في (روسيا اليوم)
لقد خرجت علينا وسائل الإعلام بأن ما تقوم به المجموعات المسلحة هنا وهناك ضد شعبنا وجنودنا وضباطنا هو من صنع قوى الأمن السورية علما أنه لمدة شهر أو أكثر كان من الممنوعات خروج رجال الأمن السوريين إلى الشارع بسلاحهم, وبعد أن أنفضح أمر المعارضة المستندة في نشاطها على تحالفها مع جهات مختصة في التخريب والتجسس في عواصم غربية وبعد ان صعب عليهم تغطية فضائح القتل والتخريب التي تمارسها قوى الإرهاب التي أخذت على عاتقها جهات عربية وغربية تسليحها ومدها بالمال والدعم المادي واللوجستي والإعلامي خرج علينا البعض منهم ليعلن أنه سينتقل إلى العمل المسلح إلا أن حبل الكذب من قبل بعض المحطات هنا وهناك لا زال مستمراً.
حقاً ان ما يجري في بلدنا الجريح سورية يطرح أكثر من سؤال حول الدور الذي تلعبه وسائل الاعلام العربية والأجنبية. لقد ابتعدت وسائل الاعلام عن ميثاق الشرف الاعلامي والمصداقية والمهنية إذ أن المهم الآن وقبل كل شيء – خدمة الهدف دون النظر إلى الوسيلة فإذا كان الهدف قذراً لماذا يجب أن تكون الوسيلة نظيفة!!
تعيش في ذاكرتي الأيام التي سبقت الغزو الأنجلو- أميركي على العراق عام 2003 , فقد نشطت الميديا الغربية وبالخصوص الأمريكية في شيطنة النظام في العراق بعد فترة طويلة من الحصار الاقتصادي الذي كان الهدف منه تجويع العراقيين لكي يهبوا بوجه الحكم هناك.
وعندما لم تحصل الولايات المتحدة على موافقة تامة لمجلس الأمن على مشروع غزوها للعراق بعد اتهام الأخير بأنه يمتلك سلاح الدمار الشامل ذهب الإعلام الأمريكي ليعلن أنه لا يحارب الشعب العراقي بل الدكتاتور صدام بعد أن ذهب الحصار الاقتصادي بأرواح مئات القتلى والضحايا وخاصة بين الأطفال نتيجة عدم كفاية الحليب والدواء والمواد الغذائية.
أعلنت الإدارة الأمريكية عن نيتها على الغزو وتحالفت معها حكومة بلير وأخذ الاعلام الغربي يمهد أن ذلك يدخل ضمن مشروع التدخل الإنساني لحماية المدنيين و لمنع العراق من تطوير سلاح الدمار الشامل أو محاولة استعماله, علما أن لجان التفتيش التي أرسلت بعد حرب الخليج الأولى من قبل مجلس الأمن بينت في تقاريرها الى مجلس الأمن أن العراق لا يملك مثل تلك الأسلحة.
كان موقف روسيا آنذاك مغايرًا لما كانت تتمناه واشنطن وكذلك كان الموقف الفرنسي.
دعيتُ وقتها إلى مبنى التلفزيون في مقاطعة كوبان كأحد أساتذة قسم الدراسات الإقليمية في كلية الاستشراق وكخبير بشؤون الشرق لطرح وجهة نظري عن الأحداث. خلاصة ما قلناه آنذاك للمشاهد الروسي أنه توجد مؤامرة على العراق كدولة والمستهدف هنا ليس نظام صدام بل العراق كدولة, و دور العراق وقوته العسكرية والاقتصادية والبشرية. وأن روسيا ستكون من أول الخاسرين من جراء هذا الغزو كونها ستحرم من عقود موقعة مع العراق بقيمة 40 مليار دولار. إلا أن الوضع الخاص التي كانت تعيشه البلد آنذاك انهيار اقتصادي وآثار انهيار الاتحاد السوفييتي - الدولة العظمى كانت طرية - ذهب البعض من الإعلاميين والصحفيين الروس لملاقاة الميديا الغربية أذكر على سبيل المثال وليس الحصر السيد الكساندر بوفين الذي عمل سبيتش ريتر لدى زعماء الكريملين أي أنه كان يكتب لبريجنيف وغيره من أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي إلا أن حوادث تشيكوسلافاكيا في أواخر الستينيات ومحاولة تغيير النظام الاشتراكي هناك من قبل أنصار الغرب وقيام جيوش المعسكر الاشتراكي بإعادة الأمور الى وضعها الطبيعي أثارت تحفظات هذا الرجل ودفعته لأن ينتقد سياسة الكريملين , عندها أعفي الرجل من مهامه ولكن بقي قريبا من السلطة وسلموه برنامجا في الاذاعة المركزية في موسكو بعنوان « Мир за неделю» (العالم في اسبوع)
ومرت الأيام وانهار الاتحاد السوفييتي وجاء الرئيس يلتسين الى السلطة وعين بوفين سفيرا لروسيا في إسرائيل ثم انهى مهمته وعاد إلى العمل الصحفي, وفي فترة التحضير من قبل الحلفاء الغربيين لغزو العراق سئل السيد الكساندربوفين من قبل سيدة روسية:
- هل صحيح يا رفيق بوفين أن الأمريكان سيقومون بغزو العراق كون هذا البلد غني بالنفط؟
- وجاء جوابه
- لا يا سيدتي . صدقيني أنه لا علاقة للنفط بالأمر بتاتا بل هناك دكتاتور ويجب خلعه.
