لعل أهم ما حققه الشعب السوري بكافة أطيافه خلال هذا العام هو التخلص من مرض الخوف الذي كنا قد اعتقدنا مخطئين بأنه قد أضحى جزء" غير قابل للزوال من شخصية المواطن السوري. الخوف الذي تسلل إلى ثقافتنا الحديثة خلسة متجاوزا" بسهولة لقيم الشجاعة و المبادرة التي تحلت بها كافة الشعوب و الحضارات التي قطنت هذه البقعة الجغرافية العريقة منذ الأزل.
إلى ان الانهيار المفاجئ لجدار الخوف بعد سنين طويلة من غياب ثقافة الحوار و الاختلاف أدى إلى بروز استحقاقات وطنية هامة كنا قد اعتقدنا مخطئين بأننا قد تجاوزناها كسوريين. و مما لا شك فيه بأن عودة هذه الاستحقاقات إلى الواجهة قد ولدت نوع جديدا" من الخوف ألا و هو الخوف من بعضنا البعض.
فالخوف الذي يستشري مجتمعنا في وقتنا الحالي هو ليس الخوف التقليدي من عقاب مدرس جائر أو من تسلط موظف حكومي او من عنصر أمن متنمر أو من السلطة. بل هو الخوف من الأخ أو الزميل أو الصديق الذي قد اختلف معه بالرأي أو بالعقيدة أو بالدين او بالطائفة او في المنبت الاجتماعي. فالأقليات خائفة من الأكثرية لأسباب تاريخية أترك للإختصاصيين مراجعة دقة وقائعها. و العلماني خائف من الاسلام السياسي الذي أضحى ظاهرة تجتاح المنطقة. و الاسلام السياسي خائف من تجذر الاسلام التقليدي في مجتمعاتنا المحافظة. و الاكثرية العرقية خائفة من الأقليات الأثنية التي لم تحظى بحقوقها الكاملة في المواطنة. و الغني خائف من أن يحمله الفقير وزر تردي اللأوضاع الاقتصادية.
إنه الخوف الاستباقي المبني على فرضيات و موروثات ثقافية و الذي عادة ما يلجأ إليه الإنسان عند ما يشعر بأن أحد أوجه انتمائه قد أضحت قيد التهديد. و لعل هذا النوع من الخوف هو أكثر ضيرا" من الخوف من السلطان كونه يشكل عائقا"امام الحوار و التفاهم و المصالحة.
لذلك, فإنه يتوجب علينا أن نحارب جميعا" هذا النوع من الخوف من خلال التركيز على نقاط الوفاق و جعل هذا الاختلاف مصدر قوة لسورية الحديثة. فمن المعيب أن تجبرنا الظروف الحالية إلى اللجوء لهوياتنا الأكثر تطرفا" و إلى لفظ هويتنا الوطنية الجامعة. و إنه لضرب من الجنون أن يعاد تصنيف الأصدقاء وفق طائفة أو دين او معتقد بعد أن كنت قد قبلناهم كسوريين منذ نعومة أظافرنا. كما أنه من الواجب أن نبدأ بفهم مسببات هذا الخوف و ان نناقشها بصراحة مطلقة و ان نحاربها من خلال إزالة أية ريبة ناتجة عن ما لا نعرفه عن بعضنا البعض.
لقد أتقن أجدادنا صنعة الفسيفساء المعقدة و صدروها لحضارات أخرى و لعل نجاحنا في تجاوز الأزمة الحالية مرهون بإعادة إتقان هذه الصنعة بحداثة و مدنية.
تلبس دشداشة يكتلوك الأكراد تلبس كردي يكتلوك العرب تلبس شماغ أحمر يكتلوك الشيعة تلبس عمامة يكتلوك السنة تلبس بنطلون يكتلوك الإرهابيين ما تلبس شي يكتلك البرد هاي شلون هالعيشة ؟