مع انطلاقة الحكومة الجديدة هل يمكن إشاعة ثقافة جودة حياة العمل في الإدارات العامة والخاصة
في عام 1970 بدء الاهتمام بجودة حياة العمل . وبدأت الإدارات في العديد من الشركات الكبيرة مشاريع شاملة ومتكاملة لتحسين إنتاجية قوة العمل ، والتأثيرات التنظيمية وجودة حياة العمل ، بالرغم من أنه كان لدى القيادات الإدارية المختلفة في الإدارات والعمل والحكومة والجامعات العديد من الهواجس والقلق حول بعض الأمور الواجب تحقيقها مثل الأجور المحترمة - ساعات العمل - ظروف العمل - ومشاكل التعب والسأم والرقابة .
وقام أصحاب العديد من المشاريع بدراسة مسألة جودة حياة العمل وكيفية تحسينها ، وعموماً فإن دراسات تحسين الإنتاجية تتفق مع جودة حياة العمل في المنظمات وبدء يظهر اهتمام واضح من قبل الشركات والمنظمات المعنية بدراسة الإنتاجية وجودة حياة العمل في المنظمات العامة والخاصة .
مفهوم جودة حياة العمل
- إن جودة حياة العمل هي إدراك الفرد لخبرة العمل .
- عن طريق إدراك تغيرات الأفراد يبقى المعنى الحقيقي لجودة حياة العمل واحد بالنسبة لكل فرد .
- وعموماً ، ومع ذلك فان جودة حياة العمل المرتفعة تتأتى عندما يمتلك الأفراد الوظائف التي تقدم الاستقلالية والتنوع والشعور بتقديم مساهمة ذات معنى لزيادة فعالية المنظمة .
- إن فعالية الوظيفة وأهميتها مبنية على التغذية المرتدة التي يتلقاها الموظف . أي عندما توفر التغذية العكسية إحساس لدى العاملين بالانجاز والنمو فإن هذا سيعطي العاملين جودة حياة عمل مرتفعة .
- إن جودة حياة العمل المرتفعة مبنية على افتراض أن العاملين الأفراد راغبين وقادرين على المساهمة في نجاح المنظمة . وجهود جودة حياة العمل الفعالة تخلق بيئة العمل والوظيفة المناسبة بناءاً على ذلك الفرض.
- لقد نمت جودة حياة العمل باهتمام بالغ لأسباب عديدة . فكلما أصبح المجتمع أكثر رفاهية فان نسبة كبيرة ومتزايدة من قوة العمل تتحول توقعاتها من مجرد الرغبة في الوظيفة إلى الرغبة في مهنة منتجة وذات معنى .
- وفي نفس الوقت ، فان المجتمع الثري يقدم الأمان للعمال بشكل عناية صحية ورفاهية والتأمين ضد البطالة وغيرها من الخدمات الاجتماعية المصممة لضمان البقاء .
- إن التغيرات الاجتماعية المتسارعة قد خلقت ضغوط على جودة حياة عمل أفضل .
ونجاح بعض الشركات مثل جنرال موتور وفورد و IBM يبرهن أن جودة حياة العمل المرتفعة تكون ضرورية لدعم مستويات عليا من الإنتاجية.
- هناك بعض التساؤلات التي تتبادر إلى الأذهان:
- هل هناك تعارض بين الإنتاجية وجودة حياة العمل ؟
- هل يؤدي التركيز على الإنتاجية إلى انخفاض جودة حياة العمل ؟
- هل يؤدي التركيز على جودة حياة العمل إلى انخفاض في الإنتاجية ؟
- وفيما يلي سنتناول الإجابة على تلك التساؤلات.
- لقرون عدة كان هناك منظمات عملاقة مثل الجيش. كان التركيز في هذه المنظمات ينصب على توجيه المهمات أو التركيز على أهداف المنظمة .
- كان هناك أيضاً منظمات إنسانية إلا أن التركيز كان فيها أيضاً ينصب على تحقيق الأهداف التنظيمية ( كما هو الحال في منظمات اليوم) .
- عندما يكون هناك تركيز كبير على تحقيق المهمات دون أي اهتمام لجودة حياة العمل فإن الإنتاجية تتجه نحو الانخفاض ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فان التركيز الكامل على رفاهية العاملين دون الضغط لتحقيق الإنتاج المجدول فإن النتيجة أيضاً ستكون انخفاض الإنتاجية .
- نخلص مما سبق إلى أنه ينبغي تحقيق التوازن الأفضل بين الأهداف التنظيمية وحاجات العاملين يعطي نتائج كبيرة في زيادة الإنتاجية .
