على شرفة المنزل المشرف على الوادي, في قرية اسمها (حمّام القراحلة) اختارت أن تكون قريتي, كنت جالساً في خلوة "غير شرعية" مع زجاجة من العرق البلدي.
مرّ الكأس الأول بسلام, و لم يختلف الثاني عن سابقه كثيراً, و لكن الثالث بدأ يغير الأشياء و المفاهيم و القناعات.
{هناك من يطرق الباب}, هي جملة سمعتها ....أو لم أسمعها, فبعد الكأس الثالث يصعب فهم الكثير من الأصوات.
و بإيجاز: لم أعد وحيداً على الشرفة, فقد جلس أمامي رجل و حرمني الكأس الثالث ذاته من أن أستغرب زيارته.
- و من تكون أيها المعكر لصفو الخلوات "غير الشرعية"؟!
- اسمي أحمد بن الحسين بن مرة بن...
قاطعته قائلاً:
- إني أسألك عن اسم أناديك به, و ليس عن أسماء جدودك
- أنا أبو الطيب المتنبي, و قد كنت أحاول قول اسمي كاملاً حفاظاً على التقاليد ليس إلا فأنا:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي و بنفسي فخرت لا بجدودي
- و ماذا تفعل في قريتي أيها المتنبي؟!
- يقولون لي ما أنت في كل بلدة و ما تبتغي؟ ما أبتغي جلّ أن يسمى
- وهل أنت بعثي أم بعثي يا أبا الطيب؟
- لا أنتمي لأي حزب أو تنظيم ولا أعتنق أي معتقد و لكنني , لا أخفيك سراً, أتمنى أن أحظى بمنصب ما وفي هذا السياق قلت لكافور الإخشيدي:
إذا لم تنط بي ضيعة أو ولاية فجودك يكسوني و شغلك يسلب
- و من يكون كافور الإخشيدي؟ هل هو رئيس فرع مخابرات؟ على جميع الأحوال عليك أولاً أن تصبح عضواً عاملاً في حزب البعث لكي تقبل في أي منصب يا أبا الطيب.
نظر زائري إلي و سألني : كيف حال المعمورة؟ و بأشد أساليب الاستغراب وددت أن أسأله ماذا يعني بكلامه!! و لكنني كنت قد شارفت على إنهاء الكأس الرابع, و مرة أخرى منعني الكأس عن الاستفسار و شرعت بإجابته:
إن المعمورة بألف ألف خير: حضارة, تطور, تكنولوجيا و اختراعات حديثة كل يوم. إن أوروبا و أمريكا تغرقان العالم باختراعاتهما, فسألني:
- و أين تقع أوروبا و أمريكا؟
- في الغرب يا سيدي.
- أتقصد المغرب العربي؟
أجبته ضاحكاً: لا بل في بلاد الروم.
نظر إلي حزيناً مكتئباً و قال: هل من اختراعات عربية؟
و مر وقت طويل دون أن أتمكن من إجابته و لكنه قاطع صمتي بالقول:
و إنما الناس بالملوك و ما تفلح عرب ملوكها عجم
و فجأة تذكرت أن العرب هم من اخترعوا الرقم صفر, فأخبرته بهذا و رحت أشرح له عن عظمة هذا الاختراع و كيف أنه لولا هذا الاختراع العربي لما أبصرت الكثير من الاختراعات النور ومرة أخرى قاطعني المتنبي و قال:
و شبه الشيء منجذب إليه ......
و منعَته دموعه من إكمال الشطر الثاني من بيت الشعر هذا....... و بعد أن جفت دموعه سألني:
- أمازال العرب يتقاتلون و يتصارعون و يدّعون أنهم حماة الدين؟
-لا و ألف و أربعمائة لا؛ إن جوامعنا تغص بالمصلين, و كنائسنا بالكاد تسمع أصوات أجراسها من كثرة الحاضرين, كما أننا نعيش متحابّين متضامنين متآخين, و لا فرق بين سني و شيعي إلا بطول اللحية و شكل السالفَين. فقال:
إذا ما الناس جرّبهم لبيب فإني قد أكلتهم و ذاقا
فلم أرَ ودّهم إلا خداعاً و لم أرَ دينهم إلا نفاقا
قال كلماته هذه و أخذ الكأس "الذي لم أعد أعرف رقمه" من أمامي و شرب ما بقي فيها دفعةً واحدة و تلاشى..........
مراد بن فؤاد بن أحمد بن اسكندربن....
"حفاظاً على التقاليد ليس إلا"
فرحت بذكر الكاس ولم يهمك انك ان صنعت الكاس لايشرب بها الا عرب لسوء صناعتها خليك سكران احسن مايفيق عقلك هي الحياة سكرة وعيون حلوة ولووووو
خاطرة على سكرة على حكم .... حلوة
عزيزي الكاتب شكرا لخاطرتك المميزه وقد حملت شيئا مخلفا بطرقك مشروع المشروب, وحملت شيئا من الكلاسيكيه ومشكلة الشرق والغرب واين كنا واين نحن وفعلااشاطرك الراء ولكن دعني الفت الانتباه الى تلك الضيعه (حمام القراحله) وجمال الساحل وتقصير ونسيانه من المسؤولين بنفس الوقت هذامنذ سنين ومايزال واضف مشكله اكبر الآن وهي اننا لانتجرأ ان نسافر لنرى تلك الضيعه الجميله لنستعيد ايام الطفوله والشباب فيها ولنى اقربائنا هناك ولنستمع برؤية البحر والجبل وهنا الاخطر والاحزن.لنعد بلدنا امنه وهذا هو الحلم الحالي.
شكرا للمقالة و شكرا لرئاسة تحرير سيريانيوز التي سمحت بنشر المقالة ... مقالة مانا تقليدية و جريئة لأنو خلال السنوات الأخيرة صارت الأجواء سلفية ببلاد الشام ..و استغربت كيف ممكن شخص يتجرأ و ينشر مقالة فيها وصف للمشروب الذي فيه تشبه باليهود و النصارى أعداء الإسلام
حبيت قريتكم من خلال وصفك لهاواشتهيت كوب العرق البلدي بصحبة المتنبي .مقال جميل