syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
كل ذلك كان... بقلم : هالة اليوسف

سنتان مرتا على ذلك هزات وهزات... كل ما تحتاجه غمضة عين ترتفع وتنخفض تزيد الجرعة تارة وتارة تترك الكرسي لتهتز براحتها وتكون حدة الانفعال قد تحولت إلى دموع لا تنتظر بعضها وتتسابق للسقوط....


جاءت إلى بلاد كانت جنة بخيالها وعاشت سنتين من الغربة في غربة هناك اكتشفت أن للساعة صوتا تمقته ويؤنسها عمرها يقاس عنده باللوعات ..بالأخطاء ...بالأنات .

تتوقف فجأة عن الاهتزاز ويتوقف نشاط الكلمات التي بنت عشاً في دماغها , يفتح الباب هذا موعده ... تجهز نفسها لتدفعه عنها وكالعادة فها هو ثمل ويكاد يغمى تجره إلى سرير ملَ رائحته لينام بملابس ممهورة بخيانته

تنظر إلى وجهه الغريب وتلوم نفسها للمرة الألف .. مالذي جاء بها , ليس أسهل عليه من العيش بدون خادمة لا يسمع صوتها وإن سمعه يبدو غريبا لأنه يخرج مبحوحا لكثرة ما اعتادت على الصمت وابتلاع الغصة التي تجرح صوتها إن صدف وتفوهت بكلمة .

تضطر مجددا للنوم ولاتبل ريقها بقطعة خبز ترقبتها وحلمت أن تأكلها معه كباقي الناس الطبيعيين وتعيد أطباقاً مليئة كما جهزتها له قبل مجيئه ولا ينقطع لديها الأمل أن يفكر بها يوماً ويقرر أن يمضي معها وقتا كباقي العملاء الذين يرتادون مكتبه ...لا أكثر .

هو الذي نبهها إلى أنها أصبحت شابة جميلة بدون أن يقصد من كلامه أي شيء أبعد , وكان ذلك الإطراء لابنة عمه كافياً بنظر والديه ليستغلوا الإجازة القصيرة التي منَ على أهله بها وأتى لزيارتهم خوفاً أن تموت أمه قبل أن تراه وترى ما فعلت به الغربة , فسنتان من الهجرة كافيتان إما لتضاعفا مشاعر الحب والشوق لمن تحبهم وعشت معهم عمراً في وطنك أو تتكفلان بأن تفقدانك ذلك الجزء البسيط الذي يحتله هؤلاء الأشخاص في حياتك حتى لو كانا والديك

والدان كان ولدهما يملأ عليهما حياتهما .. ضحيا بسعادتهما وسمحا له بالسفر ليدرس في بلد سبقه إليها الكثير من أقاربه ....ولم يعودوا

سافر ليدرس اختصاصاً لم يحلم به يوماً ولم يعشقه  أو يطمح لدراسته , هندسة الحدائق, فبعد رسوبه لعدة سنوات في الجامعة أقنع أهله برغبته بالسفر لدراسة ذلك الفرع وحاول المستحيل في سبيل إقناعهم .

وبعد عام على سفره بدأت الأنباء تصل إلى والده بوقوع ولده في حب امرأة فرنسية يعمل لديها , لقد وجد أبسط وأقصر طريقة لجمع الثروة بعلاقته بتلك المرأة  التي وقعت بحبه أيضا .

امرأة على أبواب الأربعين .. غنية وجميلة , ولكنه لم يكن ينوي اختصار الوقت ليعود إلى وطنه بل كان يفكر بطلب والديه للهجرة والعيش معه حتى لا يحس بالذنب لتركهما وحيدين وهو وحيدهما في هذه الدنيا .

لطالما حاول بالاتصال والمراسلات إقناع أهله للحاق به إلى هناك لكن والده الضابط المتقاعد لم يفكر مجرد تفكير بالهجرة كي لا يموت في بلد لم يتدفأ في مهدها فهو لا يحتمل أن يملأ فمه غير تراب وطنه ولا أ ن تظلل قبره غير أشجار كبرت وشاخت معه ويقول دائما لزوجته إن عرضت عليه السفر إلى ولدها كيف لنا أن نعيش عالة على عالة .

ولكن حزم الضابط هذا جاء متأخرا فلم يستطع منع ولده من السفر رغم معرفته بأن الدراسة ما هي إلا وسيلة للسفر فهو أعلم الناس بولده ,

ولكن مالفائدة من معرفته بنوايا ولده فقد تعلق بتلك البلاد وانتهى الأمر , تعلم الطير الطيران ولم يعد محكوماً بما يصطاده له والداه . عثر على فرصته وأسس عملا كبيرا لا يمكنه تركه على حد قوله ولكن بعد إلحاح وتوسل من أمه جاءها بإجازة قصيرة ولكنها أفضل من لاشيء بنظر والده الذي كان همه أن يبعد ولده عن النار التي يسمونها " سونيا "

فقرر الأب ألا يدع ولده يعود إلى فرنسا بدون زوجة علها تبعده عن تلك اللعنة التي حلت به , وخطط الوالدان الطيبان لدرجة أنهما اعتقدا أن ابنة عمه الشابة الجميلة هي العروس المناسبة التي ستنسيه سونيا

اثنان وعشرون ربيعا تركت منحوتاتها بفترة المراهقة دون أن تحفر ملامحها لكثرة حبها وتوقها للمجهول ظنا منها أن الملامح التي تنقص تماثيلها ستضيف نفس المفعول عليها حتى لو بعد سنوات من المغامرة

وهكذا لم تستطع التفكير في عرض عمها للزواج من ابنه فقد جاءها ذلك العرض في قمة انفعالاتها وتمردها على المألوف

.......يتبع...

 

2010-11-08
التعليقات