تلك كانت كلمات رجل يعلم تمام العلم ماذا يجري فهو ليس رجلا بسيطا كونه عمل مدة من الزمن في الكريملن وعمل سفيرا واشتغل في الاعلام.
هكذا يقوم البعض من القائمين على وسائل الاعلام والميديا الروسية اليوم يقوم بتزوير الحقائق وقلب الأمور رأسا على عقب ليس لخدمة روسيا ولمصالح الشعب الروسي إنما لخدمة أجندته الخاصة به.
اليوم اذا ما استمعت الى ( روسيا اليوم) وما تردده هذه المحطة وما تعرضه من صور عن( شهود عيان) و( ناشطين حقوقيين) لا يبقى لك الا أن تستغرب ألا تملك وكالات الأنباء العالمية بما فيها وكالات الأنباء الروسية والأمريكية والفرنسية ألا تملك مكاتب لها في دمشق! لماذا الاعتماد على الجزيرة أو العربية أو سي إن إن أو فاكس نيوز وغيرها لماذا يتم نشر صور غير موثقة.صورت بواسطة تلفون محمول وأرسلت من أنسان مجهول.!! لقد سافرت خصيصاً في الصيف إلى سورية وبقيت هناك شهرا ونصف الشهر وعلمت مدى الكذب الذي تمارسه وسائل الاعلام الغربي والعربي مثل الجزيرة والعربية وغيرها.
أريد أن أذكر الذين يتذاكون في (روسيا اليوم) أن هذه المحطة تأسست بأموال الشعب الروسي وتمول من دافعي الضرائب في روسيا وأنا واحد منهم. هذا يعني أن خط هذه المحطة ونشاطها الاعلامي يجب ان لا يتعارض مع نهج رئيس الدولة ومع خط رئيس الوزراء و خط وزارة الخارجية الروسية.
أن هذه المحطة اسست لخدمة الشعب الروسي وليس لأجندات من يعمل في المحطة وأصدقائهم من أنصار الحريري ورجال المعارضة السورية الذين ما شجبوا أعمال العصابات الإرهابية المسلحة ولو بكلمة واحدة بل يرددون اسطوانتهم المشروخة عن انشقاقات داخل الجيش السوري , وأعمال عنف يقوم بها هذا الجيش.
أريد أن أذكر الأخوة أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا أن إخوة لهم في سورية سوف يتعرضون للقتل وللدمار إذا ما انتصرت العصابات المسلحة الخارجة عن القانون والشرعية التي تقوم اليوم بقتل الجنود والضباط من جيشنا العربي السوري وتحاول قتل علمائنا وأطبائنا ومهندسينا. أذكر أنه في العراق بعد احتلال الأمريكان لذلك البلد تم قتل أكثر من ثلاثة آلاف عالم عراقي. مسيحيو العراق شاركوا في بناء الدولة العباسية وكانوا خيرة الأطباء والمترجمين والموظفين وعاشوا إلى فترة صدام حسين وكان لا فرق بين مسلم و مسيحي الى أن دخل الأمريكان والانجليز الذين حملوا معهم بذور الفتنة ومشروع ( الشرق الأوسط الكبير) ومن بنوده ترحيل مسيحيي المشرق. كان عدد مسيحيي العراق قبل الغزو مليون و600000 مسيحي لم يبق منهم الى اليوم سوى 600000 عداك عن الدمار الذي أصابهم. إن أحد بنود هذا المشروع تهجير مسيحيي المشرق ليسهل على الغرب القول هنا تسكن قبائل متحاربة ومتأخرة, هنا يسكن الارهاب, ولا بد من السيطرة عليها !!!
تذكر أخي القارئ ( لا يأتي من الغرب غير وجع القلب) ليبيا تشهد على ذلك, والعراق يثبت ذلك, فالمؤامرة واضحة مهما تفلسف أصحاب الشاشات المهزوزة والصور المصطنعة من (شهود عيان ما شاهدوا حاجة) ممن يهرولون وراء الغرب ويخدمون مشاريعه!!!!!