وبالرغم من أن معظم المنظمات تسعى إلى هذا التوازن إلا أنها تعطي الأولوية الأولى للأهداف التنظيمية مع تركيز أقل على حاجات العاملين .
- إن الشركات الناجحة هي التي تدرك أن المكاسب الإنتاجية تكون ممكنة في ظل تحقيق توازن أفضل بين الأهداف التنظيمية وحاجات الأفراد .
- إن بعض المديرين يعتبرون أن مناقشة جودة حياة العمل هي مضيعة للوقت . ويعتقد هؤلاء المديرين أن جودة حياة العمل تعني الاهتمام بالأفراد على حساب الإنتاجية أو ربما يعتقدون أن جودة حياة العمل متعلقة بمرتبات أعلى ومزايا جيدة . أو ربما يعرفونها أنها ظروف عمل جيدة أو إشراف جيد .
- وبوضوح أكثر فان جودة حياة العمل الجيدة تشمل كل هذه العناصر، فالاقتناع بأن العاملين لديهم جودة حياة عمل جيدة اعتماداً على عنصر واحد من هذه العناصر فقط أمر غير واقعي وغير فعال .
- إن العاملين يهمهم الخصائص التالية في المنظمات الجيدة التي يستطيعون العمل لديها :
- أهداف واضحة .
- الأمانة .
- الاتصالات الفعالة .
- عمل هادف مع القدرة على التحدي والتغيير .
- تغذية مرتدة كافية .
جودة حياة العمل من خلال مشاركة العاملين
- إن مشاركة العاملين تعني السماح للعاملين بالمشاركة في القرارات التي تؤثر عليهم . وهذا لا يعني الفوضى حيث تتنازل الإدارة عن مسئولياتها وأدوارها في اتخاذ القرارات . بدلاً من ذلك ، فإنها تعني أن مسئوليات الإدارة في صنع القرارات يكون فيها مشاركة من قبل العاملين .
- خلال المشاركة في عملية صنع القرارات فانه يتولد إحساس بالأمانة والثقة بين الإدارة وتطوير العمال. - إن الافتراضات التقليدية عن العاملين الغير راغبين في التشجيع الذاتي والالتزام بالأهداف التنظيمية أصبحت تتلاشى كلما أبدى العاملين حماسهم والتزامهم بالمشاكل التي يحاولون حلها .
- إلى جانب زيادة الأمانة والالتزام فان مشاركة العاملين تستطيع أن تحسن من اتصالات العاملين والمواقف . فالعاملين المشاركين أكثر قدرة على توليد الأفكار وبذلك فان عملية المشاركة تزيد من اهتمام الإدارة لسماع هذه الأفكار.
- من خلال مشاركة العاملين ، يستطيع العاملين تحقيق جودة حياة عمل مرتفعة . وأيضاً ، فان جودة حياة العمل المرتفعة تقود إلى إنتاج مستويات عالية من الالتزام بالأهداف التنظيمية والإنتاجية العالية .
مداخل عامة لمشاركة العاملين
- إن مشاركة العاملين من الممكن أن تحدث في أي جزء من أجزاء المنظمة . ومن الممكن أن تكون على مستوى المنظمة ككل بهدف تحسين الإنتاجية أو ربما تكون محدودة على مستوى قسم واحد .
- إن جهود مشاركة العاملين الناجحة ، مع ذلك ، لا تظهر كبرامج منفصلة. وبدلاً من ذلك فهي تظهر في الأجل الطويل كعناصر مستمرة من ثقافة المنظمة .
- ولذلك فهي ليست حلول قصيرة الأجل لمشاكل الإنتاجية المحددة ولكن مداخل طويلة الأجل للإدارة .
- جهود الاتصالات : اتصالات القمة إل القاعدة
- إن حجر الزاوية لأي جهد لتحسين العاملين طويل الأجل هو الاتصالات الجيدة .
- إن محاولات تحسين الاتصالات تركز أولاً على تدفق المعلومات من المنظمة إلى العاملين الأفراد .
- في العديد من الحالات ، يكون العاملين غير ملمين بالمنظمة ، استراتيجياتها وأهدافها وهوامش الربح وعملائها الرئيسين والبائعين وجميع مظاهر العمل .
- في الحقيقة إن عدم قدرة بعض المنظمات على إيصال هذه المعلومات للعاملين من الممكن أن يساهم في اختلافات لدى العاملين عن المنظمة. (إذا لم يرغبوا في التحدث معنا عن المنظمة نحن نكون حينئذ غير قلقين عليها) .
