بغض النظر عن أن الليل هو رفيق التأمل والحزن.. سمير العشاق والغرباء والموجوعين.. يكون ليل الفيسبوكيين فيه الكثير من ذلك.. يكتبون أوجاعهم الشخصية من هجر وفراق وخيبات وانكسارات.. يكتبون أوجاع الوطن..
والسوريون الآن على وجع لم يعد يحتمل، وطن سائر إلى هلاك بدأ يُرى بالعين المجردة إلا لمن ليس له عينان ولا قلب.. ..
لا حاجة بنا إلى محللين سياسيين امتهنوا الكذب وتزييف الحقائق وبث الطمأنينة الكاذبة... الحريق أصبح قاب رمشين من وطن لا يجد الكثيرون إلا قلوبهم وبوحهم ليدافعوا عنه.. وإلا كلماتهم العذراء العاجزة المليئة بالألم وبصيص أمل لا تستمر الحياة بدونه....
مع قدوم عيد الميلاد المجيد ووداع العام 2011 الذي حمل ربيعاً لبلاد وترك أخرى تتقلب في دمائها بانتظار ربيعها القادم.. كتب الفيسبوكيون آلامهم وأحلامهم... لنقرأ بعضاً منها:
ـ علاء العلي: بابا نويل.. بسمع فيك بس ما شفتك ولا مرة. وعزراييل.. بسمع فيك وكمان ما شفتك ولا مرة. معقول نشوفكن بهالليلة المباركة سوا؟ واحد بيفرح الناس وبيذكرن إنو دائماً في أمل، والتاني بينكب الناس وبيذكرن بالألم والأسى والقهر والذل والكفر؟!
* * *
ـ رائد وحش: لم يعد الميلاد حكراً إلهياً على المسيح.. الشهيد الجديد مسيح جديد..
* * *
ـ ندى العلي: وينك يا يسوع؟ وطننا موجوع لا تتخلى عنا بالأيام الصعبة عينك عوطنا
* * *
ـ أنس سقا: عزيزي بابا نويل... هالسنة سورية رح تكون متغيرة عليك شوي! لهيك من واجبي أعطيك كم نصيحة: ...... هالسنة وأنت جاية لعندي لا تنسى هويتك لأنو صار عنا حواجز! ولا تلبس لي لون أحمر لأنو شبعت من هاللون! واحلقلي دقنك لحتى مايفكروك شبيح أو سلفي! ولا تفتلي من المدخنة لأني سكَّرتا من بعد ما انقطعنا من المازوت! وإذا بدك تجبلي هدية، تكون جرة غاز أو بيدون مازوت، بتسوى هدايا الدنيا كلها!
* * *
ـ فاديا أبو زيد: وينك يا يسوع.. وطنا موجوع! ميلادك ميلاد الخير.. يا نبع المحبة.. ظلك ساكن قلبي.. لا تتخلى عنا.. عينك عا وطنا!
* * *
في بقية البوح يبقى وجع الوطن هو الغالب على كتابات الأصدقاء، رغم أن العشق كحالة فردية جميلة وغنية لا يغيب.. يبقى حديث البلاد والشهداء والحزن الساكن في العيون هو الغالب.. خاصة بعد التفجيرين الفظيعين بدمشق.. يكتب المميز فادي حسين: أيها الشهداء! لن أمتطي دمكم بوقاحة التحليلات التي تتبختر على ظهر دمكم منذ الصباح أيها الحداد الصامت: ما أصدقك! أيها المحللون: ما أنذلكم!
* * *
سراب النقري تتساءل عن الأقنعة التي نختفي وراءها.. الطاقة التي نحتاجها لصنع قناع: ـَآ لـِجَبـُروتنـا..! نصنع ألف بسمة زائفة لنخفي دمعة واحدة.
* * *
ناجي درويش يكتب بوستات مميزة تحمل سخرية مرة عن الحالة السورية وتعقيداتها.. نختار منها: سنّةُ الحرب أن يكون فيها غالب ومغلوب.. وثلاثة خاسرين: الغالب والمغلوب وأرض المعركة.
* * *
وفاة شاب جزائري بعد إضرامه النار في جسده احتجاجاً على البطالة راحت عليك يا بوتفليقة يا حكومات العالم.. يا شباب العالم.. ما رأيكم أن نبحث عن حل آخر لمحاربة البطالة؟!
* * *
واحة شعر
واحتنا اليوم تعبق بشاعر معروف لكنه من أغزر من يكتبون على الفيسبوك شعراً وتفاعلاً مع الأحداث والحياة.. بشار خليف يكتب نصاً وامضاً كبرق...يخطف المخيلة إلى مصادفات موجعة وأخرى تحفل بالفرح... يكتب بشار نصه الشفوي ببساطة ماء... لكنه يحمِّله شحنة شعورية هائلة مع تقنياته الشعرية التي تبرز تمكن الشاعر من قصيدة النثر والومضة واطلاعه على شعر الهايكو الياباني الذي يفرد له أحياناً بعض المساحة...
لبشار خليف نقرأ: يا عينها يا عينها كلما نظرتها أدركتني بثاقب حب * * *
منذ زمن لم ينم رأسك على كتفي منذ زمن كتفي مائلة * * *
إن عادك الصيف حزيناً فالبحر لي إن أوحى الشتاء لك بما لا تشتهين فالبحر لي أترين كم موجة أنت؟! * * *
يا صوتها ظلُّ إله يرسو على الماء * * *
المجنون قال: هذا الصباح سأعدُّ لك ما استطعت من قهوة * * *
مجنونك قال: ترى من ينظف الآخر؟! تلك الصابونة أم يديك؟
حسين خليفة