syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
فيسبوكيات.. الألم حين يغري بالضحك ... بقلم : حسين خليفة

تنقب في صفحات (الفيسبوك) فلا تكاد تجد عند (المفسبكين) إلا نوعين من الهموم غالباً، وهي هموم كبيرة ومهمة وحساسة وتقرر مصير وطن.


الأول هو الهم الوطني السوري، الجرح السوري الذي يكبر بسرعة، يزداد نزيفه، ولا حلول في الأفق سوى الكلام، الفيسبوكيون السوريون وأصدقاؤهم يرصدون هذا الوجع بكثافة كبيرة، منهم المعارض على تدرجات المعارضة، ومنهم المؤيد على تباين درجة التأييد أيضاً..الفضاء يتسع للجميع كما ينبغي أن يكون الوطن أيضاً.. سورية التي نحلم ونريد لها أن تكون، وطناً لجميع أبنائها مهما كانت انتماءاتهم وآراؤهم.

الهم الآخر الذي يقلق مضاجع الناس منذ بدء الخليقة هو الحب... ليس هماً، بل هو أوسع مدى من تعريف، يكتب عنه الفيسبوكيون ولا يتعبون، ويبقى البشر مصلوبين إلى جدرانه العالية الواسعة الممتدة إلى نهايات الأفق اللانهائي.

* * *

نبدأ بصفحة من الصفحات الكثيرة المهتمة بزياد الرحباني وتنقب عن بعض كنوزه، يقول زياد:

(يعني تصور أنو تقعد تفصل لكل واحد حرب متل مابدو، وثورة متل ماهو بدو ياها، وتزبطلو التاريخ كلو سوا ع زوقو..)

أما يحيى جابر الشاعر الجميل والمشاغب فيكتب بطلاقة لافتة نصاً يومياً مترعاً بالحياة والوضوح:

الجنس ليس رذيلة والسياسة أيضاً.. وإنما هناك أنذال يمارسونها خلافاً للطبيعة الإنسانية.

* * *

عن حمص، سورية المصغرة، التي تعيش نزيفها الأكبر يكتب ناجي درويش، الحمصي الجميل، السوري المزمن:

في حمص

وكي لا أموت مديناً لقاتلي

أسير وفي جيبي ثمن رصاصة.

* * *

أخاف التفكير بصوت عالٍ

كي لا تتناقل الفضائيات خبراً يقول: سماع دوي انفجارات في حمص

* * *

فادي حسين الحمصي الممتلىء شعراً وأحلاماً يكتب عن حالة صغيرة تعكس الخلل الكبير في حالة البلاد:

أعلن انشقاقي عني

لم أعد أطيقني

فمن كثرة مساهمتي في الفساد اشتريت ليتر المازوت بـ 21 ليرة.

* * *

عبد الحسيب زيني الشاب المميز بحسه العالي والمرهف في التقاط اللامرئي في المرئي يكتب أيضاً وجع حمص، وجع سورية:

يظنون أني صغير ولا أفهم شيئاً.. لا أريد قبّوع بوظة على شوكولا.. ولا أريد كهرباء لأتفرّج على أفلام الكرتون.. ولا أريد كيساً من الفستق المحمّص الساخن.. ولا أريد أن أذهب إلى المدرسة.. فقط أريد أبي الحزين أن يتوقف عن تدخين السجائر ويخرج من غرفته ويجلس معنا.. و أريد من أمي أن تتوقف عن البكاء، وتعود كما كانت تلاعبني وتحكي لي الحكايات الجميلة.. منذ أن غادر أخي محمد البيت تغيّر كل شيء.. وأصبح البيت عاتماً وأصوات الرصاص المزعج تأتي من بعيد ويضرب جدران بيوت الحارة..).

* * *

سننهي حديثنا عن حمص بطرفة ترويها خولة غازي.. لا تستغربوا.. رغم كل الألم ما زال أهل حمص يصدرون النكات والحلاوة الحمصية:

أبو عامر

حمصي سافر إلى السعودية ليشتغل...سأله السعودي : ويش تبغى تشتغل إنتا؟

رد الحمصي : أي شي بشتغل.. إنشالله خادم الحرمين الشريفين... المهم أشتغل..).

كم أنت كبير أيها الحمصي!!

* * *

عبود سعيد الساخر من كل شيء حتى من نفسه، ذلك المشاغب الجميل على جدران الفيسبوك يكتب:

نكاية بـ الذين يذهبون إلى مدينة الملاهي / تعالي لنتزحلط على الدرج.

* * *

ويكتب أيضاً: أنا ابتسم للرغيف السخن.

* * *

حين يناوش الشعراء عالم السياسة بلغتهم وبحالاتهم تبدو (مداخلاتهم) جميلة. قيس مصطفى الشاعر والصحفي يخلط الحب بالسياسة فتبدو خلطة شعرية مترفة:

قالت: أنا منحبكجية لك. تخيلتها تضيف: أنت لا يجب أن تحبني فقط.. يجب أن تحب كل نساء العالم يا سيادة القيس. وكأي ديكتاتور.. لم أرفض، طربت. وكأي ديكتاتور نزلت إلى الساحة....إلخ.

* * *

الشاعر تمام تلاوي يروي قصة قصيرة جداً من وحي إحدى حلقات (بقعة ضوء)، الرجل البخاخ، أظنكم تتذكرونها جيداً، أقصد الحلقة نفسها:

تزوج الرجل البخاخ من المرأة البخاخ وأنجبا ولداً بخاخاً.. كبر الولد وصار يمشي.. مر بحائطي هذا يوماً وكتب عليه: يسقط المجرم تمام التلاوي.. فسقط الحائط.. سقط الحائط بيني وبين الولد.. ورآني وراء الركام عارياً.. عارياً وعلى حقيقتي.

* * *

واحة شعر

رائد خليل فنان الكاريكاتور في أكثر من صحيفة منها (النور)، لا يكتفي بالسخرية من الوجع برسومه المميزة، رائد خليل على الفيسبوك شاعر أكثر منه رسام كاريكاتور، يكتب بوحه الحار والدافئ على صفحته، يأتي بصور وحالات غاية في الشفافية والإدهاش، يكتب ومضات روحه، نقرأ لرائد:

مشرّدٌ كلامك..

يئن..

(أما من)

دفتر

آوي إليه...؟

* * *

كثرتك...

غلبتْ

شجاعتي..!

* * *

كلما نبشوا في أرشيف جمري..

عن حطب هارب..

سال رماد دمي..!

.. * * *

أضيئيني..أضيئيني..

أخاف عتمة روحي...!

* * *

لأنك باسقة..

أعلنتكِ جذوري..!

* * *

كم خاب ظني..

حين كتبتكِ خطأ شائعاً..

ولم تصححيني..!

 

 

 

حسين خليفة

2012-01-24
التعليقات