نجح في كل عمل قام به لأنه، بكل بساطة، لم يكن يوافق على تكليفه بعمل إذا لم يكن واثقاً من أنه سيتقنه، وسيتفنن في تطويره، ويترك بصماته المتميزة عليه. لم يكن يسير على ما وجد عليه سابقيه، بل كان يبدع في التطوير والتحديث، قبل أن يصبح التطوير والتحديث شعاراً يمتشقه كل متخلف وعصملي ليصل إلى ما يطمح إليه، طمعاً لا كفاءة ولا علماً.
ولكن النجاح في الجو المستنقعي الذي عاشه لم يكن نعمة، وإنما كان نقمة. لم يكن الفاشلون الطامعون يحسدونه فحسب، وإنما كانوا يشنّون عليه حملات شعواء غايتها تسفيه كل ما يقوم به، وإطلاق العنان لحقدهم ليقف سداً أمام كل عمل يقوم به للتطوير والتحديث.
كان كل مناوئ له يتصور أن كل عمل، ولو كان لا يفقه فيه شيئاً، يمكن أن يتقنه خلال شهر أو شهرين، ويتحول فيه إلى فارس لا يشق له فيه غبار. وعندما قال لأحد الطامعين: إنه قد لا يتعلم شيئاً خلال سنوات، أبدى انزعاجه، وأصر على أنه قادر على ذلك خلال شهر أو شهرين، وبعد مضي سنوات عدة أعلن المطلعون، الذين وقفوا على الحياد في بداية المعركة، أن هذا الطامع لم يتعلم شيئاً، ولن يتعلم، في المستقبل المنظور وغير المنظور، لأن ثقافته على مدى عقود من الزمن، انحصرت في الطرنيب وطاولة النرد والدس والتآمر على الناجحين بغية منافستهم والتفوق عليهم. وكان يفلح إلى حين، إلى أن تنكشف عورة ثقافته، ويصبح أضحوكة على لسان كل من عرفه.
كان الطامعون، على مدى حياته، كثراً، ولم يمر عمل قام به إلا وتنطح له وللحلول محله، طامعون. فكانت سيرة حياته سلسلة معارك، لم يقرر خوضها، وإنما فرضت عليه فرضاً. كان يخلي ميدان المعركة للطامعين منطلقاً من شعار درج على التمسك به عقوداً من الزمن: إنه لا ينافس (الطنبرجية). أما الطنبرجية فكانوا يسعون دون كلل، للإساءة إليه ومنافسته.
كان يفرح، كما الأطفال، عندما يكتشف كفاءة كامنة، ويعمل ما بوسعه ليكشفها لصاحبها وللناس.
ولكن نصيحته الأخيرة للكفاءات الكامنة أصبحت نصيحتين:
ـ إياك أن تكون ناجحاً في عملك وحياتك، فذاك مجلبة لدبابير الطامعين!
ـ لا تنافس الطنبرجية.
وتذكر قول الإمام علي بن أبي طالب على الدوام: ما ناقشت عالماً إلا غلبته، وما ناقشت جاهلاً إلا غلبني!
استغرب لعدم وجود اي تعليق على المقالة ..و شكرا للكاتب الرائع ..و اتمنى له التوفيق ..لكن دائما يا استاذي أهل الحق قلائل و الاغبياء كثر.
اشكرا جدا على مقالتك لا اعرف لماذا في بلدي يتم تنفير (عن قصد او دون قصد) كل الكفائات والناس الناجحين. بينما ببلاد الغرب(والتي دائما نشتمها)تتلقف ذلك الناجح ولولا شوي ببوسولوا ايدو ورجلو بس مشان الله خليك عناوشو بدك خود...بس ببلدناوالحمد لله على مبدأ اي في عنا منون كتي هدول شوبدنا فيهون(أي الناجحين).. حتى انا في مكان عملي صدقا يوجد انس مثل البهائم لااااا يفقهون شيئا ويستلمون أموالاً لا يحلم بها اي موظف..(بتعرف شو.. ارتفع ضغطي ...ما عاد بدي كمل)...بس عنجد أمل ماتت