منذ أن بدأت الثورات في العالم العربي، برز حضور المرأة بقوة، فهي التي لعبت دوراً قوياً منذ اندلاعها
فهاهي ذي أم البوعزيزي تطالب بمسامحة الشرطية التي لطمت ابنها وكانت سبباً مباشراً لأن يحرق نفسه، فكانت لتلك الامرأتين (الأم والشرطية) دور أساسي في هذه الثورة، إحداهما سبب مباشر لاندلاعها، والأخرى صورة للتسامح بعد الانتصار لمتابعة الطريق نحو دولة المساواة والحرية والكرامة.
وفي مصر في ميدان التحرير برزت نساء كثيرات من شابات وأمهات، فهاهي ذي تجربة (أسماء محفوظ) الشجاعة، العضوة البارزة في حركة 6 نيسان منذ 2008، التي وجّهت خطاباً للشباب عبر اليوتيوب، وأعلنت عن قرارها بالنزول إلى الشارع في 25 كانون الثاني ولو بمفردها، ما دفع بالشباب إلى اللحاق بها خوفاً من أن يوصموا بالجبن، وكيف سرت عدوى الشجاعة إلى عشرات ومئات ومن ثم آلاف الشباب والشابات الذين انضموا إلى أسماء في ميدان التحرير. ثم تصديها لأحد الوزراء أمام الإعلام والجمهور ومساءلته (بتضربونا ليه؟)، وكانت برفقة كاميرا فيديو خاصة تغطي الحدث لترفعه على اليوتيوب مباشرة.
وبرزت نوار ابنة الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، التي قادت حركة الشباب في ميدان التحرير وكانت خير مثال للشابات المثقفات اللواتي قدن الثورة بذكاء ومعرفة، وضعوا خطة وبدؤوا بتنفيذها، وضمنوا فيها دوراً للمرأة مساوياً لدور الرجل في النزول إلى الشارع والتنظيم.
وفي اليمن (توكل كرمان)، الناشطة اليمنية رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود، التي سبق أن اعتقلها الرئيس اليمني، قادت الجماهير وخطبت في مئات الآلاف وهم يرددون هتافاتها. وكانت جائزة نوبل للسلام التي نالتها خير دليل على أهميتها في هذا الحراك.
أسماء كثيرة برزت، منهن من استشهدت، ومنهن من اعتقلت، ومنهن من قدن النضال ليطالبن بالحرية والمساواة والعدالة، ليبرز سؤال: هل ستعود النساء إلى بيوتهن بعد انتصار الثورات؟ أم سيتابعن نضالهن لبلوغ أهدافهن، ليجدن أنفسهن أمام ثورة أخرى جديدة (ثورة النساء) تطالب دولها ودساتيرها بأن تعطيهن حقوقهن كاملة في القوانين؟ فالمرأة هي التي تُقتل بذريعة الدفاع عن الشرف، وهي التي تعاقب عقوبة مضاعفة في الجرم نفسه الذي يرتكبه الرجل، وهي التي يولى عليها وتحرم من الوصاية على أبنائها وتعطى نصف حق الذكور في الإرث، وترمى بطلاق بإرادة منفردة، وتحرم من منح جنسيتها لأبنائها.. إلخ
حقوق كثيرة تنعم بها النساء في دول أخرى وتحرم منها النساء في بلادنا بحجج وذرائع فضفاضة، أثبتت الثورات نقيضها، فهي ليست بنصف عقل أو ضلعاً قاصراً، وهي ليست التابع وهي القادرة على اتخاذ القرار وتقديم الدعم لنفسها وللآخرين، فهي من قيادات الثورات ومن الذين يرسمون خطوط الطريق الجديد لما بعد الثورة، طريق التسامح والانتقام. مثل هذه المرأة لا بدّ أن تأخذ حقوقها في القانون، وإلا فكل تلك الثورات ناقصة ولن يتمخض عنها مجتمع قوي، فلا قوة لمجتمع دون المساواة والعدالة الاجتماعية، ولن تبدأ مسيرة التنمية لمجتمعاتنا العربية دون الاعتراف بمكانة المرأة ودورها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
فهل سنشهد ثورات جديدة (ثورات النساء) على قوانينها وأعرافها وتقاليدها وعلى المجتمع الذكوري الذي أثبت فشله في القيادة بعيداً عن المرأة الشريكة القوية الواعية لدورها في التنمية والتطور؟!
بدك طالبي بالمساوات بكرى بتصير المراة مساوية للرجل بكل شيء بتقولي الله يرحم زمان