syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
فارس قريـتنا الجزء الأخير ... بقلم : ياسر محمود حاحي

لمحة عن الجزء لثاني


ولأن رجال قريتنا وعلى رئسهم شيخها أصابهم شيء من الخجل من أنفسهم بعدما استمعوا لعذر فارسنا

قرروا بان يقدموا له يد المساعدة بهذا الخصوص

واتفقوا على أن يقصدوا قصر الوالي ويطلبوا فيروزه لأبنهم وابن قريتهم

سٌرَ فارسنا لما سمعه ولكنه في نفس الوقت شعر بالخوف بعض الشيء

لا خوف الجبان من شيء ما

 

إنما هو خوف العاشق على عشق ٍ قد لا يكتمل

وبالفعل بعد مرور أيام قليلة لم تتجاوز الثلاثة أيام

وفى شيخنا ووجهاء قريتنا بوعدهم وأخذوا معهم فارسنا وقصدوا قصر الوالي

 

كان فارسنا في تلك اللحظات وهم في طريقهم إلى القصر

يتفاءل حين ً و يتشاءم حين

ولم يكن يشغل تفكيره حينها سوى رد الوالي هذه المرة

 

 

الجزء الثالث والأخير

 

وحينما وصلوا إلى القصر استقبلهم الوالي خير استقبال

وكأنه الملاك البريء والحمل الوديع

 

فتلك كانت سياسته المشهودة التي يجهلها البعض ويدركها البعض الأخر

وكان صوته فيه شيء من بحة غليظة وكثير الكلام و غالبه كلام معسول

كان ضخم الجثة قصير القامة منتفخ البطن

وشاربه الطويل كان ينتظر وقت النوم كي ينام الوالي ويرتح هو من أنامل الوالي

إذ أنه كان يرهقه طوال النهر وهو يتعبه تارة ً يمينا ً وتارة أخرى شمالا ً

 

وأما عن الظلم ففي سجلاته الكثير منها كان ظالم على العبيد وعلى معظم أهل المدينة وأغلبهم من الفقراء

وهذا بحسب مصالحه الشخصية إن كان له شيء ما عند زيد ً من ناس تبسم ورقت وتجملت كلماته

وأن لم يكن له شيء عنده أظهر حقيقته الذي لا يعرفها إلا القليل القليل

وفارسنا هو أكثر شخص يفهمه ويعرفه وحين شاهد هذا الاستقبال الراقي

 

أدرك على الفور أن الوالي لبس على وجهه قناع الزيف الذي تتلبسه شياطين الكذب والخداع والكلمات المعسولة

فأما الشيخ وبعض الوجهاء يعرفونه أيضا حق المعرفة بأنه رجل الظلم الأول في مملكتنا ولكنهم قصدوه لشيء محدد متأملين أن لا يعودوا أدراجهم دونه

وحينما افتتح شيخنا الحديث عن سبب الزيارة وطلبهم

تملص الوالي بحنكته المعتادة

قائلا" يشهد الله أيها الشيخ الجليل بأني سررت بزيارتكم سرور ما بعده سرور

وإما عن طلبكم فعذرني

 

وسيم هو من اجشع الفرسان عندنا وأحبهم إلى قلبي

ولكنه ليس الزوج المناسب لابنتي وهو لا يستطيع تحقيق أحلامها ومتطلباتها فانه فقير الحال ويكفيه عبء عائلته

ولا يملك من متاع الدنيا شيء

وحينها كانت تلك الكلمات تثير غضب فارسنا وجعلته دون شعور

يرفع صوته بشدة قائلا" لما تقف في طريق سعاتنا أيها الوالي

يجبه الوالي ويحُك وتصرخ في مجلس الوالي

 

ماذا تملك أنت أيها البسيط حتى تتجرأ وتطلب أبتني زوجة لك

سوى سيفك الذي أهداك أيه الملك أدام الله عزه

وحصان حصلت عليه من بعض أغنياء قريتك

لم يتمالك فارسنا أعصابه وغضب وهو يصرخ و يقول

 

أني أملك الأخلاق وهذا عندي يساوي ثروتك أن لم يكن أكثر

غضب الوالي حينها وخلع قناعه عن وجه ليظهر وجهه الحقيقي

وأمر الجند بحبسه وتأديبه لتصرفه في مجلس الوالي

وفض الجلسة قائلا" تشرفت بزيارتكم أيها الشيخ الجليل

حاول شيخنا حينها أن يقنع الوالي أن يصفح عن فارسنا هذه المرة

 

ويعدل عن قرار سجنه

إلا أن الوالي رفض بشدة

وبقي فارسنا تحت ظلم الوالي وجنده وسياطيهم

وعاد الشيخ والوجهاء أدراجهم وهم مستغربين من ما فعله الوسيم

فأنهم للمرة الأولى يرونه غاضبا ً بهذا الشكل

 

إما الوالي اقتحم حجرة أبنته وصرخً في وجهها أن بقيتي تفكرين بهذا السافل سأقطع رأسك ورأسه

وقد قررت أن أزوجك لزيدٌ من الناس لأنه الأنسب لكي ولسمعة عائلتي

وحينما خرج من الحجرة انهمكت فيروزه من البكاء الشديد

الذي أفقدها أعصابها

وشعرت حينها أن الدنيا بأكملها ترتدي اللون الأسود

هذا اللون الحزين قتل أحلامها وقتل قلبها

 