- إن العديد من العاملين لديهم معلومات محدودة عن أدائهم الوظيفي . والأداء المتدني يدفع الموظفين للعمل على تجنبه . والعاملين لا يعطون تغذية مرتدة مستمرة عن أدائهم خاصة عندما يكون مقبول أو جيد .
- إن العاملين يحتاجون إلى الدعم الايجابي ويجب أن يتلقوا تغذية مرتدة عندما يعملون جيداً . عندما تكون التغذية المرتدة عن أنشطة العمل في المنظمة محدودة وقليلة أو عن إنتاجيتهم عندئذ يصبح العاملين أقل تحفيزاً. وحتى لو كان التحفيز موجوداً فإنهم لن يكونوا قادرين على تعديل سلوكهم بطرق بناءة دون وجود التغذية المرتدة .
- جهود الاتصالات : اتصالات "القاعدة إلى القمة" أو الصاعدة
- إن معظم المنظمات قادرة على إيصال المعلومات إلى أسفل الهرم التنظيمي بسرعة ودقة محدودة .
- إن الانهيار في الاتصالات يحدث في تدفق أفكار ومقترحات العاملين بالاتجاه الصاعد خلال المنظمة .
- في العديد من الحالات ، لا يوجد تشجيع لأفكار العاملين من قبل النسق الأول من الإداريين . فقد يرى هؤلاء في أفكار العاملين نقد ضمني أو أن متابعة هذه الأفكار مضيعة للوقت . وحتى لو أن المتابعة ليست مضيعة للوقت ، إلا أن العديد من المشرفين يترددون في نقل هذه الأفكار لرؤسائهم خوفاً من النقد .
- ومع ذلك ، فبدون البيانات والأفكار الصاعدة هذه لا تملك الإدارة إلا معلومات قليلة لا تستطيع معها الإشراف على المنظمة .
نظم المقترحات
- إن جودة حياة العمل الجيدة وبرامج مشاركة العاملين تفترض أن العاملين لديهم أفكار جديدة وأن مسئولية الإدارة هي متابعة وتطبيق هذه الأفكار .
- نظم المقترحات تعرض طريقة منظمة لجمع الأفكار من العاملين .
- إن معظم نظم المقترحات الحديثة تعالج بطريقة " صندوق المقترحات ".
- بدلاًُ من ذلك ، يقوم العامل بتقديم المقترح لمشرف وسيط . وبعد تلقي التعليقات من المشرف ، يقوم العامل بإعادة كتابة الاقتراح وإعادة عرضه على المشرف للمراجعة النهائية . ثم تُرفع الفكرة بعد ذلك إلى مكتب نظام الاقتراح حيث تُسجل وتُرسل للأفراد في المنظمة الذين يطورون تلك الفكرة . وعندما تتم عملية التطوير ترفع توصية من مكتب نظام الاقتراح ويتبعها عملية تغذية مرتدة للعميل . وفي حال قبول الفكرة ، تتم مكافأة العامل المقترح والمشاركين في التطوير .
- إن نجاح أي نظام اقتراح يعتمد على التزام قوي من الإدارة العليا. هذا الالتزام يجب أن يكون واضح في كلمات وتصريحات عامة ورسائل إلى العاملين ومقالات وأخبار الشركة . أما إذا رأى المشرف في اقتراحات العامل نقد ضمني فسوف لن تتلقى هذه الأفكار الجديدة أي تشجيع .
- وفى النهاية ، يجب على كل منظمة أن تخلق بيئة عمل تحترم فيها كل فكرة مطروحة سواء كانت مجدية أو غير مجدية .
بناء الفريق ودوائر الجودة
- خلال العشرين سنة الماضية ، بذلت العديد من الجهود لزيادة الإحساس بفريق العمل في المنظمة .
- ربما تكون إحدى تقنيات فريق العمل الحديثة هي دوائر الجودة .
- إن دوائر الجودة التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية ، تطورت في اليابان بشكل كبير وهي تتضمن مجموعات صغيرة من العاملين تجتمع دورياً مع المشرفين الوسطاء للتعرف على مشاكل العمل وحلها .
- عموماً هذه المشاكل تكون محدودة لدى العاملين الذين يؤثرون على حلقة وظائف الأعضاء .
