قصّة صمود وطن...
لن أنتظر إلى أن أذبح بسكاكينهم.. لن أصبر على الموت و هو يمشي مترنّحاً يرنو إلى بلادي و الأمل في الأنثى و العشق عند الملائكة و البراءة في أعين الأطفال و شذا الرّوح و انبعاث الفجر من مرقد الحرّيّة.
نائمةٌ مجنونةٌ تتألّم بصمتٍ دون أن تنظر إلى جراح عشيقها , و دقّات قلبها تُكبّر معلنةً أذان الرّوح لتغسل بصلاتها عطر النّسيان و الصّدمة الكبرى و الحبُّ من أُيقِظه و تركه في صحراءٍ خالية يصرخ للموت.. و تصرخ كلّما تُذبح كجبالٍ شامخةٍ لا تهتزّ من أنين الفئران.. فيا شمسي أشعلي لهبك فيهم فلن أنتظر المطر و الحزن...
كيف.. كيف الضّياع في وطنٍ متمرّد ؟ و أيّ حقٍّ نشعله لينير دروبنا؟ و أيّ جسدٍ نحرقه لنذرف الدّموع على السّراب؟.
إلّا أنّ هناك انشودةٌ نمتصّها بدماء الحقّ و السّماء تبتسم بمطرها.. لن أرهب نفسي و لن أصرخ , فالّليل حزينٌ كسير إنّه ضائعٌ جريحٌ بلا مأوى.. من قتله لن أسامح روحي الّتي تخلّت عن حبّه.. لا تبكي يا أرض السّنين , فأنت الأمل و اليأس.. و أنت الفشل و النّجاح.. أنت الفرح و الحزن.. فأنا لن أنتظر الوداع بلا نهاية و أيّ وداعٍ بلا جثثٍ تُحرقُ و تُستباح...
لن أصدّق يا أطفالي ففي دمشق تتخلّى الرّوح عن جسدها ؛ لتجوب أزقّتها و لا تستطيع إلّا أن تقف وقفة عزٍ و كرامة ٍ أمام صروح دمشق و جبالها , و لا تستطيع إلّا أن تركع لتعبد ربَّ الشّرق و تركع أمامي و تلقي السّكّين لأقتلها تلك الخائنة الوضيعة الّتي لا تستحقّ رمقة نظرٍ.لم تكن لتعيش تحت ظلال القمر و أيّ أملٍ ننادي به بعد أن امتلأ القارب بالثّقوب.. حبيبي لن أركع لألعن من سماء الرّحمن.
إنّي أذكر قطعة السّكر ولا أنس طفل الحجارة , و أشتال الزّيتون المهانة , و أذكر دموع الأمّ العربيّة و أشجار الّليمون المنهارة.
لا تسخروا من القدر الّذي أطلّ من علياء السّماء , و لا تصرخوا فأنينكم في الحرب اسلم , و اهتدوا بعشق الهوى فلصدق الزّمان أُسمعُهم لحن الحياة و صوت القدر...
ليتني أحببت الصّدق كما كانت لهفتي إليه , فأنا عربيّ لم أنتشل تاريخ أجدادي من ذاكرتهم بل انتشلته من سطور المجد , أما أحفادي من أين سينتشلوه من المقابر أم من الأفواه الصامتة...
فتلك السّطور لحنها جميل و عشقها ممجّد , ليت الزّمان سجّل نفسه بنفسه دون ذلك الواقع المتدثّر...
ليعلم من صلّى لقبلتنا الأولى أنها قبلة جُعلت الدّم و الجنون لتروى بكتب التّاريخ أطيافٌ لقدرٍ سكنَ إلاه المجد بواقعٍ تحوّل فخراً لينجلي دخانهم تُراباً يمتزج غدراً لنصبح على واقعٍ متردّي طُعِنَ بصمت العرب , و انحنى جسده تارِكاً مُحيّاه شامِخاً بماضٍ كُتِبَ له أن يُعبدَ و جياد أمّتي ترنو إلى مُستقبلٍ يُضيئه دم العرب...