بسم الله الرحمن الرحيم
كان متكبراً جداً ومزهوا بنفسه ويتأمل كل كلمة وحركة يقوم بها من شدة نرجسيته . حتى بلغ به الأمر أن حرم على نفسه أشياء من الطعام والشراب وغيرها . ليترفع بتركها عن فعل البشر العاديين . فلقد بدأت تختمر برأسه فكرة أنه إله أو نصف إله أو أبن آلهة ..
وكانت حاشيته تزين له كل قول أو فعل مهما كان حقيراً ويبذلون وسعهم في التغني بذكائه وشجاعته ووسامته وشدته وسعة أفقه .
وفي يوم من الأيام بينما هو على العرش وفد إليه وفد من أهل مصر يشكون إليه جفاف النيل .
فقالوا : أيها الفرعون المنعم . الرب الرءوف بشعبه . لقد جف النيل في سابقة ليس لها مثيل فلم يفعل ذلك منذ أيام أجدادنا فأجري لنا النيل بعزتك . هنا أطرق الفرعون بنظره يتفكر فهذه معضلة وكيف يجري لهم النيل ؟
فواعدهم في صبيحة اليوم التالي أنه سيخرج ليعاين النيل ويعمل على إعادة جريانه . وفي الليل قض مضجعه هذا الأمر حتى صار يتقلب في فراشه لا يدري ماذا يفعل . وكيف هي الحيلة . فلقد تورط بشيء أكبر منه وما كان يظن أن هناك شيء لا يستطيع عليه . ولما طلع الصباح احتشد الناس ليروا كيف سيعيد الفرعون لهم جريان النيل العظيم . ومضت ساعات وهم ينتظرون وما لبث أن خرج عليهم الفرعون بكامل لياقته . وجميع مرافقيه . من خدم وحشم وحملة العرش وأطباء وشعراء وحكماء ومنجمين ومعبري أحلام وغيرهم . ولما أنته والى حوض النيل وقف يتأمل ثم لمح مكان فيه القصب عالي فأمر حملة العرش بالتوجه إلى هناك وهناك نزل عن عرشه وأمر الحاشية والحرس أن يبقوا في مكانهم ولا يدخل منهم أو من الناس في القصب معه أحد . ودخل وحيداً ولما تأكد أنه لوحده نزع ملابسه العلوية ونزع زينته وجواهره كلها وخلع نعليه وخطى نحو النيل حتى غاصت قدماه في الوحل . وسجد على الطين .
وقال مخاطباً الله تعالى : اللهم إنك تعلم أني أعلم أنه لا إله إلا أنت فأجر لنا النيل .
وبينما هو كذلك أقبل عليه رجل مهاب الطلعة ذو حضور قوي وصوت رخيم وقامة طويلة فقال له : أيها الفرعون أسألك سؤالاً .
فقال الفرعون : ومن أنت وكيف دخلت إلى هنا ألم أقل أنه يمنع دخول أي كان إلى القصب .
فتبسم الرجل وقال : أنا لست أي كان وأستطيع دخول أي مكان .
فقال له الفرعون غاضباً فماذا تريد .
فقال : قل لي أيها الفرعون ما عقوبة العبد الأبق على مولاه في شريعتكم .
فقال له الفرعون : في شريعتي أحكم على العبد الأبق أن يغرق في بحر القلزم ( البحر الأحمر ) .
فقال له الرجل فهناك من يحتاج إلى رؤية هذه العقوبة مكتوبة فاكتبها لي .
فقال الفرعون ليس عندي ورق وحبر .
فأخرج الرجل من جيبه ورق وحبر . فأخذها الفرعون بامتعاض وكتب له فيها ( أنه في شريعة الفرعون رمسيس الثاني الرب المبجل . يعاقب العبد الأبق على مولاه بالغرق في بحر القلزم ) . ولما انتهى من الكتابة طلب منه الرجل أن يختمها لتكون ذات طابع رسمي وتنفذ بحذافيرها . فختمها له وأنصرف وما هي إلا ساعات وجرى النيل للناس من جديد فلم يكن من الفرعون إلا أن تغطرس أكثر وتمادى في دعوى الربوبية ومرت سنوات على هذا الأمر إلى أن أتى موسى وهارون عليهما السلام برسالة السماء وأراد الفرعون قتل موسى فهرب موسى فلحقه الفرعون إلى البحر , وهناك لما دخل موسى إلى البحر بعد أن فلق له وتبعه الفرعون خرج موسى وأطبق الماء على الفرعون فصرخ إلهي لأن أنجيتني من هذه لأكون من المصلحين والعابدين . فرأى الرجل الذي رآه منذ عشرين سنة في القصب إلى جانبه في الماء ولكنه لا يعاني من الغرق مثله . فقال له يا فرعون . أليس هذا كتابك فقال بلى قال أليس هذا ختمك فقال بلى قال فاليوم لا تجزى إلا من نفس عملك ولا تحاكم إلا بحكمك على نفسك . فغرق الفرعون رمسيس الثاني عام 1225 ق. م . ونجا موسى عليه السلام .. وربك (يمد للظالمين مدا)
أخي العزيز : إن النقد فن كما الرسم وكما الكتابة وأنتم تفتقدون لهذا الفن عذرا منكم . ثم إن القصة لها معاني عميقة جداً لم تصلكم . وهي ليست من بنات أفكاري بل مستوحاة من التاريخ القرأني . فاعتراضك لم يكن علي بل على قصور فهمكم للحكمة الإلهية ويبدو ن الذي انتهت صلاحيته فهمنا لاالقصة والسلام
قصة متناقضة مع نفسها فالعبد الذي ادرك قدرة الله في جريان النيل بعد جفافه لن يعود بالصورة التي صورتها بل سيعود داعيا الى الله الذي سمع الدعاء رغم انه لاشخص على اختلاف المنازل دعا الله ان يجري نهر الاردن فاجابه الله من لحظته
أعجبتني كثيراً هذه القصة وفيها عبرة لمن يريد أن يعتبر فالغيرة تؤدي إلى نهاية صاحبها مهما طال الزمن والتواضع يرفع من صاحبه على طول الزمن مع تحياتي العميقة لك .
ياويلي قصة روعةةةةةةةةةةةةةةةةةةة وحمة رائعة فلابد لكل جبار من ساعة يجازى بها على فعله مهما طال الزمن