من الناس من يحاول مسح الجوخ وكيل المديح لشخص لا يعرفه ولم يصل الى جيبه درهم واحد من ثروته ولكنه يسمع من الناس عن كرمه الذي لم يجربه
ومن الاغنياء من يدفع ليس كرما ولا صدقه ولكن لمن سوف يمارسون دور اسطوانة مشروخة لا تتوقف عن كيل المديح عن هذا الانسان الذي لو قدر له ان يولد في العصور الغابرة زمن حاتم الطائي لنافسه في كرمه ولكن معظم الاغنياء لا يفتحوا ايديهم على مصراعيها لكل من هب ودب ولا يصل معظم من يتناقلون ويبثون المديح شيئا من اموالهم كما لا يصلهم من الفقير وهذا دليل على سطحية التفكير والانجذاب الى اصحاب الثروة لا لشيء إلا لتناقل أحاديث مشكوك في صدقتيها والبعض من الأغنياء يعمل على ترتيب حفل خيري لدعم الأيتام أو المسنين ويدعو إليه من هم اقل منهم ثراءً وبعد جمع التبرعات تتحول الى رصيد اضافي لحسابه البنكي
ومن البسطاء من يتبرع بمصوغات ومبالغ ليست بسيطة ولكن لانعدام الرقابة الحقيقية وبعد مرور أعوام اذا تبدلت الظروف تتكشف الكثير من الأمور التي تم اخفاؤها ليتبين ان رصيده البنكي كان هو اليتيم والمسن ولم ينل الايتام والمسنين سوى استخدامهم أداة لإنسان ضميره مثل الكاوتشوك الاسود الردىء الذي لا يترك إلا ذرات سوداء على الطرقات التي يسير عليها والمصيبة ليست في الناس الذين يمدحون بمقابل بل بالمتبرعين والمتطوعين مجانا من البسطاء عديمي الفطنة
وسأل احدهم عن شخص لا يتوقف عن كيل المديح لأحد الأغنياء وقال له هل تعرفه؟ فأجاب بنعم وسأله هل جربت التعامل معه؟ فأجاب لا فقال له لا تقل انك تعرفه والكرم حاله نفسيه قبل ان تكون قيمة ما يملك الإنسان ولا ينحصر الكرم في الاغنياء لان من بينهم من لا يتوانى عن تخليص الرغيف من يد يتيم او سرقة ما في جيب مسن ومن الأغنياء من لا يمكن وجود وصف لمسلكياتهم حتى في كتاب البخلاء للجاحظ وصادف أن طلب احد الأغنياء من قريب زوجته العثور على مقاول حداده لتركيب أبواب وبوابات لبيته لان من أحضرهم طامعين في ثروته واحضر هذا الشخص صديقا له دون انتظار اي فائدة ماليه وأوصاه خيرا بقريب زوجته وكانت التكلفة نصف ما طلب غيره إكراماً لصديقه وبعد انتهاء العمل ساورت الشكوك الرجل الغني وبوقاحه سأل قريب زوجته كم كانت نسبة عمولتك من صديقك ولم يكن من قريب الزوجة إلا ان نظر اليه باحتقار وغادر منزله دون تعليق وهذا دليل على ان البعض من الاغنياء يتعامل على منطق ان جميع من حوله يحاول ان يستغل ثروته وتفكيرهم لا علاقة له بالمشاعر الانسانيه ومنظارهم المادة وميزانهم المصلحة و كل شيء عمولة وفائدة وهو انعكاس ما في أعماق نفوسهم وليس حقيقة نوايا الآخرين والغنى في النهاية هو غنى النفس واغنى الاغنياء هو الخالق عز وجل