- إن أعضاء الجماعة يتعرفون على مشاكل بيئة العمل المحددة التي يرغبون في إعادة حلها وبالاتفاق على الآراء يطورون قائمة بأولويات المشاكل . وبعد ذلك يتم جمع البيانات عن مشكلة معينة ثم تنظم مقابلات أسبوعية لتحليل ومناقشة هذه البيانات . وحينما يتم التوصل إلى أي حل متفق عليه تقوم المجموعة بتقديمه للإدارات والمستويات الأعلى الذين لديهم سلطة تقديم توصيات عن الحلقة .
- إن جودة حياة العمل وجهودها تفترض أن العاملين سيضيفون نجاح إلى نجاح المنظمة في حال أنهم أحسوا أن مساهماتهم ذات معنى ولها أهمية. بدلاً من استخدام برامج قصيرة الأجل تقوم المنظمات الفعالة بالحفاظ على مشاركة العاملين من خلال اتصالات محسنة وعمليات تغذية مرتدة مستمرة ونظم المقترحات وبناء الفريق ودوائر الجودة .
الإنتاجية وجودة حياة العمل
- ربما تكون المشكلة الرئيسية بالنسبة لمشاركة العاملين هي أنه يوجد عدد كبير من المديرين لا يرون وجود ارتباط بين الإنتاجية وجودة حياة العمل .
إن التأثير الرئيسي لمشاركة العاملين هو تحسين جودة حياة العمل للعاملين ، وهذا يجعل الوظيفة وعلاقات العمالة أكثر قبولاً .
- بالمقابل نجد أن تحسينات بيئة العمل بواسطة مبادرة العاملين تقود إلى زيادة الإنتاجية من خلال زيادة الالتزام نحو المنظمة وأهدافها .
- الرابطة الواضحة بين مشاركة العاملين وجودة حياة العمل تتضح في سمات المنظمة النموذجية .
وفيما يلي توضيح للخصائص العامة المعروفة لدى الأفراد حينما يسألون عن صفات المنظمة النموذجية " خصائص المنظمة النموذجية "
- أهداف واضحة .
- الاتصالات الفعالة والشعور بالأمانة .
- عمل ذو معنى مزود بالتحدي والقدرة على التغيير .
- معرفة توقعات الدور .
- فرص الإدراك والاستقلالية والنمو والانجاز .
- تغذية مرتدة متسعة عن الأداء .
- قيادة قادرة .
- علاج عادل ( متضمن الانضباط والمكافأة ) .
- النجاح في مطابقة الأهداف التنظيمية وحاجات العاملين .
- ويتضح من القائمة السابقة أن المنظمات التي تفتقد معظم أو كل هذه الخصائص لا توفر جودة حياة عمل مرتفعة .
- يجب على الإدارة العليا أن تحفز العاملين على تحسين الأداء والإنتاجية علماً أن العاملين يرون أسباب تحسين أدائهم وإنتاجيتهم قليلة وغير مقنعة .
- إن المكاسب الإنتاجية ، إن وجدت ، تتأتى من معدات جديدة وتطورات تكنولوجية وظروف اقتصادية مرضية .
وحتى لو حققت المنظمة ما تستحقه من الإنتاجية فان مكاسبها تكون أقل من تلك المكاسب المتوقعة من مشاركة العاملين الذين لديهم خبرة في جودة العمل العالية والالتزام بتطبيقها .
- من خلال مشاركة متزايدة للعاملين يتم إعطاء العاملين فرص لتوضيح أهدافهم وتوقعات الدور الذي يلعبونه. وعملية المشاركة تقود إلى تحقيق فرص الإدراك والاستقلالية والنمو والانجاز والتغذية المرتدة. والمشاركة تزود العاملين بالتحديات التي تضيف تنوع للمهام اليومية .
- إن الاتصالات الفعالة المحسنة تقود إلى تعامل أفضل مع الإدارة التي تزيد من السعي نحو نماذج إضافية من أساليب القيادة وتوقعات الأداء . ومن هنا يصبح الأفراد أكثر انفتاحاً وأكثر رغبة في إيجاد طرق أفضل لأداء العمل الموكل لهم .
- وفى النهاية إن مشاركة العاملين في حل المشاكل واتخاذ القرارات تحمل العاملين مسئولية تنفيذ هذه القرارات لأنهم هم اللذين شاركوا في وضعها وأيضاً تتيح المشاركة للعامل الانطلاق في العمل وكأنه مالك للمنظمة وعضو في الإدارة العليا وهذا يعطيه إحساس بالمسئولية الكاملة عن الوصول بالمنظمة إلى مصاف المنظمات الرائدة
مقالتك هي ذكرتني بدرس مادة الإدارة التي هي عبارة عن صف أحرف لا يفهم منها شيء سوى التنظير دون التطبيق