إذا خرجت يوماً في مظاهرة تطالب بالحرية أو إسقاط النظام ، أو  نشرت فيديو لمظاهراتهم على اليوتيوب ، أو أيدت مطالبهم .. لابدَّ أنك خائن ..!

وإن خرجتَ في مسيرة تؤيد النظام وتقف ضد المتظاهرين ، وتسأل باستهجان عن شكل الحرية المطلوبة .. فأنتَ أيضاً خائن ..!

وإن كنت في الجيش أو الشرطة والأمن لتوجه بندقيةً بوجه الثائرين على النظام فأنت خائن ..!

أما إن كنتَ في الجيش فانشققت عنه هارباً فإنك قمت بخيانة أعظم ..!

...

هما طرفان متنازعان ..

النظام والثورة ..!

يدعي كلّ واحد منهما أنَّه هو الوطن .. وهو الذي يمنح الآخرين شهادات الشرف والخيانة ..

وهو الذي يمنح نيابةً عن الوطن شهادات الانتماء وعدم الانتماء ..

...

ألا نقبل يوماً من الأيام أن نكون في وطن واحد مختلفين ، متناقضين بالأفكار ، متنافرين بالطباع ، ونقبل بوجود الآخرين على اختلافهم وتناقضهم عن فكرنا ؟

ألا نقبل يوماً أن أكون ضمن مجتمعٍ يضم أخاً وقريباً وصديقاً وزميل دراسة ورفيق عمل ، ولا يتشابه أي واحد من هؤلاء مع الآخر في شيء ، دون أن يؤدي ذلك لأن أكرهه وأحقد عليه وأرفع في وجهه السلاح وأعطي نفسي الحق بأن أقتله أو أرضى رؤية دمه يسيل على تراب الوطن ، وأصمَّ أذني عن عويل أهله وبكاء أولاده (سواء من رآى جثة أبيه أو من أبصر النور بعد استشهاد أبيه) ..

إن مجرد أن يحذفك صديقك عن الفيس بوك لأنك في الطرف الآخر يعني أنه سلبك منحة الشرف واستأثر بها لنفسه .. ووضعك في زمرة الخيانة ..!

وأنه ادعى ما لا يملك ، ومنح ما ليس عنده ، وسلب ما لم يأخذ ...!

إن شهادة الشرف لا يمنحها إلا الوطن ..

يمنحها لمن يحب الوطن .. لأجل الوطن فحسب ..!