مثل باب توما ،باب شرقي ، والقيمرية ، والعبارة ، والقشلة , وحنانيا ،والعازرية ، بالإضافة إلى دوما وحرستا ،ومقهى النوفرة المجاور للجامع الأموي ، وهي الحارات والمناطق التي ولد فيها وترعرع ، وسيرافق بطل هذا الكتاب " سليم العربجي" في قصصه التي عايشها وعاشها /" إصابته بالخرس ومحاولات أصدقائه لمساعدته على الكلام"/ ،/" وكيف عض رجل عينه ليغير وجهة نظر رجل آخر"/ ،/" وكيف أرغم الملك أن يسمع بعد موته ما صم عنه أذنيه طيلة حياته "/، إلى /" لم رميت أرضاً لأجل سليم وحلق طائر السنونو في السماء من جديد"/ ، وهي بعض عناوين فصول الكتاب المترجم للعربية وعدد صفحاته256، أقول مجدداً من عاش في دمشق القديمة، سيذكر وبكل فخر لأحفاده ، بأن تلك القصص هي نتيجة البيئة الدمشقية السورية ، وهي وإن كان فيها بعض الخيال ـ وهذا قمة نجاح الكاتب ـ إلا أنها تستند إلى أسس ووقائع الحياة التي عاشتها دمشق والمحفورة في ذاكرة الكاتب .
وأود هنا أن أنقل تعليقاً واحداً من عشرات التعليقات التي وردت على مقالي الثاني والمنشور في عدة مواقع ، وكان بعنوان :
/ " كاتب سوري ـ ألماني يحصد الجوائز العالمية " /
هذا التعليق الذي أبكاني عند مطالعته وأثار شجوني السورية ، كتبه الطبيب رامي عبيد المقيم في ألمانيا بتاريخ 10 ـ 10 ـ 2009 :
/ " الأديب رفيق شامي
شكراً لك أخ اليان لتسليط الضوء على شخصية الكاتب رفيق شامي ، المعروف جداً في الأوساط الألمانية على كافة المستويات.
لم أسمع عن كاتب أو روائي خلال وجودي في ألمانيا أكثر من رفيق شامي السوري الأصل، والذي في كل كتاباته ينثر عبق ورائحة الياسمين الدمشقي باللغة الألمانية التي أتقنها أدبياً بشكل منقطع النظير .
من دواعي الفخر والسرور أن ترى أن الألمان يسألونك فوراً عن " رفيق شامي " فور أن يعرفوك سورياً وقادماً من سوريا، وفخر أكبر أن تتلقى هدية من صديق ألماني ، وتفاجأ بأنها رواية للكاتب رفيق شامي .
الكاتب رفيق شامي معروف في ألمانيا كما هو غوته ونيتشه ، وغير معروف في بلاده مع الأسف .. نتمنى أن نرى اهتماماً اكبر بهذا الشخص الذي أعاد تغيير نظرة المجتمع الألماني لبلادنا "/ .
كما أنني سأذكر تعليقين نقلتهما عن صحيفتين ، من غوغل ، حول هذه الرواية المترجمة،
فصحيفة السفير كتبت :
/ " شكّلت الرواية منفذاً للعودة إلى نمط حكائيّ يكاد يختفي من المشهد العربي: السرد الشفهي لحكايات مزجت الأسطوريّ بالواقعي، وجعلت المتخيّل متصالحاً والتبسيط الكتابيّ في القول الإبداعي.
من الشكل المختار للصفحة وعناوين الفصول المفتوحة على الحكايات الشعبية، إلى المضمون الحكائيّ نفسه، ظلّ سليم العربجي، الشخصية الرئيسة، محور الحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي والتربوي في دمشق الخمسينيات. سرده الحكايات انتهى، عندما أخذت الجنّية منه القدرة على الكلام، فبات الصمت مدخله إلى فهم العالم من حوله"/.
وصحيفة الحياة كتبت :
/ " يستدعي الكلام على الحكاية الإشارة إلى ارتباطها بمهن أصحابها أو الحرف التي يمارسونها، من هنا جعل «رفيق شامي» الحكواتيّة البارعين من الذين وضعتهم الحياة على تماس يوميّ مع عدد كبير من الناس ومن مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعيّة: كالعربجيّ والحلاق والمهاجر والبائع المتجوّل والسجين والوزير السابق. ووفّق الكاتب في تصوير الأثر الذي تتركه ممارسة مهنة معيّنة على نفسيّات أصحابها ولغتهم "/.
