قد يبدو العنوان غريباً بعض الشيء ! فهل يمكن " لأزمة " أن يكون لها آثاراً ايجابية ؟
لا يختلف اثنان على الآثار السلبية للأزمة السورية بجوانبها الإنسانية أولاُ و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية , و لكن ألم نتغير , نحن السوريون , إيجاباً على امتداد أشهر الأزمة العشرة ؟ فيما يلي سأشرح لكم كيف تغيرنا :
تعودنا , نحن السوريون , إن الهم الداخلي هو آخر ما نتحدث به علناً , و رغم امتعاضنا من الفساد و همسنا المتبادل حول تفشيه ليطال القطاع تلو الآخر إلا أننا , و باتفاق غير معلن بيننا , نتجنب إعلاء الصوت عند الحديث عنه , من جهة خوفاً , و من جهة أخرى كنا نعتبره نوعاً من الضريبة الواجبة حفاظاً على خط الممانعة و المقاومة المدعوم شعبياً, و كانت نشرات أخبارنا تتحدث بإسهاب عن أحداث الوسط المحيط بنا , و تكاد أخبار الداخل تقتصر على نقل اجتماع لبعض اللجان , و افتتاح بعض المشاريع في إحدى المناسبات , و فجأةً أصبحت مشاكلنا الداخلية تتصدر عناوين الإعلام المكتوب و المرئي و المسموع , الداخلي و الخارجي , و ما كنا نتبادله همساً أصبح محل اهتمام عالمي و يناقش من وجهات نظر مختلفة , أليس مجرد انتقال الحديث عن الهم الداخلي من مرحلة الهمس إلى مرحلة العلن هو أمر ايجابي بحد ذاته ؟ و رغم إدراكنا أن توظيف المشاكل الداخلية يجري" لغاية في نفس يعقوب" و لكن السليم أن الهمّ الداخلي يجب أن يحتل الحيز الأهم في إعلامنا و يكوّن المحور الأكبر في حياة أحزابنا السياسية .
و موضوع الإعلام الداخلي و الخارجي يقودنا إلى أمر ايجابي آخر تعلمناه خلال الأزمة و هو القدرة على قراءة ما تخفيه الكلمات البراقة من نوايا خفية , فمثلاً " ممرات إنسانية " نعلم أنها تستجدي تدخلاً عسكرياً و هكذا ..
و تعلمنا خلال الأزمة أن نتصيد الخبر كحقيقة , و فصله عن توظيف الخبر لإيصال المتلقي إلى الاستنتاج الذي يسعى إليه ناقل الخبر . و لا أخفي أن غالبيتنا كانت , منذ أشهر قليلة , لا تلمس الخلافات في طرح أطراف الأزمة لوجهات نظرها , وشيئاً فشيئاً أصبحنا ندرك دقة التعابير التي يستخدمها كل طرف عند توصيفه للأزمة و طرق حلها .
و أستطيع القول أننا خضعنا جميعاً "لدورة مكثفة" في تعلم استنتاج المواقف السياسية , و قطعنا شوطاً مهماً على طريق النضج السياسي باتجاه التحول الديمقراطي المنشود . و هذا يقودنا إلى اثر ايجابي آخر للازمة و هو احترام الرأي الآخر و عدم مصداقية من يدّعي امتلاك الحقيقة كاملةً , اذكر جيداً كيف كانت مواقفنا , في بداية الأزمة , فيها الكثير من الحديّة تجاه الرأي الآخر , ورويت أمامي الكثير من القصص عن أخوة يتفادون اللقاء لاختلاف اصطفافاتهم خلال الأزمة , و شيئاً فشيئاً بدأنا نحترم حق كلّ منا في أن يكون له رأي مختلف لا بل اكتشفنا أن الآراء المختلفة حول قضية ما تغني النقاش و تفضي إلى حلول لم تخطر ببال الطرفين , وهنا نصل إلى الايجابية الأبرز التي علمتنا إياها الأزمة و هي ضرورة وجود معارضة , و هو الأمر الذي افتقده مجتمعنا لعقود طويلة .
لا يمكن لمجتمع أن يتطور بشكل صحي وسليم دون وجود معارضة تراقب ما يفعله من هم في السلطة و تطالب بمحاسبة الفاسد و المقصّر , و تطرح بديلها على المجتمع , و إن هي أقنعته ببديلها يحق لها , و عن طريق صناديق الاقتراع , أن تتبوء السلطة و تنفذ مشروعها تحت رقابة المعارضة التي كانت في موقع السلطة من قبل , و نبدأ ما يفكر به الكثيرون هذه الأيام و هو فصل الدولة بأجهزتها و مؤسساتها عن السلطة القابلة للتداول , و خضوع الجميع لقانون واحد ينظم عمل مؤسسات الدولة و يضمن بقاءها تحت رقابة المؤسسات المنتخبة , و يحدد الآليات الديمقراطية لعملية تداول السلطة .
أمر آخر لا بد من الوقوف عنده , قبل الأزمة كنا نتهامس فيما بيننا حول الانتماء الطائفي لكل فرد , و لكن عندما أخذت بعض أطراف الأزمة "تلعب " على الوتر الطائفي للمواطن لتحدد موقعه من الأزمة , شعر اغلب السوريين بقذارة و خطورة تقسيم المواطنين بين موالاة و معارضة حسب انتمائهم الطائفي , و استنكر أغلبنا هذا المنطق للأكثرية و الأقلية , و يكاد الجميع يتفق على أن الأغلبية و الأقلية هي مفهوم سياسي للتجمع حول برنامج سياسي , وليس تجمع على أساس طائفي أو عرقي , و أن الموزاييك العرقي و الطائفي الذي تعيشه سوريا ليس جديداً عليها بل هو ثمرة انسجام قديم , و أن شعور البعض بأنه كان مهمشاً أو مغبوناً لا يلقي المسؤولية على المكونات الأخرى للمجتمع , و إنما هي مسؤولية البنى السياسية التي يجب أن تتطور باستمرار لتفادي التهميش و الغبن لأي مكوّن من مكونات مجتمعنا .
و في النهاية لا بد من اعتراف الجميع بأننا قبل الأزمة كنا شيء و الآن شيء آخر , وكل من يفكر انه يمكن أن نعود إلى ما كنا عليه قبل الأزمة , اقل ما يمكن أن نقوله له أنه واهم .
مقال جميل ويستحق أن نضع عليه علامة "أعجبني" لايك. إيجابيات أخرى أهمها أن عرف الناس لأول مرة إمكانية التكلم دون خوف وبعضهم أصبح يتصرف دون خوف، فلقد انكسرت القبضة الأمنية المحكمة وعادت العقول للعمل بعد عشرات السنوات من التجميد. شعر الكثير من الناس ببعض طعم الحرية. لكن أيهما أكثر السلبيات أم الإيجابيات؟
أن الفكر المتقوقع والعاجز عن التقدم ويرفض أو بلأحرى يريد الرجوع 1400 عام الى الوراء والمصيبه الأكبر بتكفيره الجميع من حوله كيف لهذا الفكر أن ينشئ بنيه سياسيه متقدمه ألا على شاكلته ولكن السؤل المهم كم عدد هولاء وهل نحن بحاجه للدمقراطيه من اجلهم كي يسودواالمجتمع بجهلهم المظلم