syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
بالسلاح الأبيض ... بقلم : جعفر طنطاوي

هل سمعتم عن أناس يحزنون إن لم يذهبوا الصحراء ويلقوا عذابها ويذوقوا حميميها , ليس هذا فحسب بل ربما أخذ منهم الحزن والغمة كل فرح وسرور , فلا يهنئوا بلذائذ العيش ولو كانوا في جزر هواي ,


مع أنهم ربحوا مزاد الراحة على ما سيكابدونه من الصعاب إلا أنهم في حالة فشل روحاني لو وزع همها على البشر لما نقص من ألمهم شيئ , ألا تعجبون من الموقف بل السبب فضلا عن الأشخاص

 

إن وراء هذا الانقياد اعتقاد لا ينزع إلا بخروج الروح يجري في العروق فيؤدي بصاحبه الى تنفيذ المهام دون تمييزها

اعتقاد يتراءى لشخص أنه نوع من الجنون  وقد حاول العقلاء بل الثعالب الماكرين الذين أسسوا الماسونية تقليده منها أن المنتسب للمنظمة يجب أن يمارس طقوس كخلع حذاء واحد ورفع كم بنطال واحد ولبس القبعة بالعكس وغير ذلك مع المشي في ممر طويل يؤدي الى منصة إيوان واسع ليدخلوا على قلب المنتسب الخوف والرهبة التي لا معنى عقدي أو شعوري لها إلا أنها تقليد مادي لشعائر إسلامية سامية وهي لا تملك قلوبهم بل رقابهم

 

فماذا وراء اللباس الابيض  الذي يلبسه الرجال وما علة الهرولة بين الصفا والمروة والتي تقوم بها حتى المتعلمات من النساء اللواتي بلغن مؤهلا علميا رفيعا لن يجد ممن كان غير مؤمن سببا يقنعه ولا جوابا يرضيه لأن الجواب ليس جوابا رياضيا أو منطقيا يتعلق بسبب ونتيجة ووسيط مادي  بل جواب شعور وأحاسيس لا ينطق ويترفع عن أحكام الدنيا , ويرتقي بسمو روحاني رفيع يشبه الحب الحق الذي يكمن في قلوب عشاق البشر وتخضع له جوارحه ليقرب من منطق القلب لا منطق العقل , ونرى اثار ذلك الحب غياب الأطلال ( البناء) عن العين التي أصابها وصلا روحيا تجاه المحبوب ونجد في التاريخ مثالين عن ذلك

 

الأول وصل مرحلة الوله في حب ليلى فقال:

وما حب الديار شغفن قلبي      ولكن حب من سكن الديار

 

كان الرسول ص أفضل من رعى تلك الحالات حيث قال ما وجدت للمتحابين سوى القرآن أيضا أسر أحد الكفار في معركة ما فجاءت امرأة تحبه ولكن لجرمه قتله الصحابة فاشتكت الى رسول الله فقال لهم بما معناه (ألا كان فيكم عاقل يرده إليها)

 

الثاني يتساوى مع الأول في المرتبة ويتسامى عليه في المحبوب وهو الحب في الله القصة هذه تنسب لأبي يزيد البسطامي حيث جاءه رجل في الطريق وهو لا يعرفه فقال له : أبحث عن أبي يزيد في هذه البلد فهل تعرف أين أجده فقال أبا يزيد : أنا أبحث عنه منذ ثلاثين سنة ولم أجده , يصف العلماء حاله هذه بأنها مرحلة الذوبان في حب الله ومعرفته ولربما أيضا السيدة هاجر قد بلغت ذلك فنفذت طلب ربها في المشي بين الصفا والمروة ولكي يكرمها الله جعله ركنا أساسيا في الحج

2011-11-09
التعليقات
محمد عبد الغني شبيب
2011-11-10 14:39:11
تحية إلى الكاتب
تحياتي لك أخي جعفر و أرجوا أن تستمر بكتابة هذه الفسحات المريحة في هذه المرحلة الصعبة , أرجوا لك التوفيق .

سوريا
قلب أبيض
2011-11-09 12:11:32
مقالة رائعة
رائع جدا ما كتبت , في هذا العصر كل شيء أصبح مظاهر فارغة المضمون و رياء و كذب أمام الناس , حتى التدين و كل طقوسه عند البعض هو مظاهر شكلية للتفاخر و لخداع الآخرين .. شكرا لك

سوريا