للاعترافات بمسارات الجنون, وقاعة المحكمة مكتظة بالحضور, أتوا من كل حدب وصوب مع خوافق الرياح ليشهدوا جميعا على فعل جنوني...
رفعت يدي اليمنى مقسما بالله والحب, فوقف الكل مكبرا معظما مصفقا, وكذلك لجنة القضاة, وأومؤا لي بالجلوس على المنصة فوق سجل المحكمة, وألبسوني ثوب الشرف الأسود, موشى الأكمام بالأحمر, ووضعوا على أكتافي وشاحا بألوان الطيف, وعلى رأسي قبعة من نفس الطراز... وبدأت تعزفني سيمفونية الجنون, وتكرز بي أناشيد الهذيان.
وتبوح بي كتاباتي الرافضة الثائرة المجدفة بعكس التيارات, وأنا ساكن هادئ صامت, ما تفوهت بحرف من منظومة الحروف, حتى ثمل الكل من البوح في الاعترافات, وإغرورقت عيون الحضور بنشيج الدموع, معلنا رئيس القضاة, حكما مبرما مؤبدا في عوالم فلسفة الإبداع في الكتابات, وأتوا بفرقة من رجالات الأمن الفكري, وكبلوني بسلاسل من الفنون الأدبية والتشكيلية, وأدخلوني عنوة طوعية سجن البوح في الكتابات...
أحببت عاصفة الحزن هذه. لا أعلم إن وصلني المعنى كاملا ولكنها موحية بعشرات المعاني الجميلة والعميقة.في فترة من فترات حياتي حلمت بشيء مماثل إلى أن تغير مع الكبر والعمر مفهومي للعدالة فصرت أحلم بها في مكان اخر. دمت بخير