(قصة ذات نهايتين)
طبيب شاب يعمل بمستشفى معروف بمدينة كبيرة ـ ليس مهم اسم المدينة فقد تكون أي من مدن عالمنا الواسع هذا ـ قسم الطوارئ دائما مزدحم دائما ملئ بالدراما الإنسانية كأنه تجسيد للمدينة الكبيرة او للعالم أجمع
بعد عمله عدة سنوات اكتسب مهارة مشهود بها، المهارة هنا ليس طبية فقط و لكنها أيضا مهارة في التعامل مع المواقف الإنسانية المختلفة التي يمر بها، يحب عمله رغم أنه مرهق، قد يكون ذلك لأن عمله يعطيه شعور بالأهمية متمثلا في مساعدته الحيوية لمن يحتاجون للمساعدة، هناك نوع من القدرية و الروحانية في قيامه بعمله ساعدا على تميز أداءه و زادا من حبه لما يعمل.
نوبة عمله اليوم بدأت في السادسة مساء مفروض تنتهي السادسة صباحا، ليلة عمل كغيرها بازدحامها و آهاتها و دمائها، بعد منتصف الليل بقليل أحضرت عربة الإسعاف حاله مستعجلة، فتاة صغيرة في حوالي التاسعة فاقدة الوعي، أجرى فحوصاته الأولية،وجد عندها نزيف داخلي حاد يحتاج لنقل دم فوري لتعويض الدم الذي فقدته، أصدر أوامره للممرضات للتحضير لنقل الدم، ذهب للاطمئنان على مريض آخر فسمع نقاشا محتدا قادما من جوار فراش الفتاة، كانت هناك امرأة تصيح بالممرضات بعصبية، أدرك من مجرى النقاش انها أم الفتاة، و أنها عندما علمت بأن نقل دم سيتم لأبنتها اعترضت و رفضت الموضوع بشدة، للحظة لم يفهم الأمر حتى أخبرته إحدى الممرضات ذات الخبرة الطويلة أن المرأة تتبع جماعة دينية ـ و ليس مهم هنا اسم الجماعة فهناك العديد من أمثالها في عالمنا الواسع هذا ـ و التي تعتقد بحرمة نقل الدم حيث يمثل اعتراض على قدر الإنسان، فإذا قدر للمرء أن يموت فهذه إرادة الله و لا يجب محاولة تجنبها و إلا كان ذلك تحدي للإرادة الإلهية و الذي هو نوع من الشرك بالله، أخبرته ايضا ان عبر تاريخ قسم الطوارئ هذا تمر به كل بضعة سنوات حالة من هذه الحالات اللامعقولة و التي يجب التعامل معها.
نظر للمرأة متفحصا، تبدو في منتصف الثلاثينات، شعرها مغطى بغطاء مميز، ثوبها طويل يكاد يلمس الأرض و أكمامه طويلة تصل لكفيها، اقترب منها و شرح لها أنه إذا كانت إرادة الله أن تموت ابنتها فستموت حتى لو نـُقل لها الدم، و أن عملية نقل الدم نفسها تمثل إرادة الله، لكن المرأة تعاملت مع كلامه كما لو كان بلغة أجنبية لا تفهمها، شعر بأنه لن يستطيع التفاهم معها فصاح بها طالبا منها الخروج من الغرفة و بأن نقل الدم سيتم حيث أنها مسؤوليته هو أن ينقذ حياة الفتاة، و بأنه سيستدعي شرطة المستشفى إذا استمرت في إثارة المشاكل، قامت اثنتان من الممرضات بدفع المرأة خارج حجرة العلاج و هي تصيح و تسب و تعلن إنها لو عرفت ان العلاج يتطلب نقل دم لما وافقت على إحضار ابنتها ثم أخذت تردد بعض الأدعية و النصوص الخاصة بجماعتها الدينية
لاحظ أن هناك شيئا غريبا في تصرفاتها و طريقة كلامها، تبدو كما لو كانت تتصرف و هي مـُـنَوَمَة، كما لو كان هناك شخص ما يمسك بجهاز ريموت يحركها بواسطته، أخرجت المرأة و أغلق الباب و تم نقل الدم بنجاح، نظر إلى الفتاة و التي تغير لون بشرتها بعد نقل الدم، خصلات شعرها الأسود الطويل الناعم تغطي جبهتها، تتنفس ببطء و عمق، تبدو كملاك نائم جميل الملامح، هناك جو عام من السلام يحيط بها، ترى أتدري بالصراع الذي دار من لحظات حول حياتها؟ و كيف يا ترى سيكون مستقبلها مع أم كهذه؟ هل ستكون هي أيضا بعد عدة سنوات نسخة من أمها؟
