قد يكون العنوان ليس جديداً للكثيرين و لكن ما المقصود به ،جميعنا يعلم أن إسرائيل ما هي إلا عبارة عن كيان هجين من قوميات مشتتة على سطح الكرة الأرضية يجمعها الدين اليهودي زرعت في قلب منطقتنا العربية عن طريق تزوير التاريخ فما هو الهدف الحقيقي من إنشاء هذا الكيان؟
لقد اعتاد اليهود عبر التاريخ لعب دور الضحية دوماً فما أن يواجههم أحد و يستطيع لي ذراعهم اتهموه فوراً بالعنصرية و معاداة السامية ، لكي يظهروا بأنهم ضحية سخط و حقد تاريخي حتى وقوع الحرب العالمية الثانية و نشوء نموذج جديد لتمثيل دور الضحية عبر حفلات الإعدام الجماعي أو ما يدعى بالهولوكوست و هي أكبر خدمة قدمها أدولف هتلر لليهود فقد كان يقوم بحرق العجزة و كبار السن و المعاقين من اليهود و غيرهم ليس إلا . و بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و انتصار قوات الحلفاء و بزوغ فجر حركات التحرر العربي ، و اكتشاف أن هذا الشرق يدفن تحت صحرائه كنوزاً لا نهاية لها ، وتزامناً مع التفتح الفكري لكل من سوريا و مصر كان لا بد من تنفيذ وعد بلفور.
نعم كان وعد أرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى اللورد روتشيلد من العام 1917 بإنشاء وطن قومي لليهود على أساس بشرى توراتية من العهد القديم بأنها أرض الميعاد...! فكان يجب الإسراع بتنفيذ هذا الوعد بعد أن ظهر عدم قدرة بريطانيا وفرنسا على الاستمرار بالتواجد ميدانياً على هذه الأراضي فتقرر المباشرة في بناء هذا الكيان .
إذا ما نظرنا إلى أجناس و نوعية اليهود الموجودين في فلسطين لوجدنا أنهم من الطبقة الدنيا و المهمشة من اليهود بينما أصحاب رؤوس الأموال و النفوذ نجد أنهم متواجدين في أوربا و أمريكا أي في عواصم صناعة القرار و إدارة الأموال و الأزمات. مما سبق نجد أن وجود هذا الكيان اللقيط ما هو إلا للعب دور جديد من أدوار الضحية ورأس حربة متقدم للغرب في هذه المنطقة الغنية بالموارد المختلفة ( ثروات باطنية – موارد طبيعية – رؤوس الأموال – موارد بشرية ) .فمن جهة يتم وضع هذه الثروات تحت نيران قوة عسكرية متطورة و من جهة أخرى يتم استنفاذ هذه الشعوب و الطاقات البشرية الهائلة في التفاصيل اليومية و غرقهم في بحر من الجهل و الظلمات .
فإذا ما نظرنا إلى ما أنجزه العرب خلال ستة عقود مضت مقارنة بما هو متاح من إمكانيات و ثروات فنجد أنهم لم يحققوا إلا النذر اليسير من التقدم و التنمية و مجارات تقدم البشرية، خاصة إذا ما نظرنا إلى الدول النفطية فإن كل ما وصلت إليه من تقدم عمراني و تكنولوجي ما هو إلا عبارة عن عقود شراء و استيراد لمعدات يستخدموها ، لكنهم لم يسهموا في دعم الصناعات الحقيقية من ( صناعات لمعدات ثقيلة أو مصانع بتروكيماوية ) حتى وقت قريب بشيء يذكر ، أما في دول طوق النار فإنها كانت منهمكة في وضع أمنها القومي و صراعاتها الإقليمية و توازناتها العسكرية لتجاري هذا الكيان الذي يمد بأحدث و أقوى الوسائل و التكنولوجيا العسكرية بلا ثمن . كيف لا و ما هو سوى عن رأس حربة متقدم يدافع و يحارب و يستطلع المنطقة و يحرسها للغرب وهو ما جاء وصف هيرتزل لدور الدولة اليهودية في فلسطين بقولة : (( سنكون بالنسبة إلى أوروبا , جزءا من حائط يحميها من آسيا , وسنكون بمثابة حارس يقف في الطليعة ضد البربرية )) .هذا من جهة و من جهة أخرى إذا ما انتهكت حرمة هذا الكيان ذات يوم استغلوها كهولوكوست جديد .
مما سبق نجد أن دول طوق النار و بالأخص سوريا و مصر اللتين هما جناحا هذه الأمة لا تطير و تحلق إلا بهما و هذه حقيقة تاريخية ، و كان أن زرع هذا الكيان بينهما على وجه الخصوص ، زرع الخنجر في قلب العرب و في مرحلة ثانية تم احتلال الجولان في سورية و سيناء في مصر و بالتالي فإن من الصعوبة تحقيق التنمية في بلد غير مستقر أمنياً ، في الوقت الذي كانت تستنزف الموارد للدفاع عن الأراضي المحتلة واستعادتها، فصار استنزافها اقتصادياً و وثقافياً و أمنياً على مدى العقود السابقة لتجد نفسها أمام موارد محدودة و مطالب لا تنتهي لمجاراة الواقع و تحديات الزمن و سباق التسلح في ظل زمن تسارع العولمة و التكنولوجيا و بذات الوقت عدم القدرة على التكامل مع الدول العربية و جدت مصر و سورية نفسهما على وجه الخصوص أمام صعوبات و عقبات عديدة لم تستطيع التخلص منها فكان أن دفعت شعوب هذه المنطقة ثمن هذا الصراع فأصبحت تعيش في فقر و ضنك مرير وبسبب تحملها أعباء هذا الصراع بشكل مباشر و غير مباشر من جهة و سوء إدارة ثروات و مقدرات هذه البلاد من جهة أخرى.
خلاصة القول أنه و بعد مرور ستة عقود و نيف على وجود هذا الكيان نستطيع القول بأنه قد نجح بتنفيذ مهمته إلى حد كبير لكن السؤال الكبير هو إلى متى سنبقى ننظّر و نحلل و ننتظر ما يخطط لنا و ما سيحل بنا ؟ إن ما وصل بإسرائيل إلى هذه القوة العسكرية و الإقليمية ما هو إلا نتيجة جهد جماعي استمر التحضير له قرابة النصف قرن و هو قد قطع من عمره نصف قرن آخر .
فهل نعتبر أيها العرب و نبدأ جهداً جماعيا ً فعلياً نصل فيه إلى حدود هذا الزمن و نكون فيه فاعلين و ليس مجرد متفرجين؟
ولك هن أنو دفاع عمّا تحكي ؟؟؟ ملينا من هالاسطوانة المشروخة
أنه خازوق وليس خنجر