وأغتنم فرصة هذا المقال لأذكر الجوائز العالمية التي حصل عليها أديبنا الكبير بكل جدارة واستحقاق :
1985 جائزة أدلبرت شاميسو التشجيعية للأدباء الأجانب ( ألمانيا )
1986 جائزة تاديوس ترول ( ألمانيا )
1987 جائزة الكوبرا الزرقاء لكتاب العالم الثالث ( سويسرا )
1987 جائزة القراء الشباب في التلفزيون 2 ( ألمانيا )
1987 قائمة الشرف لجائزة الدولة ( النمسا )
1987 جائزة أفضل كتاب للشبيبة ( سويسرا )
1989 جائزة سميلك كيجن ( هولندا)
1990 جائزة مدينة هاملن لأفضل رواية ( ألمانيا )
1991 جائزة ميلدريد بيشلر للمكتبات ( أمريكا )
1993 جائزة أدلبرت شاميسو الرئيسية ( ألمانيا )
1994 جائزة هيرمان هيسه ( ألمانيا)
1995 جائزة النقاد لأفضل أسطوانة أدبية ( ألمانيا)
1996 جائزة أدب الصوتين ( فرنسا)
1996 جائزة النقاد لأفضل أسطوانة أدبية ( ألمانيا)
1997 جائزة هانز . أ . نوساك ( ألمانيا)
1997 الجائزة العالمية لفن القصة ( أمريكا)
1999 جائزة أفضل سبعة كتب حول الكاتب غوته ( ألمانيا)
2002 جائزة لياندر هايدلبرغ ( ألمانيا)
2003 جائزة فايلهايم الأدبية ( ألمانيا)
2003 جائزة الدولة للفن ( ألمانيا )
2007 جائزة الشاعرة نيللي ساكز من مدينة دورتموند و بلغت قيمتها 15 ألف يورو..
وكما علمت من غوغل بأن الكاتب والأديب رفيق الشامي الملقب بحكواتي الشرق ، قد أصدر آخر كتاب له بعنوان وسم الخروف ، وحصل على جائزة جورج غلاس للأدب وقيمتها 10 آلاف يورو .
ومن يهمه المزيد من أخبار الأديب العالمي رفيق شامي أو رفيق الشامي ، فما عليه إلا الرجوع إلى أحد محركات البحث ، غوغل ، ياهو ... ووضع أحد الاسمين ليتعرف أكثر على رجل من رجال سوريا الأدبية ،الذين أثبتوا بالفعل والكلمة مدى التصاقهم بأرضهم وبتاريخهم، وبما قدمه هذا الرجل من ثقافة ومعرفة للعالم أجمع، عن الأرض التي رأى فيها النور،فها هو يصرح في إحدى مقابلاته الصحفية بأن :
/" فنجان قهوة في دمشق يعادل كل ثروة المهاجر ...عجيبة دمشق أنه كلما انتهيت من كتابة رواية عنها ، يزداد حنيني وشوقي إليها ... ولدي مكتبة خاصة عن دمشق ... وبقيت وسأظل طوال عمري كاتب دمشق"/.
ومن غوغل أيضاً : /" وقد وقع اختيار مجلة ألمانية على رواية الكاتب الألماني السوري الأصل رفيق شامي والمعنونة باسم /" الجانب المظلم للحب "/ ، لإصدارها ضمن سلسلة أدبية في عشرين عاصمة عالمية ، ومن المتوقع صدور الرواية قريباً مترجمة للعربية "/.
/" وقد تم اختيار رفيق الشامي من قبل جامعة كاسل ليكون بروفيسورا فيهاً ،وذلك تقديراً لمكانته الأدبية الرفيعة ، حيث سيحاضر حول فن الحديث والشفاهية "/.
ومن الجدير بالذكر بأن محاضرات وندوات الأديب رفيق شامي ، والتي تحجز أماكنها مسبقاً ،يتوجب على من يحضرها بأن يدفع ثمن تذكرة دخول إليها .
ومن الجدير بالذكر بأن الكتاب الأول المترجم للعربية بعنوان / " التقرير السري عن الشاعر غوته " / قد نشر عام 2005 ، كما أن الكتاب الثاني هو بعنوان / " يد ملأى بالنجوم "/ ، وقد نشر بالعربية عام 2008 ، وهما مع هذا الكتاب موجودون في المكتبات اللبنانية ، ومع أملي بأن نراهم في المكتبات السورية.
لا يسعني إلا أن أكرر شكري على هذه الهدية التي لا تقدر بثمن ، وأن أقدم مجدداً كمواطن عربي سوري فائق شكري وعظيم تقديري لمن رفع اسم بلادي عالياً ، فإليك يا ابن بلادي تحية من دمشق مضمخة بالفل والياسمين .