طلب من الممرضة أن تزود الفتاة ببعض المحاليل المقوية من خلال شرايين ذراعها ثم غادر الحجرة، في الخارج وجد المرأة مازالت منفعلة، هناك رجلين معها، يبدو ان أحدهما زوجها بينما الآخر أكبر حجما و يحيط نفسه بهالة من الأهمية، الرجلان ملتحيان و لباسهما مـُميز و يغطيان رأسيهما، التف الثلاثة حوله، يشتكون و يلومون، اتهمه الشخص الضخم بأنه يتدخل فيما لا يعنيه، شـَعر بالمضايقة و بأنه هناك صراع يفرض عليه، ليس من طبيعته أن يدخل في معارك، ما يسعى إليه فقط هو أداء واجبه الوظيفي على أكمل وجه، حاول أن يتناقش مع الشخص الضخم و لكن مثلما حدث مع المرأة من قبل لم يتمكن من الوصول لعقله، قال له بحده و وضوح:
ـ واجبي أن أنقذ حياة هذه الفتاة و لن يتم ذلك إلا بنقل الدم، لو أنك تعترض على عملية نقل الدم نتيجة لأي معتقدات لديك فأنت تعرض حياة الفتاة للخطر، تعرضها للموت، و هذا ببساطة و صراحة جريمة و ضد القانون.
أجاب الرجل بصوت عميق جهوري مسرحي:
ـ لا قانون يعلو على إرادة الله.
أومأ الرجل الآخر والد الفتاة موافقا، أخذ يفكر هل هناك جدوى من محاولة إقناعهم أم من المفروض أن يبعدهم عن الحجرة التي ترقد فيها الفتاة و لو اضطر لاستدعاء أفراد أمن المستشفى؟
لاحظ أن الأم قد انسحبت بهدوء من جانبهم ثم فتحت باب غرفة الفتاة و اندفعت للداخل.
النهاية الأولى:
أذهلته المفاجأة، اندفع لأقرب تليفون، طلب أفراد أمن المستشفى، توجه إلى داخل الحجرة، شاهد المرأة تطبق بيديها على عنق ابنتها بمنتهى العنف و تردد أنها ستنفذ إرادة الله و تتمتم ببعض التراتيل الغير مفهومة له، اندفع نحو المرأة حاول الرجلين أن يحولا بينه و بين الأم و التي تركت عنق جثة الفتاة الهامدة و هي ما زالت تردد تراتيلها و تسير بعيدا عن الفراش كأنها مـُنـَوَمـَة.
جس نبض الفتاة، تأكد له موتها، إنهار على مقعد بجوار الفراش، رغم تعرضه خلال سنوات عمله كطبيب في الطوارئ لكثير من المواقف الصعبة إلا أن هذا الموقف قد حطمه، لا يدري إذا كان سيستطيع بعد ذلك مواصلة عمله كطبيب، بل مواصلة حياته كإنسان سـَـويْ.
النهاية الأخرى:
أذهلته المفاجأة، لكنه لم يضيع الوقت، اندفع نحو المرأة التي قبضت بيديها على عنق ابنتها النائمة تحاول خنقها، حاول الرجلان منعه لكنه أزاحهما جانبا بقوة و شراسة، ضرب الأم على مؤخرة رأسها، ترنحت قليلا، أبعدها عن الفراش ووقف حائلا بينها و بين مريضته، حاولت الاقتراب مرة أخرى و من ورائها الرجلان، خطف الحامل المعدني المعلقة به حافظة المحلول المتصل بشريان الفتاة، لوح بقاعدته الحديدية الثقيلة في وجوههم، صاح بهم غاضبا مهددا أنه سيحطم رأس من يقترب من الفتاة، و أمام الجمع الذي التف حولهم صاح مرة أخرى أن معتقداتهم و طريقة فهمهم لعقيدتهم خطأ و أنه لن يسمح لهذا الخطأ أن يضيع حياة ابنتهم.
