الإعلام أو ما يسمى بالسلطة الرابعة , لقد لعب الإعلام العربي في الماضي دورا كبيرا في التأثير على الشارع العربي وتحريكه ، ولا سيما من قبل الإعلام المصري لان جمهورية مصر العربية في منتصف القرن الماضي كانت الدولة العربية الأكثر استقرار في الوطن العربي, أما الدول العربية الأخرى فكانت تعاني إما من صراع داخلي مثل سورية, أو لا تزال تحت نير الاستعمار مثل الجزائر.
ولهذا نجد أن الإعلام المصري في ذلك الحين لعب دورا كبير وواسعا في تحريك الشارع العربي كما يريد قادة مصر في ذلك الحين وعلى رأسهم ( الرئيس جمال عبد الناصر ) تحت شعارات كثيرة منها القومية العربية – والقضية الفلسطينية- إلغاء الحدود بين الدول العربية - ورفع شعار (حرية. اشتراكية . وحدة ) .
وذلك عبر إذاعة صوت العرب من القاهرة ولاسيما عندما ترأس هذه الإذاعة المذيع القدير في ذلك الوقت احمد سعيد .
وعندما أقول إذاعة صوت العرب من القاهرة لأنه في ذلك الوقت أي في منتصف القرن الماضي كان الإعلام المنتشر هو الإعلام المسموع لان الإعلام المرئي كان قليل الانتشار, وإن وجد في البيوت أو الأماكن العامة كان يعمل لساعات قليلة في اليوم .
حيث سُخرت إذاعة صوت العرب من القاهر لخدمة الأفكار التي يحملها الرئيس جمال عبد الناصر تحت الشعارات كما ورد سابقا.
وكثيرا من زعماء الأمة العربية في ذلك الوقت التزموا الصمت عن أخطاءه وأفكاره التي لا يؤمنون بها خشيت من تحريك إعلامه عليهم
2
ثم أتت بعدها إذاعة مونتكارلوا والتي كان تبث من فرنسا ولاسيما عبر برنامجها الإخباري (بانوراما هذا المساء ) حيث كان البرنامج المذكور يستضيف كل يوم محلل سياسي ليروج لخبر ما كثيرا ما كان يخيم الصمت في الشارع أو في البيت ومن أجل الاستماع إلى بانوراما هذا المساء وفي اليوم التالي يكون حديث الشارع بين عامة الناس
3
ثم دخلنا في عالم الأقمار الصناعية ( الفضائيات ) فأصبح لكل رجل أعمال على الأقل قناة فضائية خاصة به وأصبح لكل نظام أكثر من قناة وكلما كان الرصيد المادي المسخر لخدمة القناة اكبر , كان الكادر الفني والإداري للقناة كبيرا مما يمنح القناة انتشارا أوسع .
وما يميز الإعلام الآن انه ذو تأثير أكبر وأقوى من الإعلام في الماضي لان الإعلام الحالي يملك أهم وسائل التأثير على الإنسان وهي وسيلة السمع والنظر في نقل الخير. بالإضافة إلى التقنيات الفنية الحديثة والتي يمكن من خلالها التحكم في صياغة الخبر قبل نقلة أو حذف جزء منه أو إضافة شيء ما عليه في عملية المونتاج .
ولهذا نجد قناة الجزيرة الآن هي القناة الأكثر انتشارا في العالم العربي وحتى العالمي ,لما تملكه من أعداد كبيره من الكوادر الإدارية والفنية وتبث بأكثر من لغة وأصبح لها أكثر من بث تخصصي منها إخبارية ومنها المباشر ومنها الوثائقية وأخرى رياضية
فهي تكرر الآن ما فعلته إذاعة صوت العرب من القاهرة في تحريك الشارع العرب بأفكار وأجنده المشرفين على القناة كما فعلت إذاعة صوت العرب من القاهرة في الماضي علما بان إذاعة صوت العرب من القاهرة لا تزال تبث حتى الآن من جمهورية مصر العربية ولكن بدون أي رصيد جماهيري لها
ومن الطبيعي أن لكل قناة أي كانت لها أجندتها الخاصة بها و أفكارها وتريد أن تطرحها إما بشكل مباشر أو غير مباشر, مثلا عندما يكون هناك أمر ما يخدم أجندة هذه القناة تسخر كل الكوادر للعمل على خدمته وتقديمه بالصورة التي يرونها تخدم أجندتهم , أما الأمر إذا كان بعيدا عن أجندتهم فان هذه القناة تذكر الخبر بشكل غير ملفت للنظر حتى يقال أن هذه القناة هي شاملة للكل بتوجهاتها العامة(الرأي والرأي الأخر ) ؟
ولا يوجد قناة إعلامية تعمل بواقعية الأمر أو نقل الخبر بشكله الصحيح أو كما هو حاصل, فنجدها مثلا تروج لقتل شخص على انه جريمة بينما تتجاهل في مكان آخر قتل مائة شخص .
وتبث خبر على أن هناك شعب يطالب بالحرية ولهم حق في ذلك , وبينما في مكان آخر تقول هناك عناصر مخربة, ولهذا نجد أن الإعلام الحالي يكرر تجربة الإعلام في الماضي على تحريك الشعوب العربية حسب أجندة القناة .
إن الإعلام العربي بشكل عام أي كان , لا يعمل بواقعية نقل الخبر كما حدث , ربما هناك ظروف تقف عثرة على نقل الخبر كما حدث ,منها فنية ومنها صعوبة الوصول إلى موقع الحدث , ولكن الأهم تبقى لكل قناة أجندة هي الأساس في نقل الخبر كما تراه مناسبا لها .
الاعلام هو لنقل الاخبار ونشرها ومهما صيغت بلغات مختلفة لنفس الخبر فان الحقيقة لا يمكن طمسها و اول من يعرف الخبر الصادق من الكاذب هو الذي قام بتحوير الخبر
كلام جميل ومقال يستحق القراءة ليتعلم ابناء هذا الجيل ويفهموا ويدركوا أن لكل انسان منا عقل كي يقارن ويحلل ويفسر وليس لنصدق كل ما يقال حولنا فالقنواة الفضائية هذه الايام هي موضة دارجة ونموذج متطور عن الجارة الثرثارة
بس ما حكيت على قناة الدنيا والفضائية و الاخبارية السورية و مدى شفافيتهم و صدقهم في صياغة الخبر و ما يقدمونه من تهريج لا يوصف حتى انك تشعر بأنك تحضر فلم فكاهي
((ولا يوجد قناة إعلامية تعمل بواقعية الأمر أو نقل الخبر بشكله الصحيح أو كما هو حاصل)) بما فيها .. الدنيا ؟؟؟!!!