syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
الشباب السوري يصرخ لا للفقر... لا للبطالة! ... بقلم : سامي أبو عاصي

 الفقر والبطالة مصطلحان مترادفان يشيران إلى عمق أزمة  تصيب مجتمعاً ما، وقد تستطيع السياسات الاقتصادية أن تخفض من نسبتهما وتأثيرهما


وتوفر الأمان للفئات الاجتماعية المختلفة، وقد تفشل فتكون الضريبة باهظة الثمن، فتدفع الفئات الفقيرة الثمن غالياً. وكان للشباب السوري المحتج اليوم، نصيب من هذه الضريبة، التي دفعته بالنهاية لأن يخرج من أسرها ويصرخ قائلاً لا للفقر، لا للبطالة، لا للجوع!

 

وقد عانى المجتمع السوري وفئته العمرية الشبابية بالذات، فشل السياسات الاقتصادية، مما جعل كرة الثلج تكبر عاماً بعد عام، مخلفةً وراءها بطالة بمعدلات يختلف على الرقم الذي وصلت إليه، ولكن لا أحد يناقش وجودها وانتشارها، خاصة بين حملة الشهادات الجامعية. إذ يُرفد سوق العمل سنوياً بنحو 250 ألف طالب عمل. دون أن تكلف الإدارة الاقتصادية نفسها عناء البحث الجدي عن سياسات اقتصادية اجتماعية ترفع هذا الثقل وتخفف من حدة التوتر الذي  تخلقه البطالة، بل على العكس ازدادت الخطوات التحريرية للاقتصاد السوري منذ عام ،2005 فازدادت معدلات البطالة دون إيجاد برامج حماية اجتماعية تعمل على التوازي مع سياسات التحرير التي كانت تسير وفق خطا ثابتة غير آبهة بكل الدعوات التي أطلقها الحريصون على مصلحة الوطن والمواطن، سائرين وراء توصيات ونصائح المؤسسات الدولية التي لا تلائم ولا تنسجم مع طبيعة الاقتصاد السوري والمجتمع السوري وخصائصهما وظروفهما.

 

فالخطط الخمسية المتوالية كانت ترسم رؤيتها للقضاء على الفقر والبطالة ورفع مستوى المعيشة، وغير ذلك من أهداف جميلة كان ينتظرها الشعب السوري ويتمنى أن ترى النور، ولكن على أرض الواقع كان يتبين أنها أهداف خلبية، وأن قوى الفساد والنهب والمحسوبيات والتخبط في التنفيذ وعدم المحاسبة،  كانت أقوى من تلك الخطط الخمسية وأسرع في الوصول إلى منافذ الخزينة العامة للدولة، وأنجع في تصفيتها لحسابها. وكان الشباب السوري يبحث عن فرصة عمل له في القطاع العام  الذي كان لسنوات طويلة يقود العملية الاقتصادية في البلاد ويعد المشغل الرئيسي لقوى العمل. ورغم تآكله وسوء إدارته وسرقة أرباحه وجر الباقي لصالح صندوق الدين العام، على حساب تجديد آلياته ووسائل إنتاجه ورفع حوافز عماله، فإنه كان ملاذاً للشعب السوري الذي بناه بعرقه وبتعب شبابه وجهدهم وصبرهم رغم تواضع أجورهم.

 

في عام 2005 أقر الحزب الحاكم تغيير نهج اقتصاد البلاد، من اقتصاد مخطط اشتراكي كما جاء في الدستور السوري، إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، دون إجراء تعديل للدستور، ودون وضع المبررات السياسية والاقتصادية لانتهاجه. موكلين تنفيذه لفريق اقتصادي سار في تطبيق اقتصاد السوق ودون معالجة تأثيراته الاجتماعية، ضارباً عرض الحائط بالانتقادات التي وجهت لهذا النهج من جميع القوى السياسية والنقابية. وتم التراجع عن  سياسية التشغيل التي كان يساهم فيها القطاع العام ويخفف من خلالها بطالة الشباب السوري المعتز بنفسه بعد حصوله على التأهيل الجامعي، والمشرد من بعدها بحكم عدم إيجاده لفرصة عمل تحميه، وتعزز وجوده في مجتمعه. وقد توارى هذا الفريق بأشخاصه وبأفعاله، مع تفجر الأحداث في سورية، دون أن يحاسب أو يُساءل عما خلّفه في السنوات الخمس الماضية.

 

الشباب السوري الذي تحرك للمطالبة بلقمة عيشه، رافعاً لافتات  كتب عليها لا للفقر، لا للجوع، لم يجد مخرجاً لأزمته، فقد صبر طويلاً أمام أبواب القطاع الخاص فرفضه، وضع أوراقه في أروقة سفارات الدول العربية والأجنبية، فقبلته  وغربته، وفرضت عليه أحكام عمل لا تليق بمستوى تحصليه العلمي وبشقاء بُعده عن أرض بلده.

 

فلا تستنكروا نزول الشباب السوري في تظاهرات احتجاجية سلمية للمطالبة بحقوقه المشروعة والمكفولة بموجب الدستور. وابحثوا عن مخارج توفر له عملاً يليق به ويحميه من الوقوع في حياض الفقر والبطالة، ومحاولات استغلال البعض احتجاجه السلمي.

2012-01-08
التعليقات