توقفت الأم و الرجلان للحظة يعيدون حساباتهم، لم يقرروا بعد ما الخطوة التالية، أما هو فقد شعر بالقوة و أنه مستعد أن يبقى حاملا سلاحه بيديه حاميا للفتاة إلى ما لا نهاية.
انا ما ادعيت اني جهبذ بعالم القصة القصيرة...!!!؟؟؟ انا ابديت رايي بس مو اكتر,ولا حتى هون ابداء الراي ممنوع ياسيد عصام!!؟؟انا كل يلي قلتو انو هي القصة كتير بعيدة عن مجتمعناالسوري,القصص الخمسة الماضيين كانوا غاية بالروعة,ومن صميم واقعنا,بس هي القصة بدك تسمحلي انت والسيد شريف كتير بعيدة عنا,ومستحيل تصير ثقافة مجتمع للاسباب يلي ذكرتها,انا باقترح عالكاتب تاليف قصة قصيرة عن امثال السيد عصام يلي اذا حدا ما وافقهن الراي بيتهموا بالجهبذة!!تحياتي مرة تانية للكاتب وبانتظار قصص اخرى.
أستاذنا الكبير : أعجبني جدا التصرف بالأحداث وسلاسة الوصول الى القارئ . وهذا ليس غريبا على أستاذ وأديب يملك براعتكم في التعبير . والتصور والتصوير . بارك الله جهودكم . وأجمل ما في النقاش حول القصة أنكم لاتعلقون على تعليقات الجهابذة في عالم القصة القصيرة . ولكم مني كل أحترام
لماذا هذه السيناريوهات فالتعامل مع هؤلاء المتحجرين ليس باقناعهم بل بكل بساطة ولدى خروجه من الغرفة يقول لقد شاء الله ان تتعافى الفتاة دون الحاجة الى نقل الدم واذا لم تصدقوا اسألوها
لانو هيك مستوى من التفكير بدو ارضية وقاعدة شعبية لينتشر,وانت ببلد الحمدلله تلتين الجامعيين فيها من المتدينين,يعني برات هي اللعبة كلها,انت بسورية اخر التخلف يلي ممكن تشوفو امراة عم يطلب منها الشرطي الحارس على مبنى حكومي انو تكشف عن وشها ليتاكد من شخصيتها فبترفض,اما توصل لها المستوى يلي حكيتو؟! حسستني اني عم شوف فلم the omen النسخة العربية يا زلمة,شو قتلت بنتها وشو عبارات مو مفهومة,اذا هالقصة صاير عن جد ما بتخوف لانو هدول الوحيدين بسورية,واذا سيناريو متكوب فلاقي غير مشاكل تكتب عنها,تحياتي.
هي القصة تبعك بتنفع تكون صايرة بالباكستان او افاغانستان (شي من هي الدول يلي مو فهمانين وين الله حاططهن),انت عايش بدولة حبيبي صرلها 40 سنة ونفس المواطن مراقب:تلفونو وايميلو وفوتو وطلعتو وشيخ الجامع والخطب والدروس بالجوامع ....الخ,يعني وحياتك الدولة عم تسمع دبيب النملة ومن زمان,وبما انو الدين بيتدرس بالمدارس تحت اشرافها(وهادا الشي الوحيد يلي بحيي المسؤولين عليه حتى ما نصير متل لبنان مثلا)فهيك نموذج ان وجد بكون كم واحد بكل سورية ما بيخوفوا لانو لا هنن كتار ولا في مين يسمعلهن
أستاذنا المحترم صقر سوريا . أنا جداً أسف إن كان وصلك شي سيء مني . ولم أكن أقصد التجريح إنما كان رأياً في مقابل رأيكم الكريم . وأنا أيضاً يحق لي لتعليق مثلكم تماماً . أعود فأقول المعذرة من كاتبنا الهمام الأستاذ شريف رفعت فلقد حولنا مساهمته الى ساحة سجال . وأكرر أعتذر من حضرتك وأنا جاهز للصلح ( وبدبحلك خاروف )خذني بحلمك أستاذنا الصقر . فسمة الصقر السوري الصبر والتأني .