بعد إعلان المحتل الأمريكي في 2003 سقوط بغداد بساعات عرضت شاشات التلفزيون مظاهرة صامتة صغيرة في الساحة الرئيسية في بغداد، تراوح عدد المشاركين فيها بين 50 و 70 شخصاً
حملوا لافتة واحدة تعبّر عما يعتمل في صدور حامليها، بل في صدور جميع مكونات الشعب العراقي “اخرجوا من العراق”. تلك كانت البداية لاندلاع المقاومة العراقية الباسلة ضد المحتل الغازي، التي لم تتوقف لحظة واحدة حتى نهاية الاحتلال.
إن الاحتلال الذي بدأ بأكاذيب امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وتهديد أمن الدول الغربية وقدرته على إطلاق هذه الأسلحة خلال 45 دقيقة، كما ادعى طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا، شريك الولايات المتحدة الأكثر حماسة لغزو العراق، لم يستطع إثبات كذبته تلك، واضطر لاحقاً للاعتراف بعدم امتلاك العراق لمثل هذه الأسلحة. وفيما بعد صرح كولن باول، وزير خارجية الولايات المتحدة، بعد تركه لمنصبه قائلاً “كنا نكذب طوال الوقت”. واخترعوا فيما بعد أهدافاً أخرى لحربهم المجرمة.. إنه منح الشعب العراقي الديمقراطية والحرية.
لكن الهدف الحقيقي لحربهم القذرة تلك، فضحتها سياساتهم اللاحقة، واستهدافهم للأهداف أثناء القصف الوحشي. لقد تجنبوا قصف المنشآت النفطية ووفروا الحماية لها، في حين طال التدمير كل شيء آخر.. قصفت كل المقار الحكومية والخدمية والمباني والشوارع والجسور والمؤسسات الإنتاجية.. دُمر كل شيء، ونهب المتحف الوطني الذي يختزن آثاراً هي ثروة إنسانية وشواهد على حضارة عمرها آلاف السنين.. ليس مهماً بالنسبة لهم لا الكنوز الثقافية والحضارية ولا الأرواح البريئة، لا الجسور ولا المرافق الخدمية التي ترتبط بحياة الناس “المشافي ومحطات الكهرباء وغيرها”.. لقد دُمّر كل شيء إلا المنشآت النفطية.. لماذا؟ لأن النفط والسيطرة عليه والاستيلاء على عوائده والتحكم به كان أحد الأهداف الرئيسية لهذا الغزو!
بعد أن خيّل للأمريكيين وحلفائهم أنهم حققوا النصر، أتى وزير خارجية الولايات المتحدة إلى دمشق، مزهواً بنشوة نصر مزيف، وطرح المطالب الأمريكية على سورية، ومن أهمها فك التحالف السوري الإيراني، والكف عن دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وإغلاق مكاتب فصائل المقاومة الفلسطينية في دمشق وطرد قادتها، والدخول في مفاوضات مع إسرائيل بشروطها لإنهاء ما سموه النزاع العربي الإسرائيلي. وطبعاً رفضت سورية هذه المطالب، وهي تدفع الآن ثمن هذا الموقف الصامد والمقاوم.. بل ودعمت المقاومة الوطنية العراقية ضد الاحتلال.
إنه أمن إسرائيل، وهو الهدف الأساسي أيضاً لهذه الحرب.. إن إخضاع سورية وعزلها عن حلفائها سيؤدي إلى إطفاء جذوة المقاومة الشعبية لدى الشعوب العربية وقطع نسغ الحياة في شرايين أي مقاومة محتملة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، وإطفاء شعلة الأمل الذي تمثله سورية.
أما نشر الديمقراطية المزعومة، فقد قتلوا لأجلها مئات آلاف العراقيين، وهجّروا الملايين، وأقاموا سجوناً سرية داخل العراق وخارجه، واستقدموا السفاحين والقتلة المأجورين مثل بلاك ووتر وغيرها، وانتهكوا وعذبوا بسادية عجيبة السجناء من الشعب العراقي في سجن أبو غريب وغيره، على أمل أن يضعفوا المقاومة الوطنية لاحتلالهم.. تلك المقاومة التي عمّت كل الأراضي العراقية، وكل مكونات الشعب العراقي، معبرة عن ذلك الموروث الحضاري والثقافي الضارب في القدم..
إن أرض العراق التي أنبتت حمورابي والمتنبي ومعروف الرصافي ومظفر النواب وبدر شاكر السياب والجواهري وآلاف العلماء والمبدعين، هي التي أنبتت هذه المقاومة، وعجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن استئصال شأفة المقاومة، فقامت بأعمال وحشية قذرة، مثل تفجير أماكن العبادة، واستهداف أماكن ورموز روحية معينة، ونسبتها إلى المقاومة في محاولة لعزلها عن الجمهور الواسع، وخلق فتنة طائفية وتقسيم العراق، وباء كل ذلك بالفشل، وخرج المحتل ذليلاً مهزوماً، ولم تحقق هذه الحرب أهدافها. فالتنسيق السوري العراقي الإيراني أصبح أفضل وأقوى، والنفط العراقي سيصل عبر سورية إلى البحر الأبيض المتوسط، ومواقف سورية بدعم المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، وتمتين التحالف الاستراتيجي مع إيران تتعزز. الأمر الذي اضطر معه المتحالفون في حرب العراق على العمل بوقاحة لا مثيل لها ضد سورية بعد أن يئسوا من “تغيير سلوكها”، وأعلنوا صراحة عن تحالفهم مع دول عربية ضد سورية، سبق أن تحت أجواءها وحدودها للجيش الأمريكي لقصف العراق واحتلاله، بل وهي الآن تستقبل الجنود المنسحبين من العراق.
إن الاستنتاج الأساسي من الانسحاب الذليل للجنود الأمريكيين من العراق، هو كما أكدت كل تجارب الشعوب عبر التاريخ، أن الاحتلال مهما بلغ من القوة، ومهما ولغ في دماء الشعوب، فهو إلى زوال أكيد، وأن ادعاء نشر الديمقراطية تفضحه الممارسات غير الإنسانية وغير الأخلاقية، بل والمجرمة بكل المقاييس، وها هو ذا الشعب العراقي يزداد تضامناً وتحالفاً مع أشقائه السوريين في أزمتهم، فهل يتعظ دعاة استقدام المحتلين لبلادهم؟
وفق القراءة الموضوعية للتاريخ فإن الطغاة أيضاً إلى زوال و إلى مزبلة التاريخ, و سيلعنهم التاريخ أيضاُ, أليس كذلك؟!
فكر بعثي فاشل لا يتناسب وروح العصر رجعنا عشر سنين للوراء وين كنتولما العراق احتل والاحتلال ما طلع ذليل ولا شي انتهى من مهمته وانسحب انسحابه مكسب اكثر من بقائه فالمكاسب التي حققها أكثر المكاسب التي حققها منذ تأسيس الولات المتحدة وبتقول ذليل لازم يكون في بعد نظر للكاتب مو بس عنوان
عندما تقرأ تعليق بعثي تشعر أن الكتابة مضيعة للوقت على مبدأ فالج لا تعالج