أرسلت لي السيدة "أم رامي" مشكلة ابنها قائلة: ابني يبلغ من العمر ثلاث سنوات وهو يلفظ الكلمات بصعوبة. كيف سأعالج هذه المشكلة؟ وما هي أسباب تأخره بالنطق؟ أرجو إعطائي الحل المناسب.
يؤكد الدكتور "أنطون رحمة" أستاذ في كلية التربية جامعة دمشق بكتابه "الخبرات الاجتماعية والوجدانية" أن الاضطرابات اللغوية تظهر عند الأطفال في طفولتهم المبكرة عندما يبدؤون بالتكلم أو بعد ذلك، وتكون بأشكال مختلفة مثل: التأخر في البدء بالكلام عن السن العادي الذي يبدأ من السنة الثانية لدى معظم الأطفال، احتباس الكلام وفقدان القدرة على التعبير، نطق الحروف بطريقة غير صحيحة، تشوه لفظ بعض الكلمات كالعجز عن النطق بحرف "س" أو "ر" ولفظ الأول "ث" والثاني "ل".
ومن الأشكال الأخرى للاضطرابات اللغوية التأتأة أو التهتهة أو اللجلجة: وهي التعثر في النطق وفي انسياب الكلام حيث يصبح الكلام متقطعاً، وتعلق بعض الكلمات في الفم فلا ينجح الطفل بلفظها بسهولة، وهي أكثر المشكلات انتشاراً وإزعاجاً لأنها تشوه كلام الطفل وتجعله في وضع حرج أمام الآخرين، وخاصة أمام زملائه في الروضة أو المدرسة، وأمام المعلمة فضلاً عن احتمال استمرارها إلى سن الرشد.
أما أسباب مشكلات النطق والكلام فهي عديدة ومن أهمها:
الأسباب الجسدية: وهي وجود خلل في أجهزة النطق أو أجهزة السمع أو سواها من أجهزة الجسم ذات العلاقة بالنطق والكلام، ذلك أن أجهزة النطق كثيرة الأجزاء وأي تلف أو تشوه في جزء منها يؤثر في أداء بقية الأجزاء وعلى عملية النطق التي تستند إلى عمل جميع الأجزاء بشكل سليم ومتكامل، كما أن أجهزة السمع حين لا تقوم بوظائفها بالمستوى الذي يؤدي إلى السمع العادي فإنها تسيء إلى النطق عند الطفل لأنها تحول دون سماعه الكلمات بأصواتها الحقيقية فيحفظها بنطق خاطئ ويؤديها أداءً ناقصاً، وقد يتأثر نطق الطفل بتشوه أسنانه أو اقتلاعها أو فقدانها أو انشقاق الشفة العليا أو وجود زوائد أنفية فيصبح كلامه قليل الوضوح، وتخرج بعض الحروف بأصوات مشوهة كلفظ حرفي "س" و"ث" بصوت واحد والعجز عن لفظ الراء والغمغمة في الكلام وكأنه يخرج من الأنف.
الأسباب النفسية والأسرية والمدرسية: بعض الخبرات الوجدانية السيئة تحدث التوتر والإحباط والشعور بالنقص عند الطفل، وتؤدي عند بعض الأطفال إلى مشكلات النطق والكلام. فإحاطة الطفل بأجواء أسرية ومدرسية حافلة بالتوتر والمشاجرة والغيرة والعصبية، وعدم تلبية حاجات الطفل إلى المحبة والاطمئنان واللعب، والإكثار من العقوبات، والاستهزاء بنطقه وكلامه حين يتكلم. جميعها عوامل تسبب صعوبات النطق والكلام، ومن الأسباب النفسية محاولة الطفل التكلم بطلاقة، واستعمال جمل أطول من الجمل التي كان يستعملها حين كان عمره أصغر وعجزه عن النجاح السريع في هذه التجربة الجديدة، وانعكاس ذلك عليه من خلال شعوره السيىء بالفشل، والخوف من المغامرة الكلامية وبالتالي تحتاج تأتأته إلى وقت طويل حتى يشفى منها. كذلك قد تؤدي بعض الدراسات التربوية الخاطئة إلى التأتأة أو سواها من الإصابات الكلامية مثل الإلحاح على الطفل في التكلم وتعلم الكلام قبل وصوله إلى النضج اللازم لذلك.
الوقاية من مشكلات النطق والكلام وعلاجها:
1- إجراء الفحوص الجسدية وعلاج الإصابة إن وجدت حيث يتم فحص الحالة، وتحديد أعراضها، وبالتالي تحديد المشكلة وأسبابها، ويتناول الفحص أعضاء النطق والسمع والأسنان والفم والشفتين لتحري حالتها الصحية فإن وجد الخلل يُعالج بالوسائل الطبية ويقوم بذلك الطبيب المختص.
2- إجراء الفحوص النفسية وعلاج أسبابها حيث يقوم المختص بدراسة الأجواء الأسرية والمدرسية التي يعيش ضمنها الطفل، وتشخيص تأثيرها على حالته النفسية ثم تعالج الحالة وأسبابها فقد يكشف الفحص أن الطفل يعاني توترات نفسية أو خوفاً أو شعوراً بالنقص. في هذه الحالة يقوم المرشد النفسي بالحوار مع الطفل، ويخفف من قلقه ويقنعه بأن والديه ومعلماته ورفاقه يحبونه ويقدرونه، كما ينبغي إرشاد الوالدين والمعلمة إلى الأساليب المناسبة للتعامل مع الحالة كالامتناع عن التصرفات التي تسبب الغيرة والقلق والانطواء، والابتعاد عن تهديد الطفل بالعقوبة وعدم الإلحاح على تصحيح النطق وتشجيع الطفل على الكلام واللعب والاختلاط بالآخرين.
3- التدريب على النطق والكلام حيث لا تكفي المعالجة الجسدية والنفسية للشفاء من إشكالات النطق والكلام، وغالباً ما يحتاج الأمر إلى تدريب الطفل على تصحيح نطقه للحروف، وذلك بإجراء تمارين على تحريك اللسان والشفاه وحركات البلع والمضغ والتنفس ولفظ الحروف. كما يحتاج الأمر إلى تشجيع المصاب بالتأتأة على التكلم بهدوء، والصبر عليه وإشعاره أن كلامه واضح، وأن حديثه محبب إلى النفس، وينبغي أن يكثر منه، وأن يحفظ بعض الأغاني والقصص ويسمعها لذويه ورفاقه.
صديقتي ريما أعتقد أن الحالات النفسية هي الأصعب والسبب النفسي له دور كبير بوجود مشاكل لغوية عند الطفل كالتأتأة وغيرها وربما يكون علاج الاضطرابات ذات المنشأ الجسدي أسهل من علاجها عندما يكون السبب نفسي. شكرا على المقال والله يعطيكي العافية
نشكر اهتمامك بالمواضيع الخاصة بالأطفال وننتظر المزيد تقبلي مروري.
موضوع جميل ومفيد وهي الحالة عند الأطفال منتشرة كتير ولازم يتم تسليط الضوء عليها. شكراً رمروم على هالموضوع