فقررت أن تحرر فارسنا من سجنه وتهرب معه لمكان بعيد

ولكن الوالي كان شديد الذكاء في هذا الأمور لأنه كان مدرك للأمر

وأمر بتشديد الحراسة على زنزانة فارسنا و أعطى أمره

أن يمنعوا فيروزه من الاقتراب إلى الزنزانة ولو بالقوة

وهذا ما حصل بالفعل حينما تسللت فيروزه ليلا" إلى هناك

 

فمنعها الحرس بالقوة من الاقتراب وأحدهم أبلغ الوالي على الفور

فجاء وضربها ضربا ً مبرح وحبسها في حجرتها

وبعد مرور أيام قليلة عقد قرانها على زيد من الناس كما سبق وقال لها

رغما ً عنها

وكان هذا الزوج هو أبن أحد الولاة في أرض المملكة

وكان من خارج المدينة

 

كان يحمل الصفات التي ترضي أحلام الوالي بالكثير من

الثروة و والجاه والكثير من متاع الدنيا

وأما فيروزه أصبحت كالجسد بلا روح

وكالروح بلا إنسان

وكإنسان بلا شيء

 

ماتت أحلمها وأحلام فارسنا حين عُقد قرانُها

على من يحمل حلم أبيها هذا الحلم الزائف

الذي باع أبنته من أجله حيث حطم حلم أبنته وحلم فارسها

وأرضى غروره وأحلامه بالمزيد من السلطة والمال

وسافرت فيروزه إلى حيث مسكن زوجها

 

وحينها أطمأن الوالي أنه ضبط الأمور من كل جوانبها

و أعطا الأمر بإطلاق سراح فارسنا

لأنه على علم بأن أهل قريتنا لن يسكتوا على بقاءه أكثر من هذا

وأما فارسنا ضاقت الدنيا في صدره حين علم الخبر

واختفت وسامته عن وجهه

وماتت الكلمات في حنجرته

 

واعتزل الناس جميعاً لوقت طويل....وبعدها هاجر خارج البلاد....

وبعد مرور عامين عادت فيروزه إلى أهلها وهي تحمل كفن حياتها الزوجية

بعد أن طلقها زوجها المختار من قبل أبيها التي أصبحت لا تناسبه

وهذا على أثر إقالة والدها من منصب الولاية من قبل الملك لأن المنصب

لم يدوم  , فهذا كان أثر تفكير الوالي الذي وقع فيه هو

فهاهي أبته رجعت أليه ( مطلقة ) فلم يستفد من جاه زوجها لأن زوجها تزوجها

 

من أجل أبيها وليس محبة بها .

 

 

 

الخاتمــــــــــــة

 

ما من شك بأننا عرفنا عن حياة فارسنا الكثير

تلك الحياة السعيدة الحزينة

البيضاء السوداء , المريحة المتعبة

وبطولته في المعارك , وانكساره في العشق

 

وربما أسميته انكسار لأن الفرسان الحقيقيون لم يعتادوا على الهزيمة في معاركهم فهذا الأمر يرهقهم

وكيف حين غُلب فارسنا في معركة العشق

كيف لا يشعر بأنه الانكسار

ولكن السؤال هنا من كان السبب لما جرى لفارسنا

 

هل هو الفقر؟

ربما يتخيل البعض بل ربما يجزم البعض

بأن الفقر هو السبب هنا

وأني لا أحمل اللوم كله على والي المدينة

 

لأن حاله كحال الكثير في مجتمعنا الإسلامي في هذا الزمان

يتعلمون من حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام

ما تهواه نفوسهم ويتجاهلون ما لا تهواها

 

وما لا تتأقلم وتتماشى مع زمانهم بحسب رأيهم وتفكيرهم

وأقول لهم هل هناك في السيرة النبوية الشريفة العطرة

ناسخ ومنسوخ نأخذ منها ما يعجبنا ونغض النظر عن بعضها

وفي قصة فارسنا هناك شيء من هذا القبيل

إذ أن هناك حديث شريف

 

يقول : (إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجه )

فأين كان الوالي من هذا الحديث الشريف

ألم يكن فارسنا كما سمعتم عنه

معه الشاهد والمشهود من هذا الحديث الشريف

 

فأن كان عن الدين فهو من أهله وأن كان عن الخلق فهو أحد نجومه في سماء الأخلاق

الذي أريد أن أشير أليه في الختام

هذا المجتمع الذي نحن به الآن

الذي أصبحت به أسرة الفتاة تسأل الشاب ماذا يملك

 

من ثروة وماذا يقتني من متاع الدنيا ( سيارة وخلافها ) وأخشى أن تصبح بعد زمن طائرة بدلا" منها

يسألون عن هذه الأشياء قبل السؤال عن دينه وخلقه

وكأن ابنتهم سوف تتزوج ماله لا دينه وأخلاقه

ويكونون هنا قد تجاهلوا هذا الحديث الشريف

كحال البعض في هذا المجتمع الإسلامي يتجاهلون تطبيق بعض الأحاديث

 

لأنها برأيهم المريض لا تتناسب مع زمانهم وهذه حجة عليهم وليس حجة لهم

لأننا هنا نكون نكذب على أنفسنا حين نظن هذا الزمان يختلف عن زمان الرسول الكريم

ربما أنه أختلف عنه من حيث الحداثة والتقنية ولكنه لم ...ولن

يختلف باختلافه الدستور الإسلامي إلا في عقول بعض ضعفاء هذه الأمة

 

 

الـنهاية

 

2011-11-